"إنزال"عدن: التحالف يُسقط سلاحاً من الجو والحوثيون يتراجعون

04 ابريل 2015
اللجان طردت الحوثيين من قصر المعاشيق (الأناضول)
+ الخط -

خرق مشهد العمليات الميدانية والقصف الذي تنفذه "عاصفة الحزم" في اليمن، تطورٌ هو الأول من نوعه، أمس الجمعة، مع إسقاط قوات التحالف أسلحة وتعزيزات عسكرية للأهالي واللجان الشعبية التي تواجه الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في عدن، في تطور رأى فيه مراقبون أنه يدخل في سياق تحضير الأجواء لعمليات برية.

وبالتزامن، شهدت عدن تراجعاً للحوثيين وقوات صالح وانسحابهم من قصر المعاشيق الرئاسي، جراء الضربات الجوية التي استهدفتهم، والتي تواصلت أيضاً في صنعاء وصعدة ومحافظات أخرى.

وكشف مصدر قيادي في اللجان الشعبية الجنوبية، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات التحالف قامت بعمليات إنزال لكميات كبيرة من العتاد، بأوقات متعددة وفي أكثر من خمس مناطق في عدن". القيادي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه وعدم الكشف عن مناطق الإنزال، نظراً لما قال إنها إجراءات أمنية، أوضح أن "اللجان بدأت تتخذ إجراءات أمنية دقيقة لتحركاتها، وتحركات قياداتها، ولا سيما في ظل عملية إعادة ترتيب الأوراق وترتيب وضع قياداتها في عدن".

وذكر المصدر أن "العتاد العسكري الذي تم استلامه وقامت بإنزاله طائرات عسكرية للتحالف، مؤلف من أسلحة حديثة متوسطة، بما فيها "آر بي جي" وصواريخ صغيرة، إضافة الى عدد كبير من أسلحة القناصة". وهذه الأخيرة، قال المصدر إنها "من ضمن الحلول التي اتخذتها اللجان الشعبية الجنوبية، لمواجهة القناصة الحوثيين، وقوات مكافحة الإرهاب الموالية للرئيس المخلوع، والتي يستخدمها ضد الجنوبيين".

وكشف القيادي نفسه أن "عملية تنسيق عالية المستوى تجري بين اللجان الشعبية وقيادة تحالف عاصفة الحزم، بدأت خلال اليومين الماضيين"، ملمّحاً إلى أن "هناك عملية تطهير وتحرير واسعة لعدن، من قِبل اللجان الشعبية الجنوبية، واللجان الأهلية في الأحياء والمدن، وبتنسيق ودعم من التحالف ضد الحوثيين، والقوات الموالية للرئيس المخلوع". وأوضح أن "اللجان الشعبية الجنوبية هي التي استلمت العتاد العسكري، الذي سيتم توزيعه على جبهات المواجهة، ضمن الخطط الجديدة للجان".

وكانت مصادر قد كشفت، لـ"العربي الجديد"، أن "قيادة عاصفة الحزم أبلغت قيادة اللجان الشعبية، وعدداً من القبائل، بأنها ستقوم بتوفير كل المتطلبات العسكرية اللازمة لاستمرار مواجهة الحوثيين وقوات صالح، لدحرهم من مناطق الجنوب والشرق".

ويرى بعض المراقبين أن عملية إنزال العتاد للجان الشعبية، في ظل الإجراءات الجديدة للجان، واستمرار عمليات القصف الجوي المكثّف من "عاصفة الحزم"، كلها إجراءات تدخل ضمن بداية تصفية الأجواء، لا سيما في عدن، لتكون مناسبة لعمليات برية لقوات التحالف.

في غضون ذلك، أكد المتحدث باسم "عاصفة الحزم"، أحمد عسيري، أنه جرى إسقاط دعم لوجستي للجان الشعبية، الذين استطاعوا تغيير الوضع على الأرض وطرد المليشيات الحوثية من القصر الرئاسي وبعض المناطق في عدن، معلناً أنه "يستمر العمل على عزل عدن عن أي دعم خارجي". كما لفت، في مؤتمره الصحافي اليومي، إلى أن "العمل يحتاج لتضافر جهود اللجان الشعبية والمخلصين، ليحكموا السيطرة على مدينة عدن"، معتبراً أن "محاولات مليشيات داعش وأعوانها يائسة ولن تحقق نتائج".

وكشف عسيري أن "قوات التحالف قامت باستهداف جزيرة ميون على باب المندب"، موضحاً أن "المليشيات الحوثية كانت تحاول استخدام التهريب إلى الجزيرة التي كانت تحوي دبابات وصواريخ، وتم تدمير كل الأهداف المستهدفة".

