داعش يحرق المزروعات.. استعدّوا لأزمة غذائيّة

16 مارس 2015
داعش يحرق الأراضي الزراعية (صافين حميد/فرانس برس)
+ الخط -
بعد البشر والحجر، يد داعش تمتد نحو الأراضي الزراعية العراقية. ليصبح موت العراقيين أمراً محتوماً. فإن لم تقتلهم أداة الإجرام، يموتون جوعاً. فقد قضى تنظيم داعش على آلاف الأراضي الزراعية، إما بحرقها أو إغراقها، أو تحويلها إلى ثكنات عسكرية، وساحات للنزاعات. 


ترك مخلف غنام (58 عاماً)، من سكان قضاء تلعفر، جنوب مدينة الموصل، محصوله الذي يحوي الحنطة والشعير على أرض مساحتها 15 دونماً، بعد عناء طويل في زراعتها هو وعائلته لثمانية أشهر مستمرة، ليهربوا إلى محافظة كركوك ومن ثم إلى مخيم النازحين في بغداد. وذلك، بعدما اجتاح عناصر تنظيم داعش قريتهم عند دخولهم مدينة الموصل في العاشر من حزيران/ يونيو 2014. يؤكد غنام تدمير داعش آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية، إما بحرقها أو إغراقها، أما في ما يتعلق بمحصوله، فقد منعه عناصر داعش من تسويقه، إلى أن اشتد الخناق، "خرجنا من بيتنا وتركنا أرضنا ومحاصيلنا، ولا نعرف متى سنعود"، يقول غنام، ويؤكد على أن الكثير من المزارعين تكبّد خسائر مادية كبيرة، في حين تضرر الاقتصاد والمواطن الذي كان يحصل على حاجياته الزراعية.


أما بالنسبة إلى المزارع، مسعود البياتي، فالأمر مختلف تماماً، إذ تحولت أرضه إلى ساحة للقتال. يقول البياتي، لـ"العربي الجديد": "تحولت مناطق شمال وغرب محافظة صلاح الدين، إلى مناطق عسكرية، تشهد اشتباكات مستمرة، فيما هجرها سكانها خشية وقوعهم ضحايا القصف، ولم يبق إلا مناطق جنوب المحافظة، وهذه المناطق بالرغم من سيطرة تنظيم داعش عليها، لكنها لا تشهد أيّ عمليات عسكرية على مستوى كبير سوى بعض الأحداث المتفرقة، لذا بقي بعض المزارعين في أرضه خوفاً من أن يصبح مصيرهم الجوع والموت".

الاكتفاء الذاتي
وتشكل زراعة الحبوب دعامة أساسية من دعائم الاقتصاد العراقي وتمتد على مساحة تصل إلى نحو 40% من مساحة البلاد، والانتكاسة الزراعية القائمة حالياً تهدد بالفعل الأمن الغذائي العراقي. وبحسب الوكيل الفني لوزارة الزراعة، مهدي ضمد القيسي، فإن العراق كان على موعد مع تحقيق الاكتفاء الذاتي في العام 2014، خاصة لجهة بعض المحاصيل، كمحصولي الحنطة والشعير، "لكن ما حدث في محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى والأنبار، من عمليات عسكرية بين القوات الأمنية العراقية وتنظيم داعش، أفقدنا مليوناً ومئتي ألف طن من محصولي الحنطة والشعير خلال موسم العام الماضي، ما جعل تحقيق الاكتفاء أمراً صعباً".

ويقول، لـ"العربي الجديد": "أدت الأوضاع الأمنية إلى إحداث إرباك واضح في ما خص التزامات الوزارة بشأن توزيع الطحين عبر البطاقات التموينية التي تقدم شهرياً للمواطن، إضافة إلى فقدان كميات كبيرة من الشعير، ما جعلنا نعيد التفكير في كيفية تعويض ذلك، ولا سيما أن المعركة في تلك المناطق لم تحسم بعد وأن أغلب الأراضي دمرت. لذا، وضعنا خطة تهدف إلى توسيع مساحات زراعة محصولي الحنطة والشعير في مناطق الوسط وجنوب العراق ودعمها بشكل كبير حتى نغطي النقص الحاصل في المحافظات الأخرى".


خطة خمسيّة
الخوف من عدم التمكّن من سد العجز في المحصولين الاستراتيجيين من الحنطة والشعير خلال العام الحالي، دفع الحكومة للتفكير في خطط استراتيجية، بحسب أحمد ضياء، عضو اللجنة العليا للمبادرة الزراعية التابعة لمكتب رئيس الوزراء العراقي. ويقول الأخير لـ"العربي الجديد": "وضعت اللجنة خطة خمسية تبدأ من العام 2015 وتنتهي في العام 2020، تهدف إلى آليات تضمن النهوض بالقطاع الزراعي، ولا سيما المحاصيل الاستراتيجية (الحنطة والشعير والذرة الصفراء). وذلك من خلال اعتماد مشروع تقنيات الري الحديث المتوقع أن يغطي مساحات تصل إلى نحو 3.5 ملايين دونم في مناطق الوسط والجنوب، وهي تقدم يد العون للمزارع من خلال منظومة ري مدعومة بنسبة 50% من كلفتها، أما الـ50% الأخرى فتقسّط على مدى عشر سنوات بهدف تحفيز المزارع على الزراعة".

ويضيف أنه يوجد "تركيز على كيفية توفير الخدمات للقطاع الزراعي المتعلقة بالأسمدة والتي نعاني أساساً من مشاكل في توفيرها، وخاصة أن وزارة الصناعة العراقية لا تلبي طموحنا في هذا الجانب، لأن لديها مشكلة مع مصانع الأسمدة".

لكن، وفي ظل ما تصبو إليه الحكومة أو وزارة الزراعة من إجراءات ‏احترازية لدعم هذه المحاصيل "إلا أنها لن تصل إلى الاكتفاء الذاتي، بسبب أزمة الإنتاج من جهة، والضائقة المالية التي تعيشها البلاد من جهة أخرى"، وفق ضياء.‏

إقرأ أيضا: الاحتلال يسطو على مفاتيح النمو الفلسطيني
المساهمون