"أنا هنا"

15 اغسطس 2015
تذكّر عباس المجلس الوطني الفلسطيني بعد 9 سنوات(فرانس برس)
+ الخط -
لا شيء يثير الاستغراب، المصحوب بالدهشة، أكثر من إعلان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عزمه أو لنقل على الأقل نيته (بفعل غياب العزم والحسم لدى السلطة) عقد دورة للمجلس الوطني الفلسطيني، الذي تذكره عباس الآن بعد تسع سنوات من تسلمه لزمام رئاسة السلطة الفلسطينية.

السبب الأول للاستغراب هو من تذكر عباس لوجود مؤسسة فلسطينية تدعى المجلس الوطني الفلسطيني، الذي بدا أنه لم يعد على قيد الحياة ولم يرد ذكره مرة واحدة في سنوات رئاسة عباس للسلطة. أما الدهشة فهي من الجرأة التي يعلن فيها عباس عن هذه النية، في الوقت الذي يعرف فيه القاصي قبل الداني، أن سلطة عباس غير قادرة، ولم تكن قادرة على حماية أعضاء المجلس التشريعي من الاعتقال والسجن. كما لم تكن قادرة على تأمين حرية الحركة لمن لا يملك منهم بطاقة الشخصيات المهمة الذهبية (في آي بي).

ولعل الاستغراب والدهشة يتحولان إلى غضب حقيقي مما يمكن وصفه استخفافاً بعقول الشعب الفلسطيني، لأن الشعب الرازح تحت الاحتلال، في الضفة الغربية، والذي يئن تحت هول الحصار في قطاع غزة، عدا عن المنسيين في مخيمات اللجوء، يدرك جيداً أن الرئيس الفلسطيني، لا يملك في واقع الحال حرية مغادرة رام الله إلى الخليل أو غيرها من مدن الضفة الغربية بدون إذن أو تصريح إسرائيلي، فكيف سيتمكن وهو في ضعفه هذا، أن يفرض على دولة الاحتلال السماح لأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، من الوصول إلى رام الله ، وهو لا يقدر على تأمين تصريح لرجال حركته بالوصول من غزة المحاصرة إلى رام الله؟

ثم ما الذي يريد عباس تحقيقه الآن من هذه الدعوة، وهو يدرك جيداً أن العقبات التي تعترض طريق دعوة المجلس الوطني، الغائب عن ذهن السلطة منذ توليه الرئاسة قبل تسع سنوات، أكبر من يتغلب عليها في الظروف الحالية؟ الجواب الوحيد الممكن ربما على هذه التساؤلات أن الرئيس عباس، كلما شعر بقرب تحقيق حركة المقاومة الفلسطينية إنجازاً ما، فإنه يسارع إلى إطلاق بالونات إعلامية لتعيد لفت الأنظار إليه وتذكير من نسي أنه "لا يزال هنا".