أحمد شوقي أحمد

من الواضح أن دائرة ضحايا الحرب الدائرة في اليمن آخذة في الاتساع، لتشمل المواقع الأثرية والتاريخية، التي يبلغ عمر بعضها آلاف السنين. مثقفون ونشطاء يمنيون تعلو أصواتهم الآن مطالبين بتحييد المواقع الأثرية عن الصراع الدائر.

في هذا الاستطلاع، يتحدثُ كتّابٌ ومبدعون يمنيون حول ما يجري في بلادهم. وللقارئ أن يأخذ في الاعتبار شروط اللعبة المُجحفة التي فُرضت على اليمنيين وفي مقدمتهم نخبهم، خصوصاً حين تخضعهم "عاصفة الحزم" لثنائيّات دوغمائية قاسية وفي ظل تفكّك للمرجعيَّات.

في روايته الأخيرة، "ابنة سوسلوف"، يعود الكاتب اليمني حبيب عبد الرب سروري إلى مساحاته السردية والموضوعاتية الأكثر ألفةً: عدن الاشتراكية، رحلة الدراسة في فرنسا، اليمن وعُصابه: التخلّف؛ ولا يرى بأساً في التكرار. هنا حوار معه حول مسيرته الروائية ومنجَزه الأخير.

يبدو أن وزيرة الثقافة اليمنية أروى عثمان جادّة في خوض تحدّ مع الجماعات الأصولية في اليمن، التي تفرض طوقاً خانقاً على الحريات الشخصية والفنون الغنائية والاستعراضية، بما في ذلك الرقص. حاولت الوزيرة أيضاً كسر قالب الاحتفاء الحكومي المعتاد.

عٌيّن الشاعر حمود خالد الصوفي رئيساً لـ"الجهاز المركزي للأمن السياسي"، خلفاً للروائي جلال الرويشان. الشاعر ذو الخلفية المدنية، والقريب من المثقفين، والذي لم يتولَ مهام أمنية من قبل؛ باتت هناك إشارات حول علاقته بهذه الأجهزة منذ عهد الرئيس المخلوع.

صحف ومجلات ثقافية يمنية كثيرة توارت في الفترة الأخيرة دون إنذار، مثل "الثقافية" و"رصيف" و"انزياحات" و"جدارية" و"إرباك". وإذ لعبت الحالة الاقتصادية دوراً في ذلك، إلا أن لهذه الغيابات أسباب رئيسية أخرى، أبرزها الوضع السياسي المتردّي، والإدارة السيئة لوزارة الثقافة.

تساهم طفرة الإصدارات الروائية اليمنية حديثاً، وعملية الترجمة التي تحظى بها، في إعادة الاعتبار للسّرد اليمني بشكل عام. فنّ بدأ وعظيّاً في نهاية العشرينيات، مع "فتات القاروت" لأحمد عبد الله السقاف، ووصل اليوم إلى الصين.

لا نصفُ الغناء التقليدي اليمني عبثاً بـ"الفن الأصيل"، فجذوره تعود إلى ما قبل الكتابة، وخصائصه تميّزه عن مختلف الأغاني الحاضرة في فضائه الجغرافي. غناء أثراه شعراء شعبيون كتبوا قصائدهم وفقاً لإيقاعاته النابتة في البيئة اليمنية.

شهدت الذكرى الـ 15 لرحيل عبد الله البردُوني تنافساً على إحياء ذكراه بين الأطراف السياسية، إذ جمعها الشاعر من حيث لا تقصد. أجواء تذكّر بـ"نبوءات" صاحب "من أرض بلقيس" التي كشفت الأيام عن نفاذها في مآلات اليمن السعيد.

الزواج الكاثوليكي بين القبيلة ورجال الدين في اليمن ساهم في تقويض كل المشاريع الطليعية، وعزز صورة التخلف من خلال مزيج تقليدي قمعي يلوّح بخنجره ضدّ كل شيء، بدءاً بالقرار السياسي وليس انتهاءً بحرية الإبداع. دراما المبدع والقبيلة تواصل فصولها.

قصور الواقع السياسي اليمني، وعدم اكتمال بنية الدولة، يلقي بظلاله على الحركة الثقافية، وعلى نشاط المُبدعين الذي يجدون أنفسهم مجبرين على دخول المعترك السياسي من باب التحدّي القيمي. لكنّ الأرجح أن الأدب يخسر أكثر مما تربح السياسة.

منذ منتصف الثمانينيات، بدأت الحركة الثقافية في "تعز" بالتدهور، حتى وصلت إلى الاندثار الكامل مع إغلاق دور السينما، وتوقف العروض المسرحية، وتحوّل المنتديات إلى "مقايل" لتخزين القات. هكذا يصبح الإعلان عن "تعز عاصمة للثقافة اليمنية" ضرباً من السخرية السوداء.

"رعبٌ حقيقي يعيشه المرء في اليمن من سطوة المشائخ" يقول فكري قاسم لـ"العربي الجديد" في حديثه عن فيلم "كرامة" الذي سيخرج قريباً إلى الصالات. تراجيديا الدولة والقبيلة في كوميديا سوداء: "ثلاث ثورات فشلت منذ 1962 أمام هذا التحدي".