"الإسلاموفوبيا" في الإعلام الفرنسي: عودٌ على بدء

02 أكتوبر 2014
كانت "لو فيغارو" سباقة الى التشهير بالمسلمين
+ الخط -
العنصرية سيدة الموقف في الإعلام الفرنسي بعد قرار باريس المشاركة في التحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". فلا يكاد يمر يوم من دون أن تطل علينا تعليقات ومقالات عنصرية، ضد المسلمين وضد العرب في الإعلام الفرنسي.

تقصف الطائرات الفرنسية في العراق مثلاً، تصيب أهدافها أو لا تُصيبها، يُقتل فرنسيون، ويُحمَّلُ مسلمو فرنسا مسؤولية صمتهم المزعوم وعدم حماسهم للمجاهرة بدعمهم الموقف الرسمي الفرنسي.
وقد كانت صحيفة "لوفيغارو" سبّاقة الى التشهير بالمسلمين في فرنسا، وقد صل حدّ التشكيك في ولاء هؤلاء الفرنسيين من أصول عربية وإسلامية للدولة.

وهو ما ردّ عليه رؤساء الجمعيات وعمداء المساجد في فرنسا بالدعوة الى وقفة "تُدين كل أشكال الإرهاب الأعمى، التي يتبرأ منها الإسلام والمسلمون، وتعلن حزنها الكبير والصادق على مقتل الرهينة الفرنسي، هيرفي غورديل، في الجزائر".

لكن بعض الصحافيين أصروا على موقفهم، ومن بين هؤلاء بُونْوا رايسكي، المؤرخ والصحافي الفرنسي في موقع "أتلنتيكو" الإلكتروني. رايسكي الذي يعرف تارة بـ"إسلاموفوبي اليسار" وتارة أخرى بـ"إسلاموفوبي اليمين"، تأكيداً منه على أنه لا يجب أن يكون ثمة فرق بين اليسار واليمين في التعامل الصارم مع الإسلام.

وقد استغل رايسكي، بشكل لا أخلاقي، مقتل الرهينة الفرنسي، هيرفي غورديل، في الجزائر، ليصفي حساباته القديمة مع الجالية العربية والإسلامية في فرنسا، ومن خلالها مع قسم من اليسار ظلّ وفيّاً لأفكاره ومُثُلِه الإنسانية.

يقول رايسكي: إن الفرنسيين عولوا على وقفات ضخمة تخرج من المسجد الكبير ولم يحضر سوى عشرات. ويضيف مقارناً بين التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إبّان العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، التي شارك فيها عشرات الآلاف، وبين هذه الوقفة "التي منحتها وسائل الإعلام الفرنسية أهمية لا تستحقها". ويتخيل الصحافي مقابلة في كرة القدم بين المثالين سرعان ما تنتهي بالضربة القاضية: غزة تنتصر بـ30 مقابل صفر للرهينة المقتول هيرفي غورديل.

وذهب الصحافي أبعد من ذلك، فعزا سبب ضآلة مشاركة المسلمين في الوقفة إلى تكاثر التجمعات والجمعيات الموجودة في الضواحي "التي تعمل على محاربة "الإسلاموفوبيا" وتناصر فلسطين". ويرى أنه في المقابل "لا وجود لأية جمعية تحارب الجهادية والتعصب والإسلاموية والرعب الأصولي".

ويحتج رايسكي الذي اشتغل سابقاً مع صحيفة "فرانس سوار" الصهيونية و"غلوب إيبدو" قبل أن يتعاون مع موقع "بولفار فولتير"، على مقالة مدير تحرير ليبراسيون، لوران جوفران، الرافض لمنطق "صدام الحضارات"، والذي يرى أن اليمين هو الذي اخترعه. ويصر رايسكي على وجود هذا الصدام ويفسره بكون المسلمين لا يبالون لمقتل غير المسلمين "لو أن عربيّاً قُتل لكنّا عشرات الآلاف نزلنا نتظاهر منددين ومظهرين الغضب".

والحقيقة أنه مع تصاعد نفوذ "حزب الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف ودخوله التاريخي إلى مجلس الشيوخ بعد دخوله إلى البرلمان، بدأت العنصرية، التي تقتل في كثير من الأحيان، والأمثلة لا تنقصنا، تخرج من عقالها بكل حرية، وبعيداً عن كل رادع.
المساهمون