قصة طفل تحدى التحرش المدرسي

07 فبراير 2016
يستمد الأطفال قوتهم للدفاع عن أنفسهم من أهلهم (Getty)
+ الخط -
كلما قرأت أو سمعت قصة من قصص التحرش الجنسي بالأطفال كلما ازددت شكاً وخوفاً ممن حولي، قررت كأم لطفلين أن أكون أنا مصدر المعلومات لأطفالي، فقرأت عن التربية الجنسية للأطفال والتحقت بدورة تدريبية عن كيفية تبسيط المعلومة للطفل وفقاً لوعيه الإدراكي وسنه.


كنت أحسب بجهدي المتواضع هذا أني اخترقت الممنوع وتميزت عن قريناتي بمعلوماتي فتسلحت بالإجابات النموذجية والقصص التوعوية.

منحت أطفالي معلومات بسيطة تتناسب مع أعمارهم الخضراء عن أعضائهم التناسلية، خصوصياتها وألحقتهم بدورة تدريبية عن كيفية حماية أنفسهم من التحرش. كنت ولا زلت مصدرهم الأولي في المعلومات.

اقرأ أيضاً:ضحايا الجهل الجنسي... قصص وعبر

كنت أرفض أن يستحم الطفلان معاً أو يبدلا ملابسهما دون ستر العورات، كنت أجد في المقابل ردود أفعال من حولنا تتفاوت ما بين الاستخفاف بمجهودي أو الاستهجان بأني تعجلت منحهم المعلومات لأني قد ألفتُ أنظارهم لما يغفلون عنه.

تغاضيت عن كلامهم وقررت أن استمر فيما بدأته، حتى عاد من المدرسة طفلي الأكبر ذو التسع سنوات وسألني عن معنى لفظ ما! فأجبته عن المعنى شريطة ألا يذكره أو يكرره نهائياً.

بالطبع سألته أين سمعه؟ فذكر أن زميله بالفصل يكرره كثيراً مع زملائه. بعدها بيومين عاد إلي غاضباً قائلاً إنه اضطر لضرب زميله البذيء اللسان وأوقعه أرضاً بعد أن حاول أن يتطاول ويمسك أعضاء طفلي التناسلية كنوع من الدعابة. في الحقيقة سعدت كثيراً بردة فعل ابني وقررت تصعيد موقفي داخل المدرسة. وبالفعل في اليوم التالي كنت بالمدرسة وتحدثت مع مسؤل الفصل والأخصائي الاجتماعي وتم استدعاء ولي أمر الطالب وفصله يومين من المدرسة.


لن أنسى نظرات طفلي بين زملائه التي كان ملؤها فخراً بنفسه أولاً وبي ثانياً. كنت أشعر أنه سعيد لأنه وجد من يدعمه ويثأر له.
ويبدو أن موقفي معه زاده حرصاً وتصيداً لتصرفات زملائه فبعد الموقف الأخير بأسبوعين ذكر أنه وقع منبطحاً على بطنه فاستغل أحدهم وضعه وقام بصفعه بقوة على مؤخرته.

اشتكى طفلي لأول معلمة صادفها أمامه، لكنها للأسف تعاملت مع الموقف باستهتار فحاولت تهدئته وتطييب خاطره بأنهما أخوة ولا داعي لتصعيد مزاح الأخوة للإدارة.

فرد عليها طفلي قائلاً: لو كان أصابك ما أصابني في مكان عام لما استهنتي به، ثم إن هذا يعد في القانون تحرشاً وعقوبة التحرش تتفاوت بين سنة وثلاث سنوات.

صدمت المعلمة من رد طفلي ونظرت لزميلتها في دهشة واستنكار، ويبدو أن زميلتها كانت أكثر منها ثقافة فأشارت لها برأسها مؤيدة وربتت على كتف طفلي وتم التصعيد مرة ثانية. في خلال بضعة أيام كانت المدرسة قد أعدت ندوة للتوعية بالتحرش وأنواعه وكيف يدافع الطفل عن نفسه.
كنت في قمة سعادتي وفخري بطفلي الذي لم يتردد أو يخجل من تجاوز البعض لخصوصياته من أن يجاهر بخطأ المخطئ ويطالب بحقه.

اقرأ أيضاً:الأهل غير مؤهلين لتوعية أبنائهم جنسياً!


كل ما فعلته كأم لأحصل على هذه النتيجة الخاصة بوعي ابني وإدراكه لما يحدث حوله هو أنني حاولت جاهدة توعيتهم في سن مبكرة فألفت أنظارهم لضرورة ستر العورة. وشرحت لهم ماهية العورة المغلظة. حاولت أن أشعرهم بالأمان حين يسردون لي قصصاً عن مغامراتهم في المدرسة والنادي فلا أترك لهم مساحة للوم أو عتاب، وأسعى إلى أن أواري مشاعر الأمومة من حرص أو قلق عليهم بعيداً حتى لا تكون سبباً في فقد ثقتهم فيّ أو تكون ردة فعلي العفوية سبباً كافياً لمنعهم من أن يحكوا لي شيئاً.

بطبيعة شعوبنا العربية العاطفية نترجم مشاعرنا لقبلات وأحضان، وهنا أفهمت أطفالي أن من حقهم رفض القبلات أو الأحضان إن رغبوا في ذلك لأن تلك أجسامهم هم.
استثنيت من قاعدة أن يوقر الصغير الكبير ويطيعه، الطاعة والاستجابة فيما يخص أجسادهم فالرفض هو الأساس.
كما أكدت على ضرورة الصراخ والهرب في حالة محاولة المتحرش بهم، وبما منحتهم من مساحة آمنة للفضفضة والشكوى يلجأون إلي مباشرة لاتخاذ اللازم.

اقرأ في الملف:
سمر عبده: الجنس مدخل تربوي لفهم الحياة
قواعد حماية الأبناء من مخاطر الإنترنت
تدريس الثقافة الجنسية بكندا.. جدل مستمر
آدم وحواء... "عيب ميصحش"
ثورة على التابوهات
لبنان: التربية الجنسية ممنوعة بأمر الأهل
التربية الجنسية في المناهج العربية... تخبط وعشوائية
دليل الإجابة على أسئلة أبنائنا الجنسية
احذر حمامات المدارس!




المساهمون