رغم إغراق السوق المصري بالفوانيس الصينية، فإن الأنواع المصرية، بتصميماتها التراثية من زخارف وزجاج ملون، ما زالت تملأ جنبات محلات منطقة "تحت الربع" القريبة من حي الأزهر والغورية بالقاهرة، والتي تعتبر أحد معاقل صناعة الفانوس المصري وتجارته.
تجار يؤكدون لـ"العربي الجديد" أن هذه النوعية من الفوانيس لها مريدوها، سواء في مصر أو بعض الدول العربية، ويعزون تراجع المبيعات بنحو 40% إلى انخفاض القدرة الشرائية لدى غالبية الناس.
يستبعد هؤلاء تأثير وجود الفانوس الصيني، على حركة البيع من منطلق أن الفانوس المصري الذي يناسب الأطفال أرخص كثيرًا من نظيره الصيني، كما أن الأجداد يفضلون إهداء أحفادهم الفانوس المصري القديم (أبو شمعة)، لارتباطه بالأجواء الروحية لشهر رمضان المبارك.
يقول الحاج مجدي أبوعزب، أحد تجار وشيوخ الصنعة، والذي تمتد خبرته 65 عامًا، إن "فانوس زمان (أبو شمعة) هو أصل الفوانيس منذ عهد المعز لدين الله الفاطمي، وما زلنا نصنعه، لأن له مريديه ويتراوح سعره بين 10 جنيهات و60 جنيها"، مشيرًا إلى أن مواسم البيع تبدأ من منتصف شهر ربيع الأول وحتى نهاية رمضان، أما بقية العام فهي فترة التصنيع للموسم الجديد.
وحول تطور شكل الفانوس، يوضح سمكري الفوانيس، محمد أبومهدي، الذي يعمل في المهنة منذ 14 عامًا، أنه في كل فترة يتم إدخال بعض التعديلات، عن طريق كبار الصُنّاع، مع الحفاظ على الشكل الأصلي.
ويضيف لـ"العربي الجديد" أن "الأسعار هذا العام زادت 10% نظرًا لارتفاع أسعار الخامات"، وأن "سعر الفانوس يتحدد بناء على الحجم ونوعية المعدن والزجاج وخلافه، ولذلك قد يصل سعر الفانوس إلى 14 ألف جنيه عندما يصل طوله إلى حوالى 4 أمتار ونصف، ويتم تصنيعه بالطلب، إما للفنادق أو القصور، أو المحال التجارية الكبيرة".
وإضافة للطلبات المحلية، فهناك إقبال من بعض الدول العربية، ومنها الكويت، على شراء الفانوس المصري.
لقد اتخذت صناعة الفوانيس شكلًا احترافيًا منذ العصر الفاطمي، إذ تخصّص فيها عدد من الحرفيين، الذين عملوا على تطويرها بمرور الزمن. ففي البداية، كانت تعتمد صناعة الفانوس على النحاس، ثم الصفيح والزجاج الملون والزخارف. وبعد الشمع كمصدر للإضاءة، تم إدخال "لمبة الكيروسين"، ثم البطارية، وأخيرًا المصباح الكهربائي.
وتقول أشهر الروايات عن ارتباط الفانوس بشهر رمضان المبارك، إن المعز لدين الله كان قادمًا من الغرب إلى القاهرة، يوم الخامس من رمضان لعام 358 هجرية، وكان دخوله ليلاً، فخرج المصريون إلى أطراف الصحراء الغربية للترحيب به، وكانوا يحملون المشاعل والفوانيس الملونة، لإضاءة الطريق، وظلت عادة تتكرر كل عام في هذا الشهر الفضيل.