سنة 2011، أيّدت الحكومات والشعوب العربية بمعظمها الثورة السورية، فوجد النظام السوري نفسه مرغماً على تغيير نهجه، في ما يتعلق بالأفكار القومية العربية التي يتبنّاها حزب البعث الحاكم في سورية؛ فأحدث بشار الأسد في حزب البعث الاشتراكي تغييرات جذرية، إذ تخلّى الحزب عن مبادئه المتعلقة بالقومية والوحدوية والعروبة، وبدأ يروج الحزب لأفكار جديدة إعلامياً، ومن خلال الفعاليات الثقافية في الداخل السوري، وقد يكون العرض المسرحي "الأيقونة السورية - وطن"، الذي عُرض قبل أيام على مسرح دار الأوبرا في دمشق مثالاً جيداً على ذلك.
فقبل أيام، انطلق عرض "الأيقونة السورية - وطن" في دمشق تحت رعاية حزب البعث الاشتراكي، وبالشراكة مع نقابة الفنانين السورية، حيث أشرف نقيب الفنانين زهير رمضان على العرض، الذي انتقل سريعاً من خشبة المسرح إلى شاشات التلفزيون السوري. وعلى الرغم من البذخ في الميزانية الضخمة التي يرصدها النظام للعروض الوطنية التي تعمل على تلميع صورته، إلا أن تلك العروض تبقى عاجزة عن تقديم أي محتوى فني احترافي. بدا العرض مكلفاً من الناحية الإنتاجية، إذ اعتمد مخرجه، سامي نوفل، على الترويج لعرضه من خلال مشاركة عدد كبير من النجوم السوريين الذين عرفوا بتأييدهم النظام السوري، أمثال: نادين، أمانة والي، وفاء موصللي، جيانا عنيد، محمد خاوندي، جمال العلي، عامر العلي وممثلين آخرين، إضافة إلى ما يقارب السبعين راقصاً وراقصة من فرقة "ميرا" وفرقة "أجيال" للمسرح الراقص، ليظهر المسرح ممتلئاً بأكبر قدر من الممثلين من دون أي مبرر.
وصدّر صناع المسرحية الكثير من العناوين لعملهم، أولها: أن العمل يرتكز على الميثولوجيا السورية لإبراز دور سورية الحضاري وخلق نوع جديد من المسرح ينطلق من المثولوجيا إلى العصر الحديث لمحاكاة الواقع، إلا أن العمل ليس سوى نسخة مشوهة من الفيلم الأميركي "night in museum"، إذ تدور أحداث العرض حول مجموعة من الشباب يلجون للاختباء بمتحف هرباً من الاشتباك والقصف، حيث يقوم عسكري شاب بإدخالهم إلى المتحف ويتم حصرهم فيه ولا يستطيعون الخروج منه، وفيما بعد تبدأ تماثيل الآلهة الكنعانية في المتحف بالتحرك والتحدث معهم. ويبدو واضحاً أن السبب وراء العودة للميثولوجيا الكنعانية هو سلخ سورية تاريخياً عن بقية الوطن العربي.
يعمل العرض على تشويه تلك الأساطير وتحريفها لغرض سياسي واضح وفج، إذ تفتح أحداث المسرحية بعبارة نسبت للإله "بعل": "قدر السوريين أن يعيدوا تنظيم العالم كلما وصل إلى الخراب"، ومن خلال الإسقاطات والترميز يستعرض العمل الصراع بين الإله "بعل" والإله "يم"، الذي تمرد وعارض سلطة مجمع الآلهة وحاول أن يطغى ويسلب السلطة، لتبدو الحكاية الميثولوجية حكاية رمزية لها إسقاطات على الصراع بين السوريين المؤيدين والمعارضين، فيقوم "يم" بنشر الفوضى، التي قُصد بها الثورة، وينتهي العرض بانتصار "بعل" وتنصيبه ملكاً، وتعليق علم النظام السوري على عرشه!
ويؤكد العمل على أن الشباب استطاعوا النجاة من الكارثة، ليس فقط لأن المكان آمن، وإنما لإيمانهم بأن تلك التماثيل قادرة على حمايتهم، وأن تلك الرموز هي التي صنعت تاريخاً وحضارة سورية قادرة على حمايتهم، وتتم المقاربة بين تلك الرموز الميثولوجية وحزب البعث العربي وبشار الأسد، حيث يؤكد العرض على أهمية الإيمان المطلق بالرموز الوطنية من دون أي جدل، والإصرار على تربية الجيل الجديد على هذه الثوابت، إذ ينتهي العرض بفوز الإله "بعل" وولادة امرأة لطفل سُمي "وطن"، وهو يرمز إلى مستقبل الوطن.
وتم التسويق للعمل على أنه أضخم عرض حركي راقص، إلا أن الحقيقة أنه عبارة عن حشد لممثلين من دون من داعٍ على الخشبة، حتى يبدو المسرح غير قادر على استيعابهم، وأغلب الممثلين عانوا بشكل فاضح من صعوبة الحركة، وكانت حركة الراقصين غير منسجمة أو حتى مدروسة، بل بدت أشبه برقصة أبطال المسلسل الكرتوني الشهير "تلتا بييز".