اقرأ أيضاً: انسحاب "الحوثيين" من القصر الرئاسي بعدن

وفي السياق، كشفت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد"، أن عملية ميدانية تمتد من الجنوب إلى الشمال للتنسيق بين قوات التحالف وأطراف يمنية، وفي مقدمتها بعض قبائل الشمال، موضحة أن عملية التنسيق وصلت إلى حد اختراق جبهة صالح والحوثيين بما فيها صفوف المؤسسة العسكرية والأمنية الخاضعة لنفوذهم، لا سيما وسط دعوات لإنقاذ ما تبقى من قوات وقدرات الجيش اليمني، وهو ما يرجّح حالات التمرّد التي تشهدها بعض ألوية الجيش، وإعلان بعضها تأييدها لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، تجنباً لتعرضها للقصف، وحفظ ما تبقى من ألوية ومعسكرات للجيش والحرس الجمهوري.

كما أن عملية الإنزال وطريقتها، لجهة تعدّد المناطق والتحفّظ على أماكنها وسرية نقلها، تؤكد أن هناك حركة جديدة للتحالف ميدانياً، وتأتي بعد عمليات قصف جوي تعرض لها الحوثيون، والقوات الموالية للرئيس المخلوع في عدن، من قوات التحالف، لا سيما أن القصف استهدف قصر المعاشيق، الذي كان الحوثيون قد توغلوا فيه عصر أمس الأول.

وفي التطورات الميدانية أيضاً، أكد شهود عيان أن الحوثيين انسحبوا من المعاشيق بعد تكبّدهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، فجر الجمعة، كما تراجعوا عن التوغل في مدينة كريتر، بعد الضربات التي تلقوها من اللجان الشعبية والأهالي وقوات التحالف، في ليلة كانت الأعنف على الحوثيين لجهة قصف طائرات التحالف عليهم، ما أجبرهم على التراجع، وفرار العديد منهم، فيما تم أسر البعض منهم من قبل الأهالي.

وقال سكان محليون، لـ"العربي الجديد"، إن منطقة خور مكسر تشهد هدوءاً حذراً منذ أمس، الجمعة، في ظل تقهقر المسلحين الحوثيين وقوات صالح، فيما فشلت هذه القوات في التقدم نحو عدن من الناحية الشمالية، بعدما واجهت مقاومة شديدة.

وكشفت مصادر أن المسلحين الحوثيين أبلغوا قادتهم بأنهم يواجهون قتالاً عنيفاً من اللجان الشعبية والأهالي، فوجئوا به ولم يكونوا يتوقعونه، مشيرة إلى أن القوات الحوثية فشلت حتى في استخدام ورقة القناصة، الذين كان يتم الاعتماد عليهم في التوغل داخل عدن.

وكانت مصادر في اللجان الشعبية قد أكدت، لـ"العربي الجديد"، أمس الأول، أنها باشرت خطة جديدة للتعامل مع القناصة، وأن خطتها فعالة للغاية.

وفي اليوم التاسع لـ"عاصفة الحزم" أيضاً، استمرت الضربات الجوية في صنعاء وصعدة، ومحافظات أخرى. واستهدفت الضربات الجوية، مساء الخميس وفجر الجمعة، مواقع عسكرية متفرقة في أطراف العاصمة، وفي مقدمتها معسكر "الصباحة"، غربي العاصمة، ومعسكر "الاستقبال" ومنطقة "بني حوات"، شمال العاصمة وقرب مطار صنعاء. وانخفض عدد الغارات بشكل ملحوظ، بعد استهداف معظم الأهداف والمواقع العسكرية في الأسبوع الماضي. وشهد مطار صنعاء هبوط طائرات مدنية لأول مرة منذ بدء "عاصفة الحزم".

ووفق مصادر في المطار، فقد هبطت حوالي أربع طائرات، اثنتان منها روسية والأخرى هندية، تولت نقل رعايا أجانب، من البلدين، وجنسيات أخرى. وعلمت "العربي الجديد" أن إصلاحات طفيفة جرت في مدرج المطار، بعد تأثره بضربات التحالف التي كانت أعنفها تستهدف "القاعدة الجوية"، القريبة من المطار، والمواقع المحيطة بها.

من جهة أخرى، نظّم أنصار حزب "المؤتمر"، الذي يرأسه صالح، تظاهرة، أمس الجمعة، في العاصمة صنعاء، رفعوا خلالها اللافتات المنددة بضربات التحالف.

يأتي هذا في وقت أعلنت فيه مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، فاليري آموس، مساء الخميس، أن حصيلة المعارك في اليمن بلغت في أسبوعين 519 قتيلاً ونحو 1700 جريح. وأعربت عن "قلقها البالغ" على سلامة المدنيين العالقين في المعارك الدائرة في هذا البلد، داعية مختلف أطراف النزاع إلى بذل قصارى جهودهم لحماية المواطنين العاديين.

المساهمون