عمرو حسنين: التصنيف الائتماني المصري ما زال متدنياً

20 يناير 2015
رئيس مجلس إدارة شركة "ميريس" عمرو حسنين (العربي الجديد)
+ الخط -
كشف رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط ‏للتصنيف الائتماني (الوحيدة في مصر)، "ميريس"، الدكتور عمرو حسنين، أن مصر بحاجة إلى تحقيق معدل نمو 7% سنوياً لمدة خمس سنوات ‏متتالية للخروج من عنق الأزمات الحادة التي تواجهها الآن، وأكد أن ‏التصنيف الائتماني لمصر مُتدنٍ الآن بفعل الاضطرابات.

* تواجه مصر الآن أزمات اقتصادية طاحنة تتجلى في تفاقم مؤشرات ‏البطالة والفقر وعجز الموازنة، ففي رأيك ما هي معدلات النمو التي ‏تحتاج البلاد إلى تحقيقها للتغلّب على هذه الأزمات؟ 
- أولاً منظومة العمل كانت شبه متعطلة على مدار ثلاث ‏سنوات منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، ما أدى إلى تكبّد مصر خسائر ‏تصل إلى 40 مليار دولار. ‏ويمكن الاستدلال على هذا الرقم بقياس الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي ‏انخفض من 36 مليار دولار في نهاية 2010 إلى رصيد سلبي، أي أقل من ‏الصفر، في حالة حسم الودائع والمساعدات النقدية التي تلقتها مصر.‏
أما البُعد الثاني، فيتعلق بالشقِ السياسي، فنحن لم ننجز خارطة الطريق ‏السياسية بالكاملِ حتى الآن، فيتبقى إجراء الانتخابات البرلمانية حتى ‏تتحول المساندة السياسية الإقليمية والدولية لمصر إلى دعم اقتصادي، ‏نظراً لأنه لا يمكن ضخ استثمارات كبرى دون تقييم توجهات البرلمان ‏وحجم الخلافات المحتملة مع الحكومة في معالجة المشكلات السياسية ‏والاقتصادية والاجتماعية.‏ كذلك مجابهة عمليات الارهاب ومظاهر ‏الفساد والبيروقراطية التي تعتري الأجهزة الحكومية التي ستتولى ‏تنفيذ خطط الدولة. ‏
وبناءً على هذه الأرضية، فإن البلاد تحتاج إلى تحقيق معدل نمو يراوح ‏بين 6% إلى 7% سنوياً للناتج المحلي الإجمالي لمدة 5 أعوام متتالية، ‏وليس 3% فقط، وفقاً لمستهدفات الحكومة خلال العام المالي 2014-‏‏2015، وذلك حتى تتمكن مصر من إغلاق فجوة عجز الموازنة البالغة 12.8% ‏من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص عمل جديدة لأكثر من 700 ألف ‏وافد جديد سنوياً إلى سوق العمل.

* ما هي أبرز القطاعات الاقتصادية ‏التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق معدل نمو 7% سنوياً؟
حين نعود بالذاكرة سبع سنوات إلى الوراء، سنجد أن مصر نجحت في تحقيق ‏معدل نمو 7% في العام المالي 2007-2008 بفضل تنوع القطاعات ‏الاقتصادية المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي. أبرزها القطاع السياحي ‏الذي بإمكانه تحقيق إيرادات قدرها 12 مليار دولار على غرار ‏السنوات السابقة للثورة فور استعادة الاستقرار الأمني. إضافة إلى قطاع ‏الزراعة وما يرتبط به من صناعات غذائية، والصناعات اللوجستية ‏والموانئ والعقارات والمقاولات والتعدين والصناعات التحويلية ‏والبترولية. ‏

* ولكن كيف نتحدث عن دور الصناعات التحويلية في تحقيق النمو، في ‏حين تعمل معظم المصانع بنحو 50% من طاقتها الحقيقية بسبب ‏نقص إمدادات الطاقة؟
هذه حقيقة لا يمكن إنكارها عند تحليل المشهد الاقتصادي. لذلك توجهت ‏الدولة نحو إقرار التعريفة الموحدة لشراء الطاقة المتجددة، مثل الرياح ‏والشمس، من القطاع الخاص لأول مرة، بهدف خلق مصادر جديدة للطاقة، ‏وفي الوقت نفسه عدم تحمّل تكاليف إنشاء هذه المحطات الكهربائية.‏

