الأسهم الخليجيّة بين النفط والبيانات الماليّة

14 يناير 2015
الأسهم الخليجية وأسعار النفط (فرانس برس)
+ الخط -
لم يكن الأسبوع الأول من العام الجديد أفضل حالاً من نهاية العام الماضي بالنسبة للبورصات الخليجية. الأخيرة، باتت تتأرجح ما بين التأثر بتراجع أسعار النفط رغم التوقعات التي تشير الى العودة إلى الارتفاع قبل منتصف العام، وما بين البيانات المالية والتوقعات بجني الأرباح والحصول على توزيعات مجزية ينتظرها المستثمر على أحر من الجمر.
فالمستثمرون يريدون تعويض جزء من خسائرهم من جراء التراجعات بأسعار الأسهم التي كانت متباينة الأداء وفق كل سوق، باستثناء بعض الأسواق التي سجلت أداءً سلبياً واضحاً. وهذا المنظور أعطى رؤية ضبابية في فهم طبيعة الاستثمار في الأسهم خلال الفترة الحالية، التي تعتبر في قمة المخاطر بعد الأزمة العالمية الماضية. وهذه الضبابية ساهمت في سرعة التغيير في توجهات متخذي القرارات الاستثمارية في البورصات.

التناقض الاستثماري
كان الأسبوع الأخير من العام الماضي يحمل في طياته أداءً سلبياً لكافة البورصات الخليجية بتراجع جماعي، باستثناء سوق البحرين الناجي الوحيد بارتفاع كان وراءه ضعف عمليات التداول.
واستمر الحال في الأسبوع الأول من العام 2015، ولكن هذه المرة طال كافة الأسواق الخليجية التي عانت كثيراً في أوقات متفرقة من الصدمات ترافقت مع فقدان ثقة مزمن جراء تلك الأوضاع غير واضحة الاتجاه. ولذلك، فإن مطرقة تراجعات أو تصحيحات أسعار النفط تلاحق البورصات التي أصبحت مترابطة نفسياً في كافة الدول العربية.
وفي الجانب الآخر، فإن البيانات المالية التي يترقّبها الجميع مع بداية العام الحالي، تأتي في أعلى سلّم أولويات المستثمرين في الوقت الحاضر، ما يثير الشهية لديهم بالشراء إذا ما اقتربت التوقعات نحو نطاق التوزيعات المجزية. وهذا ما يساعد الأسواق على العودة إلى الارتفاعات في حال توقف أسعار النفط في مستويات الاستراحات اللازمة. إلا أنه، وفي الوقت ذاته، يقف المستثمر في دائرة التردد في الشراء والبيع، ولهذا التناقض إيجابية نستطيع أن نستخرج منها قرارات سريعة بمكاسب وقتية مميّزة وهي ذات طابع مضاربي بحت عبر الاستثمار قصير الأجل.
ومع كل ما سبق من تناقضات، نستطيع أيضاً أن نقول بأنه قد يكون القرار الأقرب للصحة هو أن يتزامن قرار الشراء مع أوقات التراجعات واللون الأحمر، وخاصة الغامق منها، بمعنى التراجعات الحادة. والبيع وقت الارتفاعات وعلو اللون الأخضر. لكن وفق شروط، أهمها التركيز على نوعية الأسهم التي تعطي اطمئناناً لحاملها في حال عدم توافق التطلعات والتوقعات مع الواقع، وفي حال استمرار التراجعات الكبيرة،. أما في ما يخص التوقيت، فهو شرط آخر ينتهي به المستثمر بقرار حاسم.

استراتيجات إيقاف الخسائر
يفتقد الكثير من المستثمرين الحنكة في كيفية اتّقاء المخاطر العالية من خسائر تتفاقم مع مرور الزمن للاستثمار في الأوراق المالية بشكل عام، جراء عدم رغبتهم بتحقيق خسائر محققة وتفضيلهم البقاء في دائرة الخسائر غير المحققة أو الدفترية. والأخيرة، أدت إلى فقدان الكثيرين جزءاً كبيراً أو كل المدخرات في أسواق رأس المال. وهذا أخطر بكثير من الثقافة النوعية الاقتصادية القاصرة على عدم فهم كيفية إدارة المحفظة.
كما أن الاحتفاظ بالأسهم بغية الحصول على أرباح نسبية مبالغ بها، يؤدي في أوقات كثيرة إلى النتيجة الحتمية ذاتها، وهي عدم تحقيق مكاسب بالأصل.
ولذلك، فإن القرارين يصبان في خانة واحدة وهي عكس المصالح الخاصة بالمستثمر الذي يتعامل نفسياً مع استثماره دون إدراك منه بأن ذلك يكلّفه الكثير على حساب ماله ومدخراته. إذ على المستثمر الراغب بتعظيم أرباحه، أن يضع استراتيجية واضحة، كالتوقف عن الاحتفاظ بالاستثمار ضمن نسب محددة سلفاً. وهذا التوجه يختلف وفق شخصية المستثمر، ولكن تشير بعض الدراسات المتخصصة إلى أن أفضل النسب لإيقاف الخسائر وفق القرار المتاح هي ما بين 5% إلى 10%. أما جني الأرباح والبيع في الارتفاعات، فهي تكون ما بين 25% و30%. وهذا لا يعني أن النسب المتفاوتة ليست قراراً جيداً، بل قد يكون القرار الأفضل، إلا أن ذلك يخضع لعوامل تحيط بالدولة والسوق والقطاع إلى أن نصل إلى السهم أو الورقة المالية بذاتها.
وإضافة إلى تلك الاستراتيجيات، تأتي نوعية الاستثمار الذي يعتمد على التوقيت والقطاع أو كميات وعدد الأوراق المالية التي قد تكون على هيئة نسب معينة ما بين أسهم متعددة. وذلك مع ضرورة توفير سيولة دائمة تساند ذلك الاستثمار في أوقات الحصول على فرص شبه مؤكدة، أو تخفيض الكلفة عند عملية الشراء بأسعار أقل من الكلفة الأولى، ما يؤدي إلى تقليص الخسائر عبر إضافة مكاسب، حتى وإن كانت قليلة، ما يعطي أهمية في كثير من الأحيان للتقلبات والتباينات الحادة نسبياً وغير الواضحة، كما هو الحال حالياً في الكثير من البورصات العربية.
(خبير اقتصادي كويتي)
دلالات
المساهمون