أي مستقبل لحكومة المشيشي؟

04 سبتمبر 2020
مستقبل حكومة المشيشي مرهون بأدائها (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

نالت حكومة رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي الأصوات الكافية التي مكنتها من المرور ونيل ثقة البرلمان وذلك بـ 134 صوتاً، بعد تجاذبات عدة كادت تعصف بولادتها، ليصبح السؤال المطروح: هل ستتمكن هذه الحكومة من الصمود في ظلّ الظروف الراهنة والتجاذبات السياسية الحاصلة، ولا سيما في ظلّ حديث البعض عن عمر قصير لحكومة المشيشي؟ كذلك، هل ستتمكن من العمل وإنجاز برامجها في ظلّ إجماع من قبل أغلب الفاعلين السياسيين على دقة المرحلة وصعوبة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية؟

عن ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم حركة "النهضة"، عماد الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ حديث البعض عن عمر قصير للحكومة "مصادرة للمستقبل، إذ لا يمكن لأي طرف التنبؤ بعمر الحكومة التي يؤمل لها النجاح". ولفت إلى أنّ الحكومة نالت ثقة البرلمان "على الرغم من ظروف عدة، وتمّ تقديم جملة من النصائح لرئيسها هشام المشيشي، لكي تنجح وتتمكن من العمل، لا سيما في ظلّ هذه الظروف الصعبة والمخاطر المتعددة على جميع الأصعدة"، موضحاً أنّ "على الأحزاب أن تعي دقة المرحلة، وتساعد الحكومة لكي تعمل وتحقق نتائج إيجابية".


الخميري: حركة النهضة ستعمل على دعم الحكومة وتوفير شروط النجاح اللازمة له

وأضاف الخميري أنّ الحكومة "بحاجة إلى بناء ثقة مع الأحزاب، ومع الكتل البرلمانية، والمضي في الإنجاز، وهذا يحتاج إلى جهد مشترك بين الحكومة والفاعلين السياسيين"، مشيراً إلى أنّ حركة النهضة "ستعمل على دعم الحكومة وتوفير شروط النجاح اللازمة له، ولكي تستمر في العمل وتلبي الاستحقاقات الوطنية".

من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم حزب "قلب تونس"، مصدق جبنون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ مستقبل الحكومة "مرهون بأدائها ككل الحكومات في العالم الديمقراطي"، موضحاً أنهم متفائلون بشأن مستقبل حكومة المشيشي على الرغم من التحفظات المسجلة حول مسار تشكيلها وتركيبتها، وهو ما دفعهم إلى مطالبة رئيس الوزراء الجديد بالقيام ببعض المراجعات. وفيما قال إنه "ستكون للحكومة الحالية فرص للنجاح والاستمرار"، أوضح جبنون أنّ المطلوب هو "أن تكون فعلاً حكومة إنجاز، وتحقق نتائج إيجابية في مواجهة الأزمات متعددة الأبعاد؛ الصحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية"، مؤكداً أنّ "حديث البعض عن عمر قصير للحكومة هو مجرد تكهنات وعقبات للعرقلة، فعمر الحكومة رهن أدائها ونجاحها".

أما الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري"، عصام الشابي، فرأى أنّ "مخاض تشكيل هذه الحكومة كان صعباً، وستجد نفسها في صراعات وتجاذبات غير مسبوقة، قد لا تكون لها القدرة على تحملها"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "مصدر شرعية الحكومة الأول كان رئاسة الجمهورية، ولكن يبدو أنّ الرئيس قيس سعيّد سرعان ما سحب ثقته منها، ووضع تصورات بديلة". وأضاف أنه "على الرغم من أنّ الأحزاب التي صوتت لها لم تكن راضية عن تركيبتها ولا عن المشاورات التي قادها المشيشي، إلا أنّها صوّتت لحكومة عنوانها سحب أوراق اللعبة السياسية من قرطاج".

وأوضح الشابي أنّ "سعيّد دخل في معترك الحياة السياسية، والحكومة ستكون رهينة إمّا لإعادة بناء جسور الثقة مع رئاسة الجمهورية، أو الاستجابة لطلبات التحالف البرلماني الذي ساعدها في المرور، وبالتالي فأمام المشيشي إمّا سحب الوزراء المحسوبين على الرئاسة وتعويضهم بمن ستختارهم الأحزاب، أو إعادة التحاور مع رئاسة الجمهورية".

ولاحظ أنّ "مختلف هذه العوامل والأسباب تجعل عمر الحكومة قصيراً، فالجميع يريد منها خدمات وأدواراً سريعة، في المقابل فإنّ رئيس الوزراء لا يمتلك أي خبرة سياسية، وسيحتمي بقدرته الإدارية للخروج من قلب الصراعات. لكن تشعب التجاذبات يقتضي إعادة صياغة مشهد جديد، ووجود عقد سياسي واجتماعي من أجل أن تكون حكومة الهدنة بين الأقطاب السياسية، ولكنها ستكون ضحية الصراعات لأنها في خضمها".


الغربي: المستقبل السياسي للحكومة ستحدده علاقتها بالأحزاب

وحول مدى قدرة الحكومة على الإنجاز، قال الشابي إن المشيشي "لم يعد بإنجازات، بل تحدث عن إيقاف النزيف. وفي كلمته في جلسة منح الثقة لم يقدم خارطة طريق ولا إجراءات قريبة ولا خيارات قد يلجأ إليها، وبالتالي فهو يعول على خبرته في الإدارة في محاولة منه لتمديد عمر الحكومة".

وفي السياق ذاته، رأى المحلل السياسي قاسم الغربي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "المستقبل السياسي للحكومة ستحدده علاقتها بالأحزاب، وهناك تحدي الوضع الشعبي الاجتماعي الذي ستحدده الإنجازات. فعلى المستوى السياسي، إذا حصل انسجام بين حكومة المشيشي وما ستطلبه الأحزاب، قد يكون للحكومة مستقبل ربما لسنة أو أكثر، أي إلى حين تشكيل المحكمة الدستورية وتغيير النظام الانتخابي وتعديله، وهو ما قد يجعل الحكومة تواصل عملها. ولكن الإشكال يكمن في الإنجاز وتقديم حد أدنى من الإجراءات الملموسة لحل مشاكل التونسيين، خصوصاً في ظلّ تراجع نسبة النمو. أي أنها يجب أن تقدم بداية للحلّ، وهنا تكمن الصعوبة، وهو ما يجعل عمر الحكومة قصيراً في ظلّ الصعوبات التي تنتظرها اجتماعياً واقتصادياً".

المساهمون