رغم أن فيلم "الأعسر" للمخرج الأميركي أنطوان فوكوا (1966)، لا يستند إلى سيرة أحد الأبطال كما هي العادة في أفلام الدراما الرياضية، إلا أنه يقدّم قصة مميّزة عن معاناة ملاكم نزل من القمّة إلى القاع، عبر سرد تفاصيل قاسية من حياته بعيداً عن شهرته فوق الحلبة.
نتعرف على بطل الفيلم الملاكم بيلي هوب (يقوم بدوره الممثّل جاك غالينهال) وقد أحرز لقب بطولة العالم للوزن الثقيل، بيلي الذي كانت لديه عادة غريبة في القتال، فهو لم يكن يحمي نفسه وكان يسمح لخصمه بلكمه في الوجه مباشرة، كي يزيد من حماسه للفوز.
زوجة بيلي مورين (تؤدّي دورها الممثلة راشيل ماكأدامز) لم تكن راضية عن كيفية خوض بيلي لنزالاته، فقد كانت تخبره، وهي التي لا تعرف الكثير عن الملاكمة، أن عليه حماية وجهه، وأن كل المحيطين به لا يهمّهم سوى الفوز بينما يهمّها هي أن يظلّ زوجها سالماً.
مورين كانت هي من تخطّط لحياة بيلي، ستأخذه إلى عشاء خيري يقدّم فيه كلمة عن حياته في الملجأ؛ حيث نشأ، سيكون الملاكم إسكوبار خصم بيلي أيضاً من المدعوين، وسينشأ احتكاك بينهما فيطلق أحد مرافقي إسكوبار النار عشوائياً لتصيب رصاصة طائشة زوجة بيلي وتسقط ميتة.
حياة بيلي ستنقلب بعد موت زوجته؛ فقد دخل في دوّامة عنف تجاه من حوله وتجاه نفسه، حاول الانتقام لزوجته، وحاول الانتحار، ثم حرمته المحكمة من حضانة ابنته التي لم تعد ترغب في رؤيته.
وبعد تراكم الديون عليه، تطرده المحكمة من بيته وتصادر سيارته. لم يعد يملك شيئاً غير قبضتيه اللتين صعدتا به إلى القمة. بيلي شاهد كيف تحقّق كلام زوجته، أحسّ بالوحدة بعدما كان الكل يحيط به في السابق.
سيعود بيلي إلى تمارينه في صالة رياضية للهواة، ويقبل بالشروط القاسية التي وضعها صاحب الصالة تيك ويلس (يؤدي دوره الممثل فوريس وايتكر)، ويقبل مكرهاً تنظيف القاعة كوظيفة جديدة.
المدرّب تيك ويلس كان يريد أن يعلّم بيلي أن يتخلّى عن العنف لأنه السبب الذي غيّر حياته، فلولا تشنّجه في ذلك الحفل الخيري لما ماتت زوجته. علّمه أيضاً استراتيجية دفاع لكي يحمي وجهه. وبعد فوزه في لقاء خيري، سيعود مدير العمليات جوردان ميني (بأداء من مغني الراب فيفتي سانت) ليرتب لقاء بين بيلي وإسكوبار، الرجل نفسه الذي تسبّب في موت زوجة بيلي، سيفوز بيلي وسيستعيد لقبه وابنته واحترام الناس.
يحمل فيلم "الأعسر" العديد من سمات أفلام السّير الذاتية، لأن كاتب السيناريو كيرت سوتر استوحى القصة عن حياة مغني الراب مارشال ماثرز (إمينيم)، حيث عرفت مسيرته انتكاسة كبيرة في السنوات الأخيرة بعد إدمانه لمجموعة من أنواع الحبوب خاصة المنومة، إمينيم دخل مصحة للعلاج عام 2005 وبعدها استطاع العودة إلى القمة من جديد.
الدور الرئيسي في الفيلم كان من المفترض أن يذهب لإمينيم نفسه، لكنه تراجع في النهاية عن قبول الدور لصالح جاك غالينهال الذي كان أنسب، ليس فقط في المظهر الذي تطلّب منه زيادة حجم عضلاته أو إتقانه لتحركات الملاكم، لكن أيضاً باستطاعته التعبير عن مشاعر الرياضي عندما يفقد كل شيء، عندما تحوّل من بيلي هوب العظيم إلى مجرّد عامل نظافة وهذه التفاصيل قد تكون من أهم ميزات الفيلم.
سبق أن نجحت أفلام كثيرة، مثل "روكي"، في تقديم حياة الملاكم من المجد إلى النسيان، وينجح فيلم "الأعسر" أيضاً في تقديم ما يجهله الجمهور عن حياة الملاكم، حياة المعاناة والألم بعيداً عن أضواء الشهرة.
اقرأ أيضاً: مهرجان "فيلم المقاومة الثقافية": انتحال الهويات بحثاً عنها