2.2 مليار دولار إيرادات القطاع الفندقي في تونس

14 يناير 2015
+ الخط -
لا يمكن أن ينجح الاهتمام بالقطاع السياحيّ في تونس ومحاولة النهوض به، دون التركيز على خدمات الفندقة ‏ومستوى تطوير هذا القطاع والاهتمام به، إذ تعتبر الفنادق عصب السياحة التونسيّة وركيزتها الأساسيّة. فقد كانت السياحة الشاطئيّة خياراً استراتيجيّاً ‏للدولة في القطاع السياحيّ. وقد تطلّب ذلك بالضرورة التركيز على البنية التحتيّة والمرافق الأساسية، لضمان نجاح هذا ‏النمط السياحيّ. وهو ما جعل من السياحة اليوم تحمل لقب "أيقونة الاقتصاد التونسيّ". وقد تطوّر نصيب هذا القطاع من الناتج المحليّ ‏الخام، ليتجاوز نسبة 7% من إجمالي إيرادات البلاد، وبقدرة تشغيليّة ناهزت 400 ألف وظيفة حسب إحصائيات ‏وزارة السياحة لسنة 2014.‏

جودة الخدمات الفندقية
فقد تطوّرت السياحة في البلاد منذ بداية ستينات القرن الماضي بفضل استثمارات الدولة عبر الشركة الفندقيّة والسياحيّة التونسيّة ‏وبعض المستثمرين من القطاع الخاص.‎‏ ومع بداية الثمانينات، أوقفت الدولة تدخّلها المباشر في الاستثمارات السياحيّة لتفسح المجال أمام ‏القطاع الخاصّ. وفي هذا السياق يقول الخبير في مجال الفندقة وإدارة النزل حمّادي السويسي، أنّ فتح الباب أمام ‏القطاع الخاصّ للاستثمار في مجال الخدمات السياحيّة وخصوصاً إنشاء الفنادق، قد أدّى إلى طفرة كميّة ونوعيّة، حيث ‏تشير إحصائيات الديوان الوطني للسياحة إلى تطوّر عدد الفنادق في تونس منذ سنة 1990 إلى سنة 2011 من 530 ‏فندقاً إلى نحو 870 فندقاً بنسق مستقرّ نسبيّاً راوح بين 4% و6%. ‏
ويضيف السويسي أنّ هذا التطوّر في عدد الفنادق كان مصحوباً بتطوّر جودة الخدمات المقدّمة ومستوى الفنادق بصفة عامّة، ‏حيث وبنهاية سنة 2014، مثلت نسبة الفنادق الفخمة من مستوى 4 و5 نجوم حوالي 40% من مجموع الفنادق العاملة في ‏البلاد.‏
‏وحول التأثير المباشر للفنادق على الدورة الاقتصاديّة، يجيب السويسي قائلا إنّ الفنادق تخلق ديناميكيّة كبيرة في ‏المناطق التي تتركّز فيها. وتسهم الفنادق في بعث فرض عمل جديدة كخدمات النقل والترفيه وأعمال الصيانة والبناء، ‏بالإضافة إلى الأنشطة اللوجيستيّة الغذائيّة وغيرها. ويُقدّر عدد المنتفعين من قطاع الفنادق بصفة مباشرة بحوالي 120 ألفاً ‏وبصفة غير مباشرة حوالي 280 ألف شخص حسب دراسة أعدتها الوكالة التونسيّة للتشغيل. وقد بلغ حجم الإيرادات في هذا المجال ‏حوالي 2,2 مليار دولار سنة 2014.‏

