ما هي كلفة إنشاء شركة استشارات ماليّة؟

29 ابريل 2015
+ الخط -
دفعت الأهمية البالغة لشركات الاستشارات المالية في تدعيم ركائز الاقتصاديات العربية، "العربي الجديد"، للغوص في دهاليز عمل هذه الشركات حتى تقدم نموذجاً يقود الطامحين إلى الولوج لهذا المجال عبر خطوات تساعدهم في تأسيس شركة استشارات ناجحة.

ومن خلال جولة استقصائية، تبيّن أن هناك ثلاثة عناصر مشجعة لتأسيس شركات الاستشارات، الأولى أنها لا تتطلّب مقراً كبيراً، فمكتب بمساحة 100 متر مربع سيكون ملائماً للغاية، فضلاً أنها لا تتطلب فريق عمل كبير، فاثنان من المستشارين الماليين يكفيان إلى جانب شخص مؤهل لأعمال السكرتارية، وأخيراً أن يتمتع مؤسس الشركة بعلاقات جيدة في مجتمع الأعمال تؤهله لجذب عملاء.

وإليكم آراء أبرز خبراء الاقتصاد والعاملين في المجال لتحديد الكلفة التي تحتاجونها لدخول عالم الاستشارات في أبرز أسواق الوطن العربي:

مصر: قاعدة واعدة لدراسات الجدوى
وفرّة الأعمال الاستشارية، أكثر العوامل التي تميّز مصر عن غيرها من الأسواق في المنطقة العربية استناداً إلى التعداد الهائل للسكان الذي يناهز 90 مليون نسمة. هذه الكتلة السكانية تخلق طلباً حقيقياً على خدمات ومنتجات أي أنشطة جديدة.

يقول محمد سالم، الشريك الإداري بشركة باراديم ـ انفست للاستشارات المالية، إن هناك آلاف الشركات والمكاتب المتخصصة في تقديم خدمات الاستشارات المالية والاقتصادية، وهناك فجوة كبيرة في كلفة التأسيس، فبعضها يبلغ 7 آلاف دولار أميركي فقط ويعتمد على كفاءات محدودة لا يتجاوز راتب الفرد منها 500 دولار، في حين تصل كلفة شركات أخرى إلى 10 ملايين دولار، حيث توظف فريق عمل كبير يتقاضى الفرد الواحد منه ما يراوح بين 4 ـ 5 آلاف دولار.

ووسط هذا العدد الكبير من الشركات الاستشارية، هناك شركات ناجحة متوسطة الحجم تدور كلفة تأسيسها حول 35 ألف دولار، حيث تتوزع هذه الكلفة بين استئجار مكتب بمنطقة راقية مقابل ألف دولار تقريباً، و4 ـ 5 ألاف دولار لأعمال التجهيز، إلى جانب تخصيص 3 آلاف دولار رواتب اثنين من المحللين الماليين بواقع 1500 دولار لكل منهما، مع رصد 250 ـ 300 دولار للسكرتارية.

قطر: سوق الكبار
تُصنّف قطر بأنها أكثر الأسواق العربية نمواً خلال المرحلة الراهنة، ويُعزى ذلك إلى المشاريع الاستثمارية العملاقة التي تُنشئها الحكومة. ويعكس هذا المناخ الاستثماري أن السوق القطرية أكثر جاذبية بالنسبة للشركات الاستشارية الكبيرة التي تقدم المشورة للمشاريع الضخمة.

وبناءً على هذه الوضعية، تحتاج الشركات الاستشارية إلى سيولة كبيرة تبدأ من 500 ألف دولار حتى تتمكن من انتقاء خبراء ماليين يتمتعون بسمعة جيدة في مجتمع الأعمال. ووفقاً لمواقع التوظيف، فإن راتب خبراء التخطيط الاستراتيجي والمالي لا يقل عن 3 آلاف دولار للفرد وربما يتجاوز 6 آلاف دولار في الشركات الكبيرة، إضافة إلى 600 دولار تقريباً لأعمال السكرتارية.

ويشترط القانون القطري ألا يقل رأسمال تأسيس الشركات عن 200 ألف ريال (ما يوازي 55 ألف دولار)، ولا يمكن أن نغفل كلفة استئجار مقر الشركة الذي لن يقل عن 3 آلاف دولار، طبقاً لتقارير عقارية. وأبدت الحكومة القطرية، منذ مطلع الألفية الثالثة، اهتمامها بتوسيع نشاط الخدمات الاستشارية، لذا منح قانون تنظيم استثمار رأس المال غير القطري الحق للأجانب في أمتلاك 100% من رأسمال شركات خدمات الأعمال الاستشارية.

