"أحرار السنّة" بلبنان: هواة يلعبون أم أجهزة تتحرّك؟

04 يوليو 2014
الأجهزة الأمنية: حركة "اللواء" غير جدية (getty)
+ الخط -

"لواء أحرار السنّة ـ بعلبك" يتحرك إلكترونياً؛ يهدّد ويحرّض مذهبياً. يتبّنى معارك وحتى اغتيالات. من حيث لا نعلم، ولا يعلم أحد ربما، خرج هذا "اللواء" إلى الضوء في سبتمبر/ أيلول 2013، إثر اشتباك بين عناصر من "حزب الله" ومسلحين مدعومين من الجماعة الإسلامية في منطقة بعلبك (شرقي لبنان).

تُصدر هذه المجموعة بياناتها الإلكترونية مع كل حدث أمني في منطقة البقاع (شرق لبنان)، فتسارع إلى إعلان مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ على مناطق نفوذ "حزب الله"، حيناً، أو الاشتباك مع عناصره في المناطق الجردية، حيناً آخر. وقبل أيام، بايعت المجموعة أمير "دولة الخلافة الإسلامية" أبو بكر البغدادي، وصولاً إلى إعلانها "توكيل مجموعة خاصة من المجاهدين لتطهير "إمارة البقاع الإسلامية" بشكل خاص، ولبنان بشكل عام، من كنائس الشِّرك". هو أول "تهديد" فعلي ضد المسيحيين في البقاع منذ زمن، مع العلم أنّ الطائفة المسيحية في مناطق بعلبك والهرمل، حافظت على وجودها وحركتها وأراضيها في عزّ الحرب الأهلية. وبناءً عليه، سارعت القوى الإسلامية والحزبية في البقاع، إلى استنكار هذا التهديد والتأكيد على العيش المشترك في المنطقة.

ويمكن مَن يتابع حساب "اللواء" على موقع "تويتر"، أن يلحظ ركاكة البيانات الصادرة عنه، أكان لجهة الأخطاء المطبعية واللغوية، أو لجهة "إسقاط" عبارات "إسلامية" على البيانات لإحاطتها بطابع متشدّد. حتى أن القيّمين على هذه المجموعة، دخلوا في "صغائر" الحياة السياسية البقاعية، كشتم رئيس بلدية اللبوة (المحسوبة على حزب الله)، كما لو أنها تعدّ لانتخابات بلدية أو اختيارية في المنطقة. حتى أنّ نشاط "لواء أحرار السنّة" بلغ حدّ الخيال مرّات عدة، مثلاً في تبنيه "هجوماً في قزوين (إيران) على غرفة عمليات لحزب الله وإيران"، أو حتى في إعلانه اغتيال القيادي في حزب الله، حسان اللقيس، في عملية "صدقنا الوعد".

كل هذه الوقائع، تدفع أحد المسؤولين الأمنيين في البقاع، إلى التخفيف من أهمية وجدية هذه المجموعة، إذ يقول، لـ"العربي الجديد"، إن لا دلائل ولا معلومات عن وجود مجموعة مماثلة في المنطقة، مضيفاً أنّ كل ما صدر على الحساب الإلكتروني حتى الساعة "هو من عمل هواة". كما تؤكد شخصيات مقرّبة من "حزب الله" في بعلبك أنه "ليس هناك من معطيات ميدانية لوجود هذا اللواء أو ناشطين فيه"، واضعةً الأمور في إطار "العمل الفردي".



وقد يكون نشاط "لواء أحرار السنّة" مجرّد تعبير فردي، إلا أنه يكشف مدى الانزعاج والظلم الذي يشعر به بعض مَن في منطقة بعلبك من ممارسات "حزب الله" وسلطته الأمنية والسياسية على المنطقة. فالحزب وضع يده بشكل كامل على مدينة بعلبك التي باتت ترتدي اللون الأصفر، وتتزيّن بصور قتلى الحزب. ترفع رايات بشار الأسد ونظامه، وتتوزّع حولها العديد من النقاط الأمنية للحزب، شرقاً وغرباً.

قد لا تسمح البيئة السياسية والاجتماعية في بعلبك لنشوء حالة إسلامية متشدّدة تنام تحت جناح "داعش"، باعتبار أنّ القوى السنية في المنطقة تنقسم على كل من تيار المستقبل والجماعة الإسلامية وجمعية المشاريع الإسلامية، بالإضافة إلى تأثير لا بأس به لدار الإفتاء. من دون أن يمنع ذلك اندفاع فئة شبابية إلى التشدّد نتيجة استمرار الحزب في الحرب السورية، ووقوفه المطلق إلى جانب نظام الأسد، وتهجير أهل سورية.

كما يمكن أن يكون قيام "لواء أحرار السنّة"، قد حصل نتيجة عمل أجهزة أمنية، رسمية أو غير رسمية، زرعت حساباً إلكترونياً مماثلاً لخدمة تحركات أمنية أو أهداف سياسية، ليساهم في توريط بيئة كاملة في أجواء مماثلة، أو في تأمين الذرائع لتوسيع مناطق نفوذ حزبية، أو القيام بحروب أمنية استباقية جديدة.

في حمّى "الإرهاب"، وموجة التشدّد التي تجتاح لبنان منذ أسابيع، بين تفجيرات وعمليات دهم وإصدار بيانات، تصدر فقاعات إعلامية مماثلة لتزيد الضغوط على الجميع.

المساهمون