هل دخلت الشركات العربيّة مرحلة التسيير الحديث؟

22 ابريل 2015
من اليمين أمين سعدون وعبد الودود نصولي(العربي الجديد)
+ الخط -

تعتمد العديد من الشركات العربية على النمط العائلي في تسيير مشاريعها واستثماراتها. ويطرح السؤال حول صحة هذا الاختيار، أمام التطوّر المستمر لإدارة المشاريع. فهل دخلت الشركات العربيّة مرحلة التسيير الحديث؟

أمين سعدون: انحصار النمط العائلي
قال المدير التنفيذي لجمعية إدارة المشاريع الدولية، الألماني أمين سعدون، إن المقاولات في العالم العربي مقبلة على مرحلة مهمة وجديدة في تاريخ تدبير وتسيير مشاريعها. وأكد المتحدث لـ"العربي الجديد"، أن الجمعية التي يعمل بها كمدير تنفيذي تستخدم نمطا حداثيا وجديدا في إدارة مشاريع المقاولات، حيث شرعت أبواب التواصل مع العديد من الدول العربية، وعقدت لقاءات مع أرباب الشركات والمدراء، بقصد مناقشة أبرز الطرق الجديدة في إدارة المشاريع، والتي تأتي، حسب أمين سعدون، بنتائج جيدة ومردود أوفر.

وأوضح أمين سعدون، الذي يرأس أضخم تجمع عالمي لمدراء المشاريع، أن نمط التدبير والتسيير العائلي للشركات والمجموعات الاقتصادية العربية بدأ ينحصر، ويرجع الفضل في ذلك إلى الأجيال الصاعدة من أبناء مالكي تلك المؤسسات الاقتصادية، خاصة الذين تلقوا تعليمهم داخل المدارس والمعاهد العالمية، والذين يعول عليهم كثيرا لتعميم أشكال الإدارات الجديدة للمشاريع.

وأكد سعدون، أن العديد من الهيئات في مجموعة من الدول العربية فتحت قنوات التواصل مع جمعيتهم، ومن بينها هيئة المهندسين في السعودية، وجهات حكومية في إمارة دبي، والغاية هي إطلاق نقاشات واسعة حول الطرق التي دبر بها المشاريع اليوم داخل الشركات العربية.

وشدد سعدون في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أن المدخل الأول لتعميم تجارب التدبير والتسيير الحصري للشركات، هو إقناع أصحابها بأن شرط انتماء مدير المشروع للعائلة المالكة، قد لا يكون سليماً دائماً، بل من الممكن أن يصبح معرقلاً لسير العمل العادي، وهنا يصعب تقييم مهامه والمسؤوليات الملقاة عليه، وفق المعايير العلمية المعمول بها داخل أي وحدة إنتاج. أما المدخل الثاني، حسب المدير التنفيذي لجمعية إدارة المشاريع الدولية، فيتثمل في تغيير بعض المناهج التعليمية، وضخ دماء جديدة في الأطر التي تشرف على تكوين الكوادر الاقتصادية العربية، خاصة منهم المنتمين للعائلة الغنية المستثمرة.

وقدم أمين سعدون للتجارب التي تمت في المغرب، حيث يعتبر المغرب أول دولة عربية تحتضن فرع جمعيتهم، متوقعا أن يكون تواجدهم الأول في المملكة فاتحة ولوج العديد من الدول العربية. وحث المسؤولين فيها على ضرورة إقناع المستثمرين باعتماد الأنماط العصرية في تدبير المقاولات.

وعن الصعوبات التي يمكن أن تواجه إقناع شرائح واسعة بالتخلي عن النمط العائلي في تدبير وتسيير الشركات العربية، أوضح أمين سعدون أن بعض الحواجز قد تظهر خلال عملية تكوين الأطر وتأهليهم للتأقلم مع الأنماط الجديدة في التدبير والتسيير، والتي أصبحت تعتمد بالدرجة الأولى على التكنولوجيا، لكن يرى أن هذه الأمور يمكن تجاوزها مهما حضرت الإرادة للرقي بأداء الشركات. وشدد مرة أخرى على الدور المهم للأجيال الصاعدة والقادمة في ترسيخ ثقافة تسيير وتدبير عصرية.

عبد الودود نصولي: نمط متجدر يصعب التخلي عنه
عبر رئيس مجلس رجال الأعمال اللبناني-العراقي، عبد الودود نصولي، عن صعوبة خروج الشركات العربية الكبرى والمتوسطة من النمط العائلي في التيسير والتدبير الإداري والمالي في المدى القريب، وذلك بسبب حجم ما راكمته داخل مختلف مناصبها الإدارية والمالية، ومحافظة الأجيال المتعاقبة على ملكيتها لما ورثته، خاصة الشركات التي يسيرها عدد أكبر من أبناء المالك الأصلي أو أحفاده.

وقال نصولي لـ "العربي الجديد" إن ما يزد من صعوبة التخلي عن النمط العائلي، هو تحكم منطق إرضاء كل طرف بمنصب وازن داخل الشركة، بحكم انتمائه إلى العائلة المالكة للشركة، بغض النظر عن كفاءاته المهنية وحجم مساهمته في تطوير مردود المؤسسة الاقتصادية.

وأضاف عبد الودود نصولي أن هذه الشركات، ورغم التوسع الذي تحققه، والنمو في حجم معاملاتها، إلا أنها "لا تستطيع أن تستمر دون وجود توافقات عائلية حول أدائها وسير مشاريعها، عوضاً عن أن تكون توافقات مبنية على أسس علمية ووفق حاجيات الشركة ذاتها وحاجيات السوق".

وشدد المتحدث ذاته على أن الشركات العائلية، وأمام المتغيرات السريعة في طرق تدبير وتسيير المؤسسات الاقتصادية، ملزمة في الوقت القريب بتغيير نمط تدبيرها الإداري والمالي، لتستطيع تحقيق نمو أسرع، وزيادة حجم استثماراتها، مع تقليل حجم المخاطر المحتملة في حال اختلاف الآراء والتوجهات بين ملاكها.

وأضاف رئيس مجلس رجال الأعمال اللبناني-العراقي، أن الأساليب الحديثة في الإدارة، تعتمد فصل السلطات كما هو معمول به داخل الدول المتقدمة، مع تحديد المسؤوليات لجهاز إداري يتمتع بالكفاءة، ويربط أداءه بمنطق المحاسبة وتقييم فعال.

إلى ذلك، وضع رئيس مجلس رجال الأعمال اللبناني-العراقي، عبد الودود نصولي، ثقته في الأجيال الصاعدة في تغيير النمط السائد، وأكد أن بعض التجارب تبشر باقتحام نمط التدبير والتسيير الحديث للشركات العربية في المدى المتوسط، وذلك إذا ما دمج الملاك الجدد أو المرتقبون لشركات عائلاتهم، ما بين الخبرة التي اكتسبوها منهم في خلق الثروة، والتكنولوجيا الحديثة والطرق المبتكرة في التدبير الإداري والمالي، بهدف خلق شركات جديدة وعملاقة قادرة على النمو في بيئة الأعمال العالمية الحديثة، وتستطيع بالتالي الاستمرار داخل مناخ منافسة قوي، تدفع فيه الشركات بالمهندسين والفنيين والتقنيين إلى مراكز كبرى في الشركات، دون الاهتمام بالنمط العائلي.

إقرأ أيضا: حُلم امتلاك مصرف.. ليس مُستحيلاً

المساهمون