الجزائر: واعدة للمكاتب المتوسطة
هناك أوجه شبه كثيرة بين السوق الجزائرية ونظيرتها المصرية من حيث قاعدة الأعمال. إذ تملك الجزائر سوقاً كبيرة تعج بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تساهم بقرابة 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وتتوقف فرص نجاحها على إجراء دراسات عمل دقيقة.

يوضح الخبير الاقتصادي، مقدم عبيرات، أن شركات الاستشارات متوسطة الحجم تتمتع بقدرة على تثبيت أقدامها في الجزائر نظراً لأن السوق تشهد مشاريع صغيرة ومتوسطة تحتاج إلى خدمات دراسة الجدوى والاستشارات التسويقية. ورغم أن القانون الجزائري يطلب رصد 100 ألف دينار (ما يعادل 1050 دولاراً)، كرأسمال للشركات، إلا أن أكلاف تأسيس شركة استشارات جيدة يحتاج إلى 30 ـ 40 ألف دولار.

"الأكلاف الحقيقية تكمن في فريق العمل، لأنه ينبغي أن يضم ماليين مُحترفين بإمكانهم إسداء العملاء استشارات صائبة، نظراً لأن نتائج التوصيات ستظهر حتماً عندما يبدأ المشروع بالعمل، ومن ثم سيُقيّم العملاء كفاءة الاستشاريين الماليين بناءً على هذه النتائج"، حسب عبيرات، الذي يشير إلى أن راتب الاستشاري يدور حول 1000 دولار، أي ألفي دولار لشخصين، وإلى ما بين 350 ـ 400 دولار للسكرتارية.

الإمارات: قوة المنافسة
"يمكن استخراج تراخيص شركة الاستشارات المالية في الإمارات إلكترونياً من خلال دائرة التنمية الاقتصادية دون التقيد بحد أدنى لرأس المال. ولكن تراوح كلفة تأسيس شركة متوسطة الحجم بين 250 ـ 400 ألف دولار"، حسب المدير السابق بشركة أبوظبي للاستثمار محمد صدقي. ويُكمل صدقي أن الكلفة الأساسية تتمثل في استئجار مكتب مقابل 4 ـ 5 آلاف دولار شهرياً، إلى جانب مصاريف فريق العمل التي تختلف حسب الجنسية والخبرات.

ويشرح أنه لتوظيف مُحلل مالي صاحب مهارات جيدة ينبغي تخصيص 2500 ـ 3000 دولار للفرد، أي ما يعادل 6 آلاف دولار لفريق العمل، إلى جانب تخصيص 600 ـ 700 دولار لأعمال السكرتارية.

السعودية: إمكانيات نمو غير محدودة
"تشهد السعودية افتتاح شركات استشارية بوتيرة سريعة بدعم من نمو الأعمال بالمملكة، إذ يتجاوز عدد الكيانات المتخصصة في إجراء دراسات الجدوى للمشاريع حاجز 400 شركة، وما زالت وزارة التجارة تتلقى طلبات استصدار تراخيص جديدة"، وفقاً لرئيس المركز الخليجي للاستشارات المالية محمد العمران.

ويلفت العمران إلى أن متوسط أكلاف تأسيس هذه الشركات يدور حول 500 ألف ريال (ما يعادل 133 ألف دولار). ويدور متوسط راتب الاستشاري المالي في الشركات المتوسطة حول 2000 ـ 2500 دولار، إلى جانب 400 ـ 500 دولار للسكرتارية، فيما تراوح كلفة استئجار مقر بين 2500 ـ 3000 دولار شهرياً.

الأردن: رأسمال إلزامي للشركات
لا تقل كلفة تأسيس شركة للاستشارات في الأردن عن 30 ألف دينار (ما يعادل 42 ألف دولار)، التزاماً بالحد الأدنى لرأس المال الذي حدده القانون الأردني لتأسيس الشركات. ويغطي رأس المال الأكلاف الرئيسية التي تتوزع بين 1000 دولار تقريباً لكل مستشار مالي صاحب كفاءة جيدة، أي أعلى من متوسط الرواتب الشهرية البالغ 416 ديناراَ (587 دولاراً)، طبقاً ‏لبيانات دائرة الإحصاءات العامة، إلى جانب تخصيص 400 دولار للسكرتارية.

وتشمل المصاريف الثابتة الأخرى، استئجار مكتب في أحد شوارع عمان الرئيسية ‏بقيمة تراوح بين 700 ـ 850 دولاراً شهرياً، وأعمال تجهيز بكلفة 4 ـ 5 آلاف دولار، وفقاً لمواقع التسويق العقارية الشهيرة في الأردن مثل ‏"لامودي".



إقرأ أيضا: إصرار حكومي بحريني على تعزيز قطاع الزراعة
المساهمون