"أصواتنا المفقودة": ذاكرة موسيقية لفلسطين

لا تزال أسئلة الحياة الثقافية في فلسطين ما قبل النكبة عام 1948 ملحّةً على كثير من الباحثين؛ بعضها ينساق وراء حنين إلى ازدهار وغنى هذه الحقبة، وإن كان جزء كبير منه ليس صناعة فلسطينيةً خالصة، إلاّ أن الجانب التوثيقي منه يبقى حاضراً في إعادة قراءة التاريخ، والحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من تراث شفوي ومكتوب ومصوّر.

في محاولة منه لبحث واقع الموسيقى العربية في تلك المرحلة، وتسليط الضوء على أصوات وإبداعات موسيقية اندثرت لأسباب مختلفة، وتسجيل حال مدن فلسطين، آنذاك، بمنابرها ومساحاتها الثقافية والفنية، يلقي الباحث الفلسطيني نادر جلال محاضرة بعنوان "أصواتنا المفقودة" في السادسة والنصف من مساء اليوم في "منتدى شومان الثقافي" ضمن "أسبوع جبل عمّان الثقافي"، الذي تتواصل فعالياته حتى الخميس المقبل.

تشمل الندوة عرضاً سمعياً وبصرياً حول الإنتاج الموسيقي المحترف في فلسطين، يتبعها فيلم وثائقي عن المنتج والمخرج الفلسطيني صبري الشريف بعنوان "صبري" للمخرجة اللبنانية فرح شيَا. يرأس الجلسة ويدير الحوار أستاذ الموسيقى الدكتور عبد الحميد حمام.

انطلق جلال في مشروعه مع عدد من الموسيقيين في "المؤسسة الفلسطينية للتنمية الثقافية" (نوى) منذ سبعة أعوام لتوثيق الموسيقى العربية في فلسطين، وسافر إلى دول عربية عديدة لجمع أرشيف الموسيقيين الفلسطينيين ودراسة أثرهم على نظرائهم العرب، وتشكّل "أصواتنا المفقودة" سلسلة محاضرات أقيمت في مدن فلسطينية عدة.

يحتوي البحث تسجيلات لموسيقى وأغانٍ لستين موسيقياً فلسطينياً، عدا المؤلفين والمنتجين؛ ومن بينهم: إلياس عوض ومحمد غازي وصبري الشريف ورجب الأكحل ويحيى السعودي ورياض البندك ويوسف البدوي وميري عكاوي ورجاء الحيفاوية وروحي خمّاش، الذي أنتجت له "نوى" ألبوم موشحات عام 2011 بعنوان "هنا القدس 1". إضافة إلى أعمال الفلسطينيّين يحيى اللبابيدي الذي لحّن أغنية "يا ريتني طير" لفريد الأطرش، وإلياس سحّاب، الذي يعدّه البحث أوّل من درّب فيروز على الغناء.

يستعرض المشروع مآلات هؤلاء المبدعين عقب النكبة، حيث أن قسماً كبيراً منهم لم يعزف على آلته الموسيقية بعد ذلك، وآخرون أكملوا مسيرتهم، ومنهم الموسيقي صبري شريف (1922 - 1999) الذي عاش في لبنان، وكان أحد الفاعلين في المسرح الرحباني، وهو ما يبيّنه فيلم "صبري"، الذي يُعرض خلال الندوة. وكذلك الموسيقي محمد غازي الذي عاش في لبنان وتعامل مع الرحبانة أيضاً.

يشتغل جلال أيضاً على توثيق الغناء الشعبي التراثي في فلسطين، واستعادة مؤلفات موسيقية أنتجت في فلسطين قديماً، من دون إغفال حقيقة أن كثيراً منها قد استولى عليه الاحتلال الصهيوني.