معالجة النفايات في قطر: استثمارات بالمليارات

24 اغسطس 2015
الاستثمار في فرز النفايات ومعالجتها يدرّ أرباحاً طائلة (Getty)
+ الخط -
تستفيد قطر من السيولة المالية العالية التي تملكها وتوظفها في خدمة المواطنين والمقيمين على أراضيها، وتوفير الحاجات الأساسية لكل منهم، ويعد التخلص من النفايات واحدة من أهمها، إذ أنشأت منذ 4 سنوات، المركز الأكبر في الشرق الأوسط لمعالجة وإعادة تدوير النفايات بالتعاون مع إحدى الشركات السنغافورية، وبقيمة تصل إلى 4 مليارات ريال، وعلى مساحة 3 كيلومترات.

وأشار الخبير الاقتصادي، يوسف الحرمي، إلى أن النفايات في قطر تعد من الثروات التي توفر على الدولة مليارات الدولارات من خلال فرزها وإعادة تدويرها واستعمالها في تغذية التربة والمزروعات في قطر، وإنتاج الطاقة الكهربائية، مبيناً أن السلطات المعنية في الحكومة القطرية انتبهت إلى أخطار البقاء على الطرق التقليدية في معالجة النفايات، والتي تقوم على طمرها في أطراف البلاد، فلجأت إلى إنشاء مركز معالجة النفايات في منطقة مساعيد، والذي يستوعب يومياً نحو 6000 طن من النفايات المنزلية والإنشائية، فضلاً عن السماح للشركات بإنشاء نحو 15 مصنعاً آخر في كل مناطق الدولة من أجل التخلص الآمن من النفايات، لقاء رُخص تجدد سنوياً.


وقال الحرمي في تصريح له، لـ "العربي الجديد"، إن النفايات في قطر تقسم إلى نفايات إلكترونية وإنشائية ومنزلية وطبية، مبيناً أن النمو المتواصل في أعداد السكان في الدولة يؤدي إلى ارتفاع كميات النفايات في السوق المحلية، وهو الذي تعاملت معه السلطات من خلال منح الرخص إلى نحو 10 شركات، نصفها أجنبية تعمل بالشراكة مع المستثمرين القطريين في إدارة المصانع من أجل طمر النفايات وفرزها وإعادة تدويرها، وحرقها واستعمالها في تنمية المزروعات في الدولة.

وأضاف الحرمي أن الشركات العاملة في السوق القطرية تلجأ إلى التعامل مع 93 % من النفايات اليومية، فيما تتخلص من 7% منها فقط عن طريق الحرق والطمر على أطراف البلاد، مما يجعلها من الدول الأكثر نظافة في المنطقة، بحسب العديد من الإحصاءات العالمية.

وتابع الحرمي أن قطاع شركات النفايات في قطر يعد من القطاعات الأكثر نشاطاً على المستوى المحلي، في ظل الاهتمام الكبير به من قبل السلطات الرسمية، وتسابق رجال الأعمال إلى افتتاح شركات خاصة بهم تحقق لهم ربحية عالية على مدار الوقت، معتبراً أن هذا القطاع يعد من الأكثر أماناً في ظل الحاجة الماسة إليه والتي لا تتأثر بالأزمات المالية، مما يساهم في تحقيق إيرادات عالية على الدوام.

ومن ناحيته، أشار الخبير، سعيد المهندي، (صاحب شركة مجموعة الشاطئ) إلى أن السوق القطرية تعد من الأكثر نشاطاً في التعامل مع النفايات، لافتاً إلى وجود نحو 12 محطة ترحيل تعمل من خلال المصانع في الدولة، والتي تستوعب كلٌّ منها ملايين الأطنان يومياً من النفايات، ومنوهاً إلى أن قطر تعد من الدول القليلة في المنطقة التي تملك محرقاً للنفايات، يستوعب نحو 1350 طناً من النفايات يومياً، والتي يساهم سمادها في التنمية الزراعية في نحو 30 مزرعة في الدولة.