صعوبات طالت القطاع
وفي السياق ذاته، يقول الخبير الاقتصادي وجدي الصغيّر إنّ ارتدادات الثورة طالت القطاع السياحيّ والفنادق بصفة خاصّة، ‏حيث أدّى مناخ عدم الاستقرار والفوضى الأمنيّة والسياسيّة إلى تراجع حجم التدفقّ السياحيّ إلى تونس خلال السنتين ‏الأوليين للثورة. لكن سنة 2013 كانت بداية تعافي القطاع، حيث سجّلت تلك السنة توافد ستة ملايين سائح إلى البلاد من مختلف ‏الجنسيّات الأوروبيّة والعربيّة وخصوصاً من الجزائر وليبيا. وقد بلغ عدد الليالي المقضّاة حوالي 30 مليون ليلة بإيرادات ‏إجمالية تجاوزت ملياري دولار، ممّا أعطى دفعة قويّة للسياحة التونسيّة وأعاد ثقة المستثمرين في إمكانيّة استغلال هذا ‏المجال بسبب مردوديّته العالية.‏
ويضيف الصغير أنّ جهود الدولة تتركّز حالياً على استغلال هذا الانتعاش وجذب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات ‏الأجنبيّة والمحليّة، خصوصاً بعد أن شهدت السنوات الماضية إفلاس 46 فندقاً على خلفيّة تراجع توافد السيّاح بعد الثورة ‏مباشرة وضغوط المصارف والوكلاء السياحيّين.
وتبدو الاستثمارات الخليجيّة حاضرة في المستقبل القريب، خصوصاً في مجال ‏السياحة الصحراويّة، بعد مصادقة مجلس النواب السابق على مشروع سياحيّ ضخم في الجنوب التونسي بتمويل قطريّ، ‏بالإضافة إلى السعي لإتمام صفقات فندقية وضعت تحت الإشراف الإداري للدولة في "طبرقة" شمال البلاد ومدينة ‏الحمامات السياحيّة. ‏
أمّا عن الصعوبات التي تواجه قطاع الفندقة، فيردها الخبير محمد ياسين السوسي إلى مشاكل أساسية؛ الأولى ‏تتعلّق بمعضلة الوكلاء السياحيّين الأجانب، حيث يعاني أصحاب الفنادق من ابتزاز هؤلاء الذين يسيطرون على مفاتيح سوق ‏السياحة العالميّة، ويقومون بتحديد نصيب تونس من إجمالي الحركة السياحيّة الدوليّة، "وهو أمر مؤسف ومدمّر للقطاع ‏السياحيّ التونسيّ، حيث لم تستطع البلاد حتّى هذه اللحظة، تجاوز سقف 1% من إجمالي السوق الأوروبيّة". ‏
أمّا المشكلة الثانية، فهي بشريّة بالأساس، إذ ورغم سعي الدولة إلى تحسين اليد العاملة في المجال السياحيّ عبر إنشاء ‏المدارس السياحيّة ومراكز التكوين المختصّة، إلاّ أنّ النتائج مازالت دون المطلوب نظراً لعدّة عوامل ترتبط بقدرة الفنادق على ‏تحمّل أجور اليد العاملة المختصّة، التي تكون مرتفعة نوعاً ما، أو نتيجة هجرة تلك اليد العاملة الكفؤة إلى الخارج ‏لتلبية طموحاتها الماديّة.‏
أمّا المشكلة الثالثة فتتمحور حول العلاقة بين أصحاب الفنادق والمصارف، "إذ يجب إيجاد صيغ جديدة للتعامل مع المصارف و تسوية أوضاع الفنادق التي ترزح تحت ضغط الديون، وإعطاء نفَس جديد لها عبر إعادة جدولة ديونها وهيكلتها على مختلف ‏المستويات". ويقول السويسي إن "ما تفرضه المصارف من فوائد مرتفعة واقتطاع الفائض من المبلغ الأصليّ للقرض يسبّب للمستثمر الشاب ‏المحدود الإمكانات صعوبة وعجزاً في السيولة. بالإضافة إلى بطء الإجراءات الإدارية والبيروقراطيّة التي تعرقل حسن ‏وسرعة سير المشروع".‏
دلالات
المساهمون