التكوين المثالي للمحفظة الاستثماريّة

13 مايو 2015
يجب معرفة كيفية إدارة المحفظة لضمان أفضل العوائد (Getty)
+ الخط -
تختلف الطرق الخاصة بتكوين أي محفظة مالية استثمارية تحتوي على عدد من الأدوات أو عدة أوراق مالية من أداة واحدة أو عبر أي من الصور التي قد يقوم مدير تلك المحفظة بتكوينها، فهو في البداية، يجب عليه أن يعرف متطلبات وأهداف صاحب المحفظة المالية الأصلي والذي قد يختلف عن مديرها في أحوال إدارة الإستثمار الجماعي.

بداية يتطلب تحديد مصدر تلك الأموال المستثمرة، إن كانت مدخرات أو فوائض مالية أو قروض مالية أو نتاج بيع أصول خاصة أو حتى استثمارات مالية طويلة الأجل، أو أن تكون لمؤسسات وشركات مالية ترغب بالاستفادة من موارد أخرى بجانب النشاط الرئيسي لتلك المؤسسة أو الشركة.

هذه المعرفة للأموال المستثمرة، تساعد مدير المحفظة لمعرفة طبيعة نمط الاستثمار، وتقدير مدة بقائه في المحفظة أو عمر المحفظة المتوقع عبر مدى حاجة المالك أو المستثمر لتلك الأموال، كما أن هذا سيحدد هدف الاستثمار الرئيسي في بداية التكوين للمحفظة، والذي يرتبط باستراتيجياتها المبنية على أسس نوعية المكونات وفترة الاستثمار أو مدة الاحتفاظ، إلى جانب توقيت التخارج ونسبة السيولة النقدية التي يحتفظ بها لاقتناص الفرص السريعة أو استغلالها لعدد من متطلبات الاستثمار.

وبعد أن يتم بدء تكوين السيولة النقدية الكاملة، يكون البحث عن الفرص الاستثمارية عن طريق تحليل الأدوات بمختلف أنواعها، ومن ثم تحديد السوق المالي المناسب للمحفظة وأهدافها واستراتيجياتها التي تكون متوافقة بنمط معين من الأسواق والتي تكون ما بين سوق نقد أو سوق رأس مال، وهذا ما يرتبط بمقدار المخاطر المقبولة لدى مدير المحفظة، وبمعنى آخر كيفية إدارة المحفظة لضمان أفضل العوائد وليس بالضرورة أعلاها.

وبعد ذلك التحديد، يبدأ التفاضل ما بين الأدوات والمشتقات وبناء محفظة تتناسب مع توقيت الدخول والخروج، مع البعد النفسي لمستوى أداء مؤشرات ذلك السوق وخاصة أسواق رأس المال وما تحتوي من بورصات أوراق مالية وهي الأسهم بمختلف أنواعها والسندات والصكوك وغيرها من الأوراق المالية التي تغذي وتمول رأس المال لأي شركة أو مشروع طويل الأجل.

ويقوم مدير المحفظة بدراسة وتحليل الفرص من زاوية مخاطرها وعوائدها المتوقعة والبيانات التاريخية، وهو جهد كبير يحتاج فترات زمنية طويلة، وهذا ما يميز الخبرات لمديري المحافظ عن القطاعات الأخرى التي قد تحتاج لجهد أقل، حيث أن العدد الكبير من الأوراق المالية والقطاعات المختلفة والأسواق تخلق قاعدة كبيرة من المعلومات التي ليس من السهولة أو التكرار في تحليلها التي تصل لمعرفة قريبة من الكمال في المساعدة على اتخاذ القرار الصحيح.

وفي أسواق النقد عادة تكون المحافظ أقل تغيّراً في مراكز الاستثمار أو حتى تغير الأوزان التي تكوّن تلك المحافظ، بحيث أن النسبة المئوية هي ما يحدد كل فرصة أو ورقة أو أداة، ومن ثم تقوم المقارنة على أساس مؤشر أداء عام لذلك السوق المقارن، ومؤشر أداء للمحفظة لمعرفة المكاسب أو الخسائر والأداء بشكل عام، فقد يكون السوق متراجعاً بشكل كبير ومبالغاً به أو العكس ويكون أداء المحفظة مغايراً له بل وأفضل منه عبر "مخاسر" أقل في حالات انتكاسات الأسواق مثلاً.

وكما هو الحال أيضاً في أسواق رأس المال والأسهم والسندات، فهي أكثر مخاطر وأكثر عرضة للتغيّر السريع في مراكز الاستثمار، وبذلك يحقق مدير المحفظة مناورات كثيرة للحفاظ على أداء أفضل من أداء السوق الذي هو عرضة لعدد كبير من العوامل المؤثرة، فعلى الرغم من تحقيق الشركات لأداء مميز في بياناتها المالية وتوزيعات قياسية في مناسبات أخرى، نجد أن السوق يتأثر لعوامل جيوسياسية أو عسكرية لا ترتبط بشكل مباشر بأداء تلك الشركات.

وهنا نستطيع أن نحدد أسباب الاختلاف في صعوبة إدارة محفظة الأسهم عن المحافظ الأخرى أو حتى المحفظة العقارية التي تعتبر من المحافظ الواضحة المخاطر والمصاعب، وسهولة التحكّم بالأدوات الخاصة بها، بل وحتى في بعض الأحيان تحديد دقيق لنسب الأرباح أو الخسائر المتوقعة في هذه المحفظة، كما يتحكم حجم الصيانة للعقارات داخل المحفظة والمصاريف المنتظمة والرسوم وغيرها في مقدار نسبة الأرباح.

الثقة المفقودة بالمحافظ
على الرغم من احترافية مديري المحافظ الاستثمارية ومدى مقدرتهم على تقليل مخاطر السوق في ذلك الاستثمار، إلا أن الكثير من المستثمرين قاموا بالتخارج وسحب استثماراتهم المدارة عبر عدد من مديري المحافظ الذين يكونون في شركات الاستثمار أو بالأصح في مصارف الاستثمار وليس في المصارف التجارية التي تمول الشركات والأفراد، وهذا بطبيعة الحال نتيجة تراجع كبير جداً في الثقة بسبب انتكاسات الأسواق المالية وحالة الهلع التي اجتاحت جميع الأسواق.

وبطبيعة الحال فإن عودة تلك الثقة ليست بالأمر السهل وليس من الممكن أن تقوم حملات التسويق العادية بأن تنجح في عملها، إلا أن التعامل بالمخاطر عبر تلك المحافظ هو أقل ولذلك قد تحقق محافظ فردية أرباحاً أكبر نتيجة المخاطر الأعلى في هذه الزاوية، وباعتقادي فإن عودة الثقة باتت قريبة مع حجم السيولة التي عادت لكثير من أسواق المنطقة.
(خبير مالي كويتي)

إقرأ أيضا: تونس تنتظر الوعود
المساهمون