"أوبك" تضم إندونيسيا لمحاصرة منافسيها

28 نوفمبر 2015
حقل نفط في العراق (Getty)
+ الخط -
تترقّب أسواق الطاقة العالمية، اجتماع منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك) في الرابع من ديسمبر/ كانون المقبل، لا سيما مع دخول متغيّر جديد يزيد من احتمالات بقاء السباق على الإنتاج، رغم استمرار الأسعار في الانخفاض.
وقررت "أوبك" قبل أيام، إعادة إندونيسيا لعضوية المنظمة، بداية من الشهر المُقبل، بعد تعليق عضويتها لمدة سبع سنوات، فيما ذكر تقرير حديث لمصرف "سيتي غروب" الأميركي، أن انضمام إندونيسيا لـ"أوبك" يعد إشارة إلى أن منظمة البلدان المصدّرة للنفط تخلّت عن دورها في دعم الأسعار، واستمرارها في زيادة حصتها السوقية بالرغم من ارتفاع المخزونات.
وكان قد تم تعليق عضوية إندونيسيا في بداية عام 2009، بعد أن تحولت لبلد مستورد للنفط، لكن الاكتشافات الأخيرة بالقرب من جزيرتي سيزام وسومطرة في الدولة التي تعتبر إحدى الدول المؤسِّسة للمنظمة، أعاد لها حق الانضمام للدول المصدّرة.
وأثار قرار أوبك بإعادة إندونيسيا إلى حظيرة "أوبك" شكوكا من محللين دوليين في قطاع الطاقة، واصفين الخطوة بالغريبة، إذ تستهلك الدولة الآسيوية نحو ضعف إنتاجها، كما بلغت فاتورة استيرادها للنفط 13 مليار دولار العام الماضي. لكن "أوبك" تؤكد أن إنتاج إندونيسيا يبلغ نحو 850 ألف برميل يوميا، كما تشير البيانات إلى تصديرها نحو 100 ألف برميل من الزيت الثقيل.
وعلى عكس التوقعات بأن تتخذ "أوبك" خطوات لخفض الإنتاج بهدف دعم الأسعار التي تراجعت لأكثر من النصف منذ منتصف العام الماضي 2014، توقع خبراء في الطاقة أن تناقش المنظمة اقتراحا من قبل ممثلين خطة لزيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا، تحسبا لارتفاع الطلب بسبب دخول فصل الشتاء، وهو ما يتوقع أن يزيد حالة الانقسام بالمنظمة، حيث يعارض عدد من الدول، على رأسها فنزويلا وإيران، زيادة الإنتاج، بسبب وجود فائض كبير يتجاوز الستة ملايين برميل فوق الطلب.
ويقول خبير النفط الكويتي، عبدالسميع بهبهاني، لـ"العربي الجديد"، إن عودة إندونيسيا لا تعني أن أوبك تعتزم تغيير سياستها القائمة على عدم خفض الإنتاج.

ويضيف بهبهاني "أستبعد أن يكون هناك تغيير في منهجية المنظمة في الاجتماع المرتقب.. رغم أن بعض الدول غير راضية عن حالة عدم الانسجام الحالية، إلا أنه من المستبعد أن يتم تغيير الاستراتيجية، بل من المتوقع أن يتم اتخاذ قرار بزيادة الإنتاج ليصل إلى 31 مليون برميل يوميا، بدلا من 30 مليون برميل حاليا".
ويتابع "نعم السوق متخم بالنفط، وهناك فائض كبير تعترف أوبك ببلوغه مليوني برميل يوميا، بينما يقدّره خبراء بنحو 6 ملايين برميل، لكن المنظمة تراهن على أن فصل الشتاء هو موسم زيادة الطلب على النفط".
لكن تقريراً حديثاً صادراً عن مصرف "مورغان ستانلي" الأميركي، أشار إلى أن هناك مخاطر تدفع باتجاه مزيد من الانخفاض في أسعار النفط في ظل ارتفاع المعروض على الطلب، موضحا أن أهم هذه المخاطر هي تباطؤ الاقتصاد العالمي وعودة النفط الإيراني برفع العقوبات الدولية عن طهران بمقتضى الاتفاق النووي مع الدول الكبرى.
في المقابل، توقعت "أوبك" قبل نحو ثلاثة أسابيع، نمو الطلب على إنتاجها خلال العام المقبل، مقابل تراجع المعروض من خارج المنظمة، في الوقت الذي رجحت فيه المملكة العربية السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، "تلاشي" المنافسين من خارج المنظمة تدريجيا بعد 2016، في ضوء تعرّض استثماراتهم لضغوط جراء استمرار الانخفاض في الأسعار.
وكان عبد الله البدري، الأمين العام لمنظمة "أوبك"، ذكر في كلمة نشرها موقع المنظمة على الإنترنت في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أنه يتوقع أن تصبح سوق النفط أكثر توازنا في 2016، مضيفا "نتوقع تراجع المعروض من خارج أوبك، وزيادة الطلب على خام المنظمة".
وتزامنت تصريحات البدري مع كلمة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، نائب وزير البترول السعودي، خلال اجتماع الطاولة المستديرة السادس لوزراء البترول والطاقة لدول آسيا بالعاصمة القطرية الدوحة، التي قال فيها إن خفض الاستثمارات في قطاع البترول في أماكن أخرى من العالم سيؤدي إلى تراجع إمدادات الخام من الدول غير الأعضاء في أوبك في 2016 وما بعده.

