ليس اللجوء فقط هو ذلك المشهد الذي تتناقله وسائل الإعلام؛ قوارب تملأها عائلات وأفراد تقطعُ البحر نحو الشمال، في رحلةٍ يُشكّل الموتُ غرقاً احتمالاً كبيراً فيها، وهو ليس مجرّد خبرٍ عاجلٍ حول العثور على جثثٍ للاجئين على أحد الشواطئ.
كلّ قاربٍ يُقلّ حيواتٍ كثيرة، لكل منها ذكرياتها وحكايتها المستمرّة، ابتداءً من الحرب التي دفعت بهم إلى تلك الرحلة الخطيرة، وليس انتهاءً بوصولهم ليتابعوا رحلتهم متنقلّين في عدّة بلدان، باحثين عن بلدٍ يؤمّن لهم مخيّماً ينتظرون فيه قراراً بالموافقة على بقائهم.
في هذا السياق، سيكون للفنّ دورٌ في مقاربة هذه الرحلة والحكايات، من خلال عدّة وسائط، الأفلام القصيرة والتصوير الفوتوغرافي أبرزها. من هنا، يأتي معرض "إذا رحلت، إلى أين أذهب؟"، الذي يُقام في غاليري "إيست وينغ" في دبي، ويستمر حتى السابع من نيسان/ أبريل الجاري.
يضمّ المعرض أعمالاً فوتوغرافية وفيلمية لثلاثة فنانين؛ هم تانيا حبجوقة من الأردن، وعمر إمام من سورية، والمصوّرة المغربية ليلى علوي التي قُتلت في كانون الثاني/ يناير الماضي إثر هجوم إرهابي على فندق في بوركينا فاسو.
من جهتها، تُقدِّم حبجوقة فيلماً قصيراً بعنوان "سورية من خلال الواتساب"، تقاربُ فيه وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في تعزيز الاتصال بين اللاجئين، من خلال قصص لآباء وأبنائهم، تسردها صور وتسجيلات عبر تطبيق "واتساب".
يمزج الفيلم بين صور لأطفالٍ في عدّة مخيّمات للاجئين السوريين، منها "الزعتري" في الأردن، وصور لعائلات في المخيم، أو أخرى لآباء هاجروا إلى أوروبا تاركين عائلاتهم في سورية أو في المخيمات، وينتظرون لمّ الشمل. الصور تبادلها الآباء مع الأبناء عبر "واتساب".
يقترح المخرج السوري عمر إمام، من خلال مشروعه "عيش، حب، لاجىء"، صوراً بالأبيض والأسود، ترصد لاجئين سوريين يحاولون التأقلم مع ظروف النزوح. في إحدى الصور، نرى لاجئة تجلس إلى طاولة عليها صحون فارغة، وإلى جانبها شخص يحمل صحناً فيه عشب.
فوتوغرافيا عمر إمام |
أسفل الصورة، ثمّة نص، يقول: "لم يكن متوفراً سوى الأعشاب، لكنني لم أكن قادرة على ابتلاعها، إلا إنني أرغمت نفسي على القيام بذلك أمام الأطفال ليتقبلوه كطعام"، في إشارة إلى اضطرار العديد من السوريين لتناول العشب نتيجة الحصار.
أما ليلى علوي، فيُعرض لها فيلم قصير بعنوان "معابر"، تصوّر فيه ما يواجهه المهاجرون الأفارقة من مناطق جنوب الصحراء الكبرى إلى أوروبا من عقبات، مضمّنةً إياه شهادات يُدليها النازحون حول ظروفهم المعيشية التي أجبرتهم على اختيار الهجرة، بما فيها من مخاطر، وسيلةً للخلاص.
من فيلم ليلى العلوي |