تحاول المرأة السورية عموماً، بفعل الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو خمس سنوات، أن لا تكون الحلقة الأضعف، مع غياب الأمن وتواصل القصف واحتدام المعارك على أطراف المدن المحررة، لذلك نجدها تساهم وتشارك وتفعل الكثير في مجتمعها.
"أم قصي" واحدة من السيدات السوريات، كانت قبل الثورة ربة منزل وأماً لسبعة أولاد، تقول لـ "العربي الجديد"، "كنت أهتم بشؤون زوجي وأولادي ومنزلي، لحين بدأت الثورة، وتحولت لامرأة ثائرة، شجعت زوجي وأولادي على التظاهر ضد النظام، وثم خرجت معهم في المظاهرات المطالبة بالحرية".
خلال الثورة عملت أم قصي مع مجموعة منظمات، منها جمعية رعاية مصابي الثورة وذوي الاحتياجات الخاصة، ثم انضمت لاتحاد ثوار حلب، وشاركت وما زالت تشارك في الحملات التوعوية، وتشرف عليها، إلى أن افتتحت جمعية "نساء سورية" الإنسانية والتي تهتم بشؤون المرأة السورية، في مناطق حلب المحررة، والتي انطلقت مطلع 2015، بإشهار رسمي من مجلس محافظة حلب الحرة.
تقول أم قصي "بسبب ظروف الحرب وانعكاسها على المرأة من الناحيتين النفسية والاجتماعية، إضافة إلى أن مجتمعنا محافظ وكثير من النساء لا يذهبن للجمعيات التي يديرها رجال، رغبنا بتأسيس الجمعية لتقدم خدماتها لأكبر عدد من المتضررات ونساء المجتمع الحلبي".
اقرأ أيضاً: آية إبراهيم صارت وحيدة بعد موت أبيها في سورية
وتعنى الجمعية بتوثيق أسماء نساء الشهداء وزوجات المفقودين والمعتقلين والأرامل، وذوي الاحتياجات الخاصة، تقول "كلهن مسجلات رسمياً في الجمعية، ونعمل على تأمين حاجاتهن الأساسية، بما يتعلق بالإغاثة والمواد الغذائية أو تقديم الدعم النفسي، خاصة وأن هناك حالات مؤلمة جداً، يصعب شرح وضعها، لمعتقلات سابقات في سجون النظام".
كما تنظم الجمعية، دورات لمحو الأمية، ولديها صالون حلاقة نسائي لتدريب النسوة على فنون تصفيف الشعر، بالإضافة لمشغل خياطة وتصليح الألبسة، إلى جانب ندوات التوعية التي تتعلق بحاجات فرضتها الحرب، ومنها طرق تعقيم مياه الآبار المستخدمة للشرب. ووصل "عدد السيدات المستفيدات منذ التأسيس حتى اليوم، ما يقارب 5585 سيدة، والرقم يتوزع بين النساء المحتاجات وغيرهن من ذوي الاحتياجات الخاصة"، حسب أم قصي التي أكدت أن "العدد في تضاعف نتيجة شهرة الجمعية في حلب المحررة، واستمرار القصف الهمجي على أحياء المدينة".
اقرأ أيضاً: نساء بالألوان
ولفتت أم قصي للتحديات التي تواجه العمل بالقول "تعرضنا لمضايقات زمن سيطرة تنظيم (داعش) على حلب، إذ كانوا يمنعون النساء من الخروج إلى العمل، كما أننا نواجه تحدياً آخر يتمثل بقلة الموارد المالية، خاصة أن الجمعية تضم 12 متطوعة، لا يتقاضين أي راتب من أي جهة كانت". وتضيف "زوجي وأولادي هم من كانوا يشجعوني على الثبات في العمل في ظل التحديات الكبيرة، إضافة لأنهم من يمول احتياجات الجمعية وبعض المصاريف الخاصة".
وتأمل السيدة الحلبية أن "توسع جمعية نساء سورية، رقعة الخدمات التي تقدمها، وأن نفتتح فروعاً ضمن المدن والبلدات السورية الأخرى". كما تطالب بأن يتم "تأمين دعم لكامل نساء حلب وسورية، إذ باتت الأم هي المعيلة ولا تجد جمعيات لتكفلها وتؤمن احتياجاتها وتقدم المعونة لها، وكذلك توفير أطراف صناعية وكراسٍ متحركة لمصابي الثورة".
اقرأ أيضاً: ناديا سائقة مركبة عمومية تتحدّى مجتمعها