رغم الهدنة... الموت تحت التعذيب في سجون الأسد

07 مارس 2016
مطالبات بنقل ملف التعذيب إلى المحكمة الجنائية الدولية (Getty)
+ الخط -

على مدى سنوات خمس مضت من عمر الثورة السورية، لم يعرف الموت طريقة جديدة يصل بها إلى السوريين إلا وجربها، من الموت بالبراميل المتفجرة إلى جبهات القتال، مروراً بالغارات الجوية وصواريخ سكود وصواريخ بالستية عابرة للقارات، والموت غرقاً على تخوم المهاجر، وجميع هذه الطرق، على بشاعتها، لا تفوق الموت تحت التعذيب داخل سجون الأسد ونتيجة لظروف الاعتقال بشاعة.


وبخلاف العديد من البلدان التي اشتهرت بظاهرة التعذيب في السجون حتى الموت، تبدو المسألة في سورية قضية مصير بالنسبة لنظام انتهج القمع والتوحش منذ أيامه الأولى في السلطة، وأقام بنيانه الفاسد على مدى 4 عقود على مرتكزات أساسية، لا يستقيم له هذا البنيان إذا غاب أحدها، تلك هي القبضة الأمنية الرهيبة المعززة بمعتقلات استلهمت ممارساتها من النازية والسوفييتية، حيث التعذيب والإذلال والحرمان من أبسط مقومات العيش لا يعرف حداً ولا يلجمه شيء عن المواصلة حتى القضاء على حياة المعتقلين!

الملفت فيما يتعلق بالتعذيب وحالات الوفاة الناجمة عنه في معتقلات الأسد أنه لم يتوقف خلال سريان اتفاق وقف الأعمال العدائية، بل وثقت منظمات حقوقية سورية، عدداً من الحالات التي وقعت خلال الهدنة، مؤكدة أن عملية التعذيب لم تتوقف في مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد يوماً.

يقول فضل عبدالغني، رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن التعذيب في مراكز الاحتجاز، وبخاصة الأفرع الأمنية، "عملية ممنهجة مستمرة يومياً، تؤدي مع ظروف الاحتجاز الغاية في السوء إلى معدلات مرتفعة للموت بسبب التعذيب"، موضحاً في تصريح خاص لـ "جيل" أن المعدل الوسطي لحالات الوفاة تحت التعذيب هو حالتا وفاة يومياً، فيما تجاوزت حصيلة ضحايا التعذيب منذ بداية الثورة حتى الآن 12400 مواطن.

من جهته، أكد كريم الصالح، المسؤول في الشبكة السورية، أن الشبكة "وثقت ما لا يقل عن 7 حالات وفاة بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة للقوات الحكومية منذ 27 شباط/ فبراير 2016 وحتى 2 آذار/ مارس 2016.

والوفاة تحت التعذيب لا تقتصر على الموت نتيجة التعذيب الجسدي المباشر، فبحسب ما أفاد الصالح، تحدث الوفاة بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للقوات الحكومية لأسباب كثيرة؛ بينها ظروف الاحتجاز اللا إنسانية، والحرمان من الدواء والطعام، وتفشي الأمراض السارية كالسل والالتهابات الرئوية والأمراض الجلدية المزمنة.

ويوضح الصالح أنهم يوثقون شهريا حالات لمحتجزين مصابين بأمراض مزمنة قضوا بسبب الحرمان من الدواء كالأنسولين مثلاً، مبينا: "بالتالي حالات الوفاة في المعتقل لا تكون فقط بسبب الضرب والتعذيب المبرح، وهي سياسة ممنهجة تتبعها القوات الحكومية في عدد كبير من مراكز الاحتجاز التابعة لها".

ولأن الهدنة القائمة مبنية على خطة السلام التي أقرها مجلس الأمن الدولي تحت القرار 2254، بعدما اتفقت عليها مجموعة الاتصال الدولية لدعم سورية في فيينا أواخر العام الفائت، فإن انتهاك الهدنة يعد مخالفة صريحة لقرار مجلس الأمن، الذي ينص أيضاً على إطلاق سراح المعتقلين ولا سيما النساء والأطفال، وما يفتح الباب على التساؤل حول إمكانية مقاضاة النظام دولياً على ممارساته وضمنها سياسة تعذيب المعتقلين حتى الموت.

رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبدالغني، أكد أن المنظمات الحقوقية تتحرك في هذا الصدد "قبل قرار مجلس الأمن هذا وبعده، لأنه أيضا كان هناك قرارات سابقة تتحدث عن إطلاق سراح المعتقلين مثل القرار 2042 الصادر في 14 نيسان 2012، والقرار 2139 الصادر في 22 فبراير/ شباط 2013"، مشدداً على أن النظام السوري متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية عبر تعذيب المعتقلين وإخفائهم بشكل قسري.

بيد أن عبدالغني أوضح أن المشكلة تكمن في مجلس الأمن، وعدم اختصاص أي محكمة دولية دون إحالة القضية السورية إليها من قبل المجلس، موضحاً: "المشكلة أن هذه القضايا رغم أنها جاهزة لا يوجد محكمة لديها صلاحيات استقبالها، وهنا نقول أنه يتوجب على مجلس الأمن بناء على قرارته أن يقبل بإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكننا أصبحنا على يقين أنه لا توجد لديه لا الجدية ولا الإرادة لأي تحرك جدي في سورية، بل لقد كان عقبة في طريق العدالة!".

(سورية)

المساهمون