هدر اقتصادي واحد في مصر:رأس مبارك على جسد السيسي

16 مارس 2015
مبارك والسيسي وجهان لعملة واحدة ونتيجة واحدة(أرشيف)
+ الخط -
بالتزامن مع انعقاد المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي حزمة قرارات وقوانين، كان أكثرها أهمية قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، الذي أثار الكثير من علامات الاستفهام حين طرح في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. واليوم تُطرح التساؤلات عينها: هل يضمن القانون الجديد تحقيق العدالة الاجتماعية؟ وهل يراعي البعد الاقتصاد والاجتماعي لواقع الشعب المصري، أم أنه لا يختلف كثيراً عن قانون مبارك؟ من خلال التدقيق ببنود القانونين، يتبيّن أن لا فرق بينهما، من حيث تغليب مصلحة القلة على حقوق جموع المصريين... وكأن رأس مبارك موضوع على جسد السيسي. 
 
حكم رجال الأعمال

تقول الباحثة في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، هبه خليل، إنه بالرغم من أهمية الاستثمارات الأجنبية في تحقيق نهوض الاقتصاد، وبالرغم من ضرورة وجود قانون ينظم تلك المسألة، إلا أن قانون الاستثمار الجديد جاء ليرسخ حكم رجال الأعمال، دون التخطيط لأي أبعاد اجتماعية في عملية جذب الاستثمار.

وتشرح خليل أن قانون الاستثمار تضمن النص التالي: "قانون الاستثمار (يهدف) إلى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ورفع معدلات النمو الاقتصادي للبلاد، وزيادة فرص العمل وتشجيع التصدير، وزيادة التنافسية، بما يؤدي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة". إلا أن القانون، وفق خليل، يخلو من أي بنود تضمن للدولة قدرتها على تنظيم هذه الاستثمارات وتوجيه عائداتها ومراقبتها وضمان جديتها. ولم تأتِ أي مادة في القانون لتشير إلى كيفية إفادة المصريين من هذا القانون، مثلما ستستفيد قلّة من الأثرياء والمتمولين من الحوافز والإعفاءات الضريبية التي وضعتها الدولة دون ضوابط أيضاً.

تستكمل الباحثة في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية حديثها قائلة إن "القانون أعطى حصانة كبيرة للشركات متعددة الجنسية، والأخيرة تمتلك سطوة وسلطة تفوق سلطة الدولة. وبالرغم من تعرّض مصر بصورة مستمرة لأخطار التحكيم الدولي نتيجة للتوقيع على اتفاقيات دولية مجحفة، إلا أن القانون لم يراعِ تلك الأزمة، ولم يحدد آليات التقاضي الداخلي، وهو الأمر الذي سبق أن الحق الضرر بآلاف العمال المصريين".

الفقراء آخر أولويات النظام
وبدلاً من أن تقوم مصر بمراجعة الاتفاقيات المجحفة التي أهدرت حقوق المصريين، قام رئيسها بإعلان تشريع يتماشى مع تلك الاتفاقيات دون أن يراعي أدنى حقوق المواطنين.
بدوره، يرى أستاذ الاقتصاد، محمد شبانه، أن إصدار قانون الاستثمار في اللحظة الراهنة يشكل خطراً كبيراً، في ظل غياب برلمان منتخب، ولا سيما أن القانون المنوط به تنظيم الاستثمار، وفرض واقع اقتصادي قائم على العدالة الاجتماعية، صاحبه الكثير من التعديلات في قوانين أخرى، تؤكد إصرار الدولة على المضيّ قدماً في القوانين التي من شأنها أن تشرع قوانين على قياس رجال الأعمال، وتفرض هيمنتهم على الفقراء في مصر.

ويعطي شبانه مثالاً عن تعديل بعض مواد قانون العقوبات الخاصة بالاعتداء على المال العام، حيث جاء التعديل في قانون العقوبات بهدف تكبيل يد النيابة عن اتخاذ إجراءات التحقيق. كما أنه خفض من عقوبة الإضرار بالمال العام من المؤبد إلى سبع سنوات فقط. إضافة إلى نية الدولة تعديل قانون العمل والتي تسعى فيه إلى تسخير العامل لظروف المستثمرين الأجانب.
ويشير شبانه، لـ"العربي الجديد"، إلى أن قانون الاستثمار هو من دون مواربة، جزء مكمّل لسياسات وشروط البنك الدولي. وتوقع ان يزيد معدل الفقر في مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تغوّل الاستثمارات الأجنبية، وغياب دور الدولة، بل وانبطاحها أمام البنك الدولي.
من جهة أخرى، يرى وكيل المجلس التصديري للغزل والنسيج، المهندس مجدي طلبة، أن قانون الاستثمار جيد للغاية. ويعتبر أن بنوده الرئيسية استطاعت أن تقضي على الكثير من المعوقات التي عانى منها المستثمر المصري والأجنبي. كما أن قانون الاستثمار راعى البعد الاجتماعي والاقتصادي للمصريين، ويساهم في منح حوافز غير ضريبية لتشجيع الاستثمار فى المناطق النائية والمحرومة. ويضيف أن القانون استطاع أن يقضي على البيروقراطية من خلال "الشباك الواحد" بدلاً من اضطرار المستثمرين للجوء إلى 77 جهة لبدء استثماراتهم.

إقرأ أيضا: مؤتمر التنازلات المصرية الكبرى
المساهمون