اقــرأ أيضاً
وبرر المخرج ذلك من خلال تصريحات لنقاده بأن العرض خلق مدرسة جديدة في فن الرقص، ولم تنسجم الإضاءة أو الموسيقى مع الحكاية والسرد، فكان العرض عبارة عن فوضى لا معنى لها، تتخللها أصوات للغيتارات الكهربائية أحياناً والموسيقى الإفريقية أحياناً أخرى، ليبدو كل شيء عشوائياً لا يهدف سوى لبث خطاب مباشر عن عراقة سورية وحماية النظام وجيشه لهذا الإرث.
فقبل أيام، انطلق عرض "الأيقونة السورية - وطن" في دمشق تحت رعاية حزب البعث الاشتراكي، وبالشراكة مع نقابة الفنانين السورية، حيث أشرف نقيب الفنانين زهير رمضان على العرض، الذي انتقل سريعاً من خشبة المسرح إلى شاشات التلفزيون السوري. وعلى الرغم من البذخ في الميزانية الضخمة التي يرصدها النظام للعروض الوطنية التي تعمل على تلميع صورته، إلا أن تلك العروض تبقى عاجزة عن تقديم أي محتوى فني احترافي. بدا العرض مكلفاً من الناحية الإنتاجية، إذ اعتمد مخرجه، سامي نوفل، على الترويج لعرضه من خلال مشاركة عدد كبير من النجوم السوريين الذين عرفوا بتأييدهم النظام السوري، أمثال: نادين، أمانة والي، وفاء موصللي، جيانا عنيد، محمد خاوندي، جمال العلي، عامر العلي وممثلين آخرين، إضافة إلى ما يقارب السبعين راقصاً وراقصة من فرقة "ميرا" وفرقة "أجيال" للمسرح الراقص، ليظهر المسرح ممتلئاً بأكبر قدر من الممثلين من دون أي مبرر.
وصدّر صناع المسرحية الكثير من العناوين لعملهم، أولها: أن العمل يرتكز على الميثولوجيا السورية لإبراز دور سورية الحضاري وخلق نوع جديد من المسرح ينطلق من المثولوجيا إلى العصر الحديث لمحاكاة الواقع، إلا أن العمل ليس سوى نسخة مشوهة من الفيلم الأميركي "night in museum"، إذ تدور أحداث العرض حول مجموعة من الشباب يلجون للاختباء بمتحف هرباً من الاشتباك والقصف، حيث يقوم عسكري شاب بإدخالهم إلى المتحف ويتم حصرهم فيه ولا يستطيعون الخروج منه، وفيما بعد تبدأ تماثيل الآلهة الكنعانية في المتحف بالتحرك والتحدث معهم. ويبدو واضحاً أن السبب وراء العودة للميثولوجيا الكنعانية هو سلخ سورية تاريخياً عن بقية الوطن العربي.
يعمل العرض على تشويه تلك الأساطير وتحريفها لغرض سياسي واضح وفج، إذ تفتح أحداث المسرحية بعبارة نسبت للإله "بعل": "قدر السوريين أن يعيدوا تنظيم العالم كلما وصل إلى الخراب"، ومن خلال الإسقاطات والترميز يستعرض العمل الصراع بين الإله "بعل" والإله "يم"، الذي تمرد وعارض سلطة مجمع الآلهة وحاول أن يطغى ويسلب السلطة، لتبدو الحكاية الميثولوجية حكاية رمزية لها إسقاطات على الصراع بين السوريين المؤيدين والمعارضين، فيقوم "يم" بنشر الفوضى، التي قُصد بها الثورة، وينتهي العرض بانتصار "بعل" وتنصيبه ملكاً، وتعليق علم النظام السوري على عرشه!
ويؤكد العمل على أن الشباب استطاعوا النجاة من الكارثة، ليس فقط لأن المكان آمن، وإنما لإيمانهم بأن تلك التماثيل قادرة على حمايتهم، وأن تلك الرموز هي التي صنعت تاريخاً وحضارة سورية قادرة على حمايتهم، وتتم المقاربة بين تلك الرموز الميثولوجية وحزب البعث العربي وبشار الأسد، حيث يؤكد العرض على أهمية الإيمان المطلق بالرموز الوطنية من دون أي جدل، والإصرار على تربية الجيل الجديد على هذه الثوابت، إذ ينتهي العرض بفوز الإله "بعل" وولادة امرأة لطفل سُمي "وطن"، وهو يرمز إلى مستقبل الوطن.
وتم التسويق للعمل على أنه أضخم عرض حركي راقص، إلا أن الحقيقة أنه عبارة عن حشد لممثلين من دون من داعٍ على الخشبة، حتى يبدو المسرح غير قادر على استيعابهم، وأغلب الممثلين عانوا بشكل فاضح من صعوبة الحركة، وكانت حركة الراقصين غير منسجمة أو حتى مدروسة، بل بدت أشبه برقصة أبطال المسلسل الكرتوني الشهير "تلتا بييز".