اقرأ أيضا: روسيا تقترح تخزين الغاز الإيراني

وأضاف "من المتوقع أن تنخفض إمدادات الدول المنتجة من خارج أوبك في 2016، أي بعد عام واحد فقط من تخفيض الاستثمارات. أما بعد 2016، فإن انخفاض إمدادات الدول المنتجة من خارج أوبك، سيكون بوتيرة أسرع، لأن إلغاء المشاريع الاستثمارية وتأجيلها سيظهر تأثيره على الإمدادات المستقبلية، كما سيتلاشى تدريجياً تأثير الاستثمارات في مجال إنتاج البترول التي جرت خلال السنوات الماضية".
وأجّلت شركات النفط حول العالم مشروعات تبلغ قيمتها نحو 200 مليار دولار، من بينها مشروعات متطورة ومرتفعة الكلفة، مثل مشروعات الرمال النفطية في كندا والمياه العميقة في أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

ويبدو أن العامل الوحيد الذي يدعم تحسن الأسعار يتمثل في انخفاض إنتاج النفط الصخري في أميركا. وحسب توقعات بول هورسنيل، من مصرف "ستاندرد تشارترد"، فإن إنتاج النفط الصخري سينخفض بحوالى 900 ألف برميل خلال العام المقبل. ويعتقد أن هذا الانخفاض سيمكّن الأسواق العالمية من امتصاص الفائض النفطي. ولكن في المقابل، فإن بعض المحللين يعتقدون أن تقنيات النفط الصخري تطورت في أميركا، وأن الشركات الأميركية يمكنها التأقلم الآن حتى مع سعر للنفط يقل عن 40 دولاراً.
ويقول خبير النفط عيسى المزيدي، لـ"العربي الجديد"، إن عودة إندونيسيا لـ"أوبك" ستعزز من قدرة المنظمة على مواجهة المنافسين، على اعتبار أنه كلما زاد عدد الأعضاء المنتجين والمصدرين للنفط كلما زادت قوة المنظمة.
ويضيف: "إندونيسيا تستورد بعض النفط، لكنها دولة منتجة أيضا مثل الولايات المتحدة، وكونها تستورد النفط لا يعني أنها لا تستحق أن تكون عضواً في أوبك، فالمنظمة ليست حكرا على المنتجين الخالصين".
لكن المزيدي يحذر من أن عدم تقيّد جميع الدول الأعضاء بحصصها سيدفع الأسعار لمزيد من التراجع والوصول للقاع، مشيرا إلى أن التجاوز في الحصص هو ما أوجد التخمة في السوق، وتسبب في انحدار الأسعار.
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء "ارنا" عن وزير النفط الإيراني، بيغن زنغنه، قوله يوم السبت الماضي، إن طهران لا تحتاج إلى تصريح من "أوبك" لزيادة إنتاج النفط.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية ذكرت قبل نحو ثلاثة أسابيع، أن خلافات بين الدول الأعضاء في "أوبك" أجّلت صدور تقرير عن استراتيجية المنظمة للأمد الطويل.
وكان من المفترض الانتهاء من التقرير بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وذلك بعد مناقشات بين الدول الأعضاء على مستوى الخبراء، ليتم في ما بعد عرضه على المؤتمر الوزاري المقبل للمصادقة عليه، لكن ممثلي الدول الأعضاء لم يتوصلوا إلى صياغة موحدة للتقرير، ما أدى إلى تأجيل إصداره، وفق الصحيفة الأميركية. ويمكن أن تجري النقاشات حول الاستراتيجية في مؤتمر "أوبك" المقرر في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

اقرأ أيضا: مجموعة عمل سعودية روسية للتعاون في مجالي النفط والغاز
المساهمون