وقال المهندي إن القطاع الخاص في قطر يضطلع بمسؤولية كبيرة في العمل بالقطاع، إذ يعمد إلى توقيع الاتفاقيات مع السلطات المعنية في وزارة البيئة من أجل جمع النفايات من المناطق، لافتاً إلى أن نحو 10 شركات تستثمر سنوياً نحو 18 مليار دولار في إقامة المطامر والمحارق والمعامل ومحطات الترحيل.

وبين المهندي أن النمو في إنتاج النفايات بلغ نحو 40 % في السنوات العشر الماضية، يأتي بالتوازي مع الارتفاع المتواصل في عدد السكان في قطر، والذي يصل اليوم إلى نحو 2.2 مليونَي نسمة، مبيناً أن الطفرة الاقتصادية والنشاط الاقتصادي والعمراني المتزايد تشهده جميع المناطق القطرية.

وتابع أن الشركات العاملة في السوق القطرية تحقق أرباحاً كبيرة تتراوح بين 10 ملايين دولار وتصل إلى نحو 100 مليون دولار، وأن وزارة البيئة في قطر تعمد إلى إجراء المناقصات من أجل جمع النفايات في جميع المناطق، لمدة تتراوح بين سنة و3 سنوات، ويصل عددها إلى نحو 25 مناقصة سنوياً، كاشفاً عن أن القطاع الخاص من ناحيته يقوم بعقد الاتفاقيات مع الشركات الأميركية والآسيوية، ويستفيد من التقنيات في معالجة النفايات، والتي تؤدي إلى تخفيض التلوث، وزيادة الربحية من ناحية أخرى.

وتعتبر السوق القطرية واحدة من أبرز الأسواق بالنسبة للشركات الخليجية والعالمية، إذ بيّن الخبير الاقتصادي والمسؤول في مركز لمعالجة النفايات، فؤاد دشتي (رئيس مجلس إدارة شركة الوطنية للتنظيف العاملة في قطر)، أن الشركات العالمية تتسابق للفوز بحصة من السوق القطرية، في ظل النمو الكبير في كميات النفايات، التي تفرز يومياً، سعياً منها للفوز بكعكة من الأرباح العالية التي يحققها القطاع في الدوحة، مبيناً أن المصانع القطرية تتعامل يومياً مع نحو 15 ألف طن من النفايات، 30 % منها منزلية، فيما الباقي عبارة عن النفايات الإنشائية والصلبة التي تخرج من المشاريع قيد التنفيذ في الدولة، ومنوهاً إلى أن نحو 10 شركات عالمية تعمل في السوق القطرية في إدارة المصانع المنتشرة في كافة محافظات الدولة من خلال اتفاقيات مع رجال الأعمال القطريين.

وذكر أن عدد العاملين في القطاع اليوم يصل إلى نحو 10 آلاف موظف، لافتاً إلى أن المؤسسات الخاصة تعمد إلى عقد اتفاقيات مع شركات التنظيف وتوقع عقوداً سنوية معها، مقابل مبالغ تتراوح من 3 إلى 10 ملايين دولار تقريباً، وتحقق من خلالها شركات التنظيف عوائد تتراوح من 7 إلى 15% من القيمة الإجمالية للعقد سنوياً.

وأفاد دشتي في تصريح له لـ "العربي الجديد" أن السوق القطرية من أول الأسواق في المنطقة، التي خصصت منطقة خاصة للتخلص من النفايات الإلكترونية ومن الإطارات المتلفة، إذ تعمد الشركات إلى حرقها، مبيناً أن سماد هذه النفايات يعاد توزيعها على المزارعين لقاء نحو 100 دولار تقريباً لكل طن، ما يساعد على زيادة الربحية في القطاع، وتشجيع رجال الأعمال على الدخول في القطاع.
دلالات
المساهمون