بدأت منذ سنوات الدراسات المستقبلية تبرز في الساحة العربية، سواء من خلال مؤلفات أو ترجمة أبرز المستقبليين في العالم، مثل جريمي ريفكين وإلفن توفلر، غير أن هذا المجال ظل معتمداً على مبادرات فردية في التأليف أو الترجمة.
لعل الدورية الجديدة التي يطلقها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بعنوان "استشراف" (كتاب سنوي)، تساهم في تأسيس المستقبليات في المنطقة العربية وترسيخها وتداول مفاهيمها وأدواتها، خصوصاً أنها ميدان عابر للاختصاصات، وهو ما يتقاطع مع الكثير من اهتمامات المركز.
ويركز العدد الأول على البعدين المنهجي والابستيمولوجي للدراسات المستقبلية، إذ نقرأ مجموعة من البحوث ضمن هذا التوجّه، مثل "تكامل التقنيات المنهجية الكمية والكيفية في الدراسات المستقبلية" لـ وليد عبد الحي؛ و"أهمية صناعة المؤشّرات في الاستشراف الاستراتيجي: مدخل معرفي منهجي" لـ قاسم حجاج؛ و"الخيارات المعرفية والمنهجية في بناء السيناريوهات لدى المدارس الاستشرافية المختلفة" لـ محمد خميس.
كما يحاول العدد الأول تقديم قراءات حول حصيلة الدراسات المستقبلية العربية خلال العقود القليلة الماضية وتحليلها، وهو ما نجده في مقالين هما: "تأثير الأبعاد المنهجية على الحصيلة العلمية والمجتمعية للدراسات المستقبلية العربية" لـ ناصر محمد علي الطويل؛ و"مستقبل الأمة العربية: التحدّيات.. الخيارات: استشرافٌ للمستقبل أم تطلُّعٌ أيديولوجي؟" لـ شمس الدين الكيلاني.
ونقرأ أيضاً في العدد الأول مادة لـ هوغ دو جوفنيل، رئيس "الجمعية المستقبلية الدولية"، وهو مقال بعنوان "الاستشراف والسياسة" خصّ به كتاب "استشراف" السنوي، وعاد فيه إلى السؤال عن فائدة المقاربات الاستشرافية وفاعليتها، مبيّناً أنه من الصعب الإجابة عن هذا السؤال ما دام الرابط معقّدا بين التفكير واتخاذ القرار.
"استشراف" هي الدورية المحكمة الخامسة التي يطلقها "المركز العربي"، بعد "تبيّن" للدراسات الفكرية والثقافية، و"عُمران" للعلوم الاجتماعية والإنسانية، و"سياسات عربية" التي تعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، و"أُسطور" للدراسات التاريخية. ولعل "استشراف" تمثل تتويجاً لهذه الدوريات حيث إن الدراسات المستقبلية تأخذ من جميع هذه الاختصاصات وتؤلف بينها.