الزراعة السورية: سلاح روسي ضد تركيا؟

14 مارس 2016
تصريف الإنتاج الزراعي السوري (بولينت كليك/Getty)
+ الخط -
عززت روسيا من نفوذها الاقتصادي في سورية بعد تدخلها العسكري المباشر في شهر سبتمبر/ أيلول من العام الماضي. وقد سمح لها ذلك باستخدام الموارد الاقتصادية السورية كسلاح جديد في دعم خصومتها المستجدة ضد تركيا، حