بعد مسار سياسي حافل بالأحداث السياسية والتطورات، وبالأحكام القضائية والانقلاب العسكري، تنحى رئيس الوزراء الباكستاني، محمد نواز شريف، اليوم الجمعة، عن منصبه، بعد أن أعلنت المحكمة العليا عدم أهليته، على خلفية تهم الفساد الموجهة إليه، والتي أظهرت أوراق "باناما"، تورط شريف وأسرته بالضلوع في الفساد، وامتلاك شقق ومشاريع تجارية خارج البلاد.
ويعتبر شريف رجلاً سياسياً ومن كبار رجال الأعمال في باكستان، وهو معروف محلياً باسم ميا محمد نواز شريف. ورث من أبيه التجارة وثروة هائلة، ولكنه لم يكتف بالأعمال، بل دخل ميدان السياسة في العام 1970 ونجح فيه، لولا الانقلابات وأحكام القضاء. كما يملك أكبر شركة تجارية تسمى "اتفاق كروب".
ولد في ديسمبر/ كانون الأول 1949، ودرس الابتدائية والمتوسطة والثانوية في مدرسة "سينت أنتوني هاي سكول"، ثم حصل على البكالوريوس في القانون من جامعة البنجاب. متزوج بكلثوم نواز، وهي من أصول كشميرية، وله عدد من البنين والبنات، لم يخض أحد منهم غمار السياسة سوى مريم نواز، المتهمة كذلك بالفساد وفق أوراق "باناما".
ومع قراره اليوم بالتنحي، يترك شريف منصب رئيس الوزراء للمرة الثالثة، إذ نجح الرجل في تولي المنصب للمرة الأولى في نوفمبر/ تشرين الثاني 1990، لكنه عزل من قبل الرئيس الباكستاني غلام إسحاق خان، بعد أن حلّ البرلمان في أبريل/ نيسان من العام 1993، ولكن بعد ثلاثة أسابيع عاد إلى منصبه بقرار من المحكمة، غير أنه لم يستمر كثيراً، إذ عاد واستقال في يوليو/ تموز من العام نفسه.
وفي المرة الثانية، عيّن شريف في منصب رئيس الوزراء في فبراير/ شباط 1997، بعد أن حقق حزبه "الرابطة الإسلامية" فوزاً كاسحاً في الانتخابات البرلمانية.
ومع توليه المنصب، قام شريف بتعديل الدستور، وقلّص من صلاحيات رئيس البلاد، والمتعلق منها بحلّ البرلمان وإقالة رئيس الوزراء، بعدما كان ضحية لذلك القانون، ولكن هذه المرة كان الانقلاب العسكري له بالمرصاد.
في أكتوبر/ تشرين الأول 1999، أمر شريف بإقالة قائد أركان الجيش، الجنرال برويز مشرف، وهو خارج البلاد. وعند عودة قائد الجيش، أمر شريف بعدم هبوط الطائرة التي كان على متنها، ولكنه تمكن من ذلك، وقام على إثره بانقلاب عسكري، اعتقل خلاله شريف وأفراد عائلته.
وبتدخل من الرياض، أفرج عن شريف بشرط ترك البلاد، فغادر إلى السعودية، حيث بقي فيها حتى سبتمبر/ أيلول 2007.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2013 نال شريف، للمرة الثالثة، منصب رئيس الوزراء، بعد أن حصل حزبه على الأغلبية في البرلمان، إلى أن صدر اليوم حكم المحكمة العليا بعزله، على خلفية تهم بالفساد.