* في ضوء الوضع الاقتصادي للبلاد، كيف تُقيّم تقارير التصنيف ‏الائتماني الصادرة من المؤسسات الدولية لمصر؟
رغم أن هناك مؤسسات تصنيف ائتماني دولية، مثل فيتش، رفعت التصنيف ‏الائتماني للقروض طويلة الأجل التي حصلت عليها مصر من ‏‎ B-‎إلى ‏B+‎، مع تغيير مؤسسة موديز النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من ‏سلبي إلى مستقر مع الاحتفاظ بتصنيف ‏CAA1‎، إلا أن هذه التصنيفات ‏تُعتبر متدنية للغاية. وآلت مصر إلى هذا الوضع الائتماني السيئ نتيجة ‏الأزمات الاقتصادية والسياسية العديدة التي شهدتها على مدار السنوات ‏الثلاث الماضية. ‏
‏ ومع ذلك، ما زالت مصر تمتلك فرص استعادة تصنيفها الائتماني كما كان ‏قبل ثورة يناير عند مستوى ‏BB+‎، شريطة اتسام البرلمان ‏المرتقب بالتوافق السياسي لضمان عدم دخول الحكومة والبرلمان في ‏صراع، مع حل أزمة الطاقة واستعادة الاستقرار الأمني. ‏

* هل يؤثر التصنيف الائتماني المتدني الحالي على قدرة مصر لطرح ‏سندات في الخارج بالدولار الأميركي لتوفير احتياجاتها التمويلية ‏بالنقد الأجنبي؟
بالطبع سيؤثر سلباً. فالتصنيف الائتماني يلعب دوراً رئيسياً في حساب ‏فائدة الاقتراض، إذ إنه يعطي مؤشراً لقدرة الدولة على سداد القروض في ‏الآجال المتفق عليها دون تأخير، وتحديد مستويات المخاطرة في الوفاء ‏بالالتزامات. ‏
وفي ظل التصنيف الائتماني الحالي، لن تقل الفائدة الممنوحة على القروض ‏الدولارية التي ستحصل عليها مصر عن 3%.‏

* في رأيك، ما مدى مناسبة التوقيت الحالي لبدء جولة محادثات جديدة ‏مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة قروض تساعد في سداد ‏التزامات البلاد المحددة بالدولار؟
الحكومة كانت واضحة تماماً في هذه النقطة، بالتأكيد على أن الوقت ‏الحالي لن يشهد مساعي اقتراض من صندوق النقد الدولي، وهو قرار ‏صائب. ورغم إصدار بعثة الصندوق، التي زارت مصر خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني ‏الماضي، تقريراً يُشيد بالإصلاحات الهيكلية بالموازنة العامة للدولة عقب ‏تقييم الأداء الاقتصادي للبلاد، إلا أنه ما زال هناك عدداً من الملفات ‏المفتوحة التي ينبغي إحراز تقدم بها قبل التوجه للصندوق. ‏وتأتي على رأس هذه الملفات عجز الموازنة المرتفع وتقلّبات سعر صرف ‏الجنيه، وانخفاض معدلات النمو، واستكمال خطة هيكلة دعم الطاقة والمواد ‏الغذائية. ‏

* وجهت العديد من الجهات في مصر اتهامات لمؤسسات التصنيف ‏الدولية تصف تقاريرها بعد الثورة بالمُسيّسة، فكيف ترى هذه ‏الاتهامات؟
النقد الموجّه لمؤسسات التصنيف قد يكون صائباً في حالات محددة، مثل ‏منحها تصنيفات غير دقيقة لمؤسسات مالية أميركية في 2008، ما أدى ‏إلى تفاقم الأزمة المالية العالمية. ولكن في المقابل تقارير هذه المؤسسات ‏حالت دون وقوع مئات الأزمات الأخرى حول العالم عبر إطلاق تحذيرات ‏بشأن الأوضاع الاقتصادية في دول العالم.‏
أما في ما يتعلق بالزج بالتوجهات السياسية في تقارير التصنيف الائتماني، ‏فهو أمر إثباته في غاية الصعوبة، وفي حالة حدوثه ستكون هذه ‏المؤسسات أول الجهات المتضررة، نظراً لاعتماد مصدر إيراداتها على ‏اشتراكات المستثمرين حول العالم.

* كيف حجّمت هذه التقارير العديد من الأزمات الاقتصادية رغم ‏أن العالم شهد سلسلة كوارث اقتصادية بدءاً من الأزمة المالية العالمية ‏وديون منطقة اليورو وصولاً إلى تأزم مديونية دول أميركا اللاتينية ‏وتحديداً الأرجنتين؟
هذه الانتقادات قد تكون صائبة، إلا أن الأزمات المذكورة تكون لها مقدمات ‏واضحة متعلقة بحجم الناتج القومي ومعدلات الدين والعجز في الموازنة، ‏وبالفعل تصدر مؤسسات التصنيف تحذيرات مسبقة من تفاقم أزمات ‏اقتصادية، ولكن ضعف قدرة الدول على ضبط الأداء الاقتصادي في ظل ‏تراكم الالتزامات المالية، يؤدي إلى انخفاض فعالية هذه التوصيات. ‏
دلالات
المساهمون