نبيل عيتاني: الاستثمارات مفتاح لبنان للنهوض الاقتصادي

11 فبراير 2015
مدير مؤسسة تشجيع الاستثمار في لبنان نبيل عيتاني(العربي الجديد)
+ الخط -
* كيف تقيّم واقع الاستثمارات في لبنان؟
عند تقييم عملية الاستثمار في لبنان، فإننا نربط ما يحدث داخلياً من توترات سياسية وأمنية، ‏مع ما يحدث من توترات إقليمية، فلا يمكن فصل لبنان عن محيطه الخارجي، وإن شهد ‏استقراراً داخلياً. ولا شك أن الاحداث الاقليمية، وخاصة الازمة السورية، ساهمت الى حد كبير ‏في انخفاض التدفق الاستثماري إلى لبنان في السنوات الماضية، أو إنْ صح التعبير، تراجع ‏المشاريع الاستثمارية فيه.‏

* ما هي العوامل التي تحكّمت بواقع الاستثمار في لبنان؟
العوامل التي ساهمت في انكماش التدفق الاستثماري، تتجلى في التحذير العربي، وخاصة الخليجي، لمنع رعاياهم زيارة لبنان، إذ شكل ‏هذا العامل عنصراً مهماً في انخفاض الاستثمارات في العام 2014، أضف الى ذلك، اشتداد ‏الازمة السياسية الداخلية، وغياب رئيس للجمهورية، وحدّة التوترات الامنية في ‏بعض المناطق.

‏* إن أردنا الحديث عن المستثمرين الأكثر حظاً أو نصيباً من مشاريع الاستثمار، فهل هناك جنسيات معينة؟
لا بد من التمييز أنه في ظل البيئة الحاضنة للمستثمرين التي تميّز بها لبنان، والتي ساهمت ‏في جذب العديد من رجال الاعمال من كافة البلدان، نلاحظ وجود ثلاثة أنواع من المستثمرين، ‏الفئة الاولى وهي الفئة اللبنانية من المقيمين والمغتربين، أما الفئة الثانية فهي من المستثمرين ‏العرب، والفئة الثالثة من المستثمرين الأجانب. واستطاع لبنان في ظل البيئة التشريعية ‏والقانونية والنظام الاقتصادي، من جذب جيمع أنواع رجال الأعمال.

* برأيكم هل أثّرت أحداث الربيع العربي على حجم الاستثمارات في المنطقة؟
لا شك أن أحداث الربيع العربي تركت آثاراً واضحة على حجم الاستثمارات في المنطقة، خاصة ‏في العراق، ليبيا، مصر، تونس، وكان باستطاعة لبنان أن يشكل الأداة الجاذبة لروؤس الاموال ‏العربية والاجنبية، لكننا لم نتمكن من جذب هذه الاموال ‏بسبب التوترات السياسية، ولو استطاع لبنان جذب رؤوس الاموال هذه، لحققنا طفرة نوعية.

‏* ما هو عدد المشاريع التي دخلت الدورة الاقتصادية اللبنانية العام الماضي؟
منذ العام 2013 إلى النصف الاول من العام 2014، دخل لبنان ما يقارب 12 مشروعاً ‏استثمارياً جديداً دخلت عبر المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار، إضافة الى مشاريع أخرى من خارج إطار المؤسسة. وفي ظل التوترات الامنية والاجواء السياسية الملبّدة في لبنان، انخفض عدد المشاريع في النصف الثاني من العام. إلا أنه يمكن القول إن حجم النمو الإجمالي للاستثمارات في العام 2014، كان مستقراً في مقارنة مع العام 2013.

‏* ما هي القطاعات التي تستحوذ على قيمة أعلى في الاستثمارات؟
تتنوع القطاعات الاقتصادية التي تستحوذ على اهتمام المستثمرين في لبنان، وذلك بحسب ‏جنسية المستثمر وطموحاته. ويمكن تصنيف الاستثمارات من حيث ضخامة رؤوس الاموال ‏على الشكل التالي: القطاع السياحي، الصناعي، التكنولوجيا، والقطاع العقاري.‏

‏* ماذا تقصدون أن الاستثمارات تتنوع بحسب جنسية المستثمر؟ ‏
كل جنسية تعشق قطاعاً معيّناً، فاللبناني يفضّل الاستثمار في القطاع الصناعي، وصناعة التكنولوجيا، فيما يفضّل المستثمر ‏العربي الاستثمار في القطاع السياحي والعقاري، أما المستثمر الاجنبي فيتجه دوماً نحو ‏الاستثمار في الأعمال ذات الطبيعة الاستشارية والخدمات التأمينية، بالاضافة الى قطاع ‏الاتصالات.‏

* ما هي أعلى القطاعات التي استحوذت على اهتمام المستثمر خلال السنوات الماضية، من ‏ناحية عدد المشاريع؟
القطاعات التي استحوذت على اهتمام المستثمر والتي سجلت ارتفاعاً في عدد المشاريع كانت ‏من نصيب صناعة التكنولوجيا، خاصة التكنولوجيا المتطورة والدقيقة، ثم القطاع الصناعي، فالقطاع السياحي. ففي السنوات الخمس الماضية، وبسبب ‏الاوضاع السياسية والاقتصادية، انخفضت المشاريع في القطاع السياحي نظراً لضخامة رؤوس ‏الاموال التي تتطلبها، وبالتالي احتلت الاستثمارات في التكنولوجيا والصناعة اهتمام ‏المستثمرين، كما أنه خلال السنوات الماضية، كانت الاستثمارات في غالبيتها من قبل رجال أعمال لبنانيين.‏

‏* برأيكم هل يوازي عدد المشاريع حجمها من حيث رؤوس الأموال؟
لا يمكن ربط عدد المشاريع بقيمة رؤوس الاموال التي تُضخّ بها، لأن المشاريع ذات الطبيعة ‏السياحية على سبيل المثال، تحتاج الى رؤوس أموال تصل الى 150 و200 مليون دولار، ‏بينما المشاريع الصناعية لا تحتاج أكثر من 3 ملايين دولار، وبالتالي لا يمكن ربط عدد ‏المشاريع بقيمة الاموال المستثمرة.

* إنْ أردنا أن نتحدث بالأرقام عن حجم الاستثمارات خلال السنوات الثلاث الماضية، ومدى ‏تأثيرها على الاقتصاد اللبناني، فكيف تحركت هذه الاستثمارات؟
منذ العام 2010 والى اليوم، حدثت فقاعات كبيرة في القطاع الاستثماري، وإن أردنا الحديث ‏بالأرقام، ففي العام 2010 سجلت الاستثمارات أعلى عائد لها، وصلت قيمة الاستثمارات ‏إلى 5 مليارات دولار، واحتل لبنان المركز الثالث في المنطقة ‏العربية. أما في العام 2011، وبسبب بدء الازمة السورية، انخفضت الاستثمارات إلى ‏‏20%، وفي العام 2012، عاد نمو الاستثمارات وارتفع بحدود 10%.‏ أما في العام 2013، ونتيجة تردي الأوضاع، فقد تراجع مجدداً تدفق الأموال بنسبة 20%. واستمر الحال نفسه في العام الماضي.

‏* ما هي العوامل التي تجعل من لبنان بلداً استثمارياً؟ ولماذا لا ‏يلجأ المستثمر إلى دول أكثر أمناً؟
المستثمر يبحث دوماً عن الامان والاستقرار. هو لا يبحث عن حدود معينة أو دولة بعينها، بل يبحث عن المناخ العام للاستثمار، ولبنان جزء من هذه المنطقة، ‏وما يميّز لبنان عن دول أخرى في المنطقة، هو قدرة وصوله الى أكثر من 300 مليون مواطن ‏عبر القارات، بالاضافة الى ذلك، يتمتع لبنان بعوامل عديدة تجعله محط أنظار المستثمرين، ‏أبرزها الاستقرار النقدي، والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، والموارد البشرية المتعلمة القادرة ‏على تنفيذ أي مشروع وبأي كلفة.‏

‏* ماذا لو بقي المشهد العام في المنطقة مستقراً، هل كان لبنان سيستفيد من هذا الاستقرار أم ‏ستسبقه دول أخرى؟
لو بقي المشهد العام في المنطقة مستقراً، بالتأكيد فإن لبنان قادر على الاستفادة من حجم ‏رؤوس الأموال الأجنبية، لكن بشرط تحديث البنية التحتية الخاصة في الاتصالات، شبكات ‏الكهرباء والماء، البيئة التشريعية، لأن دولاً أخرى استفادت من الأحداث في المنطقة العربية ‏وجذبت رؤوس أموال ضخمة بسبب التطور الهائل في قطاعاتها.
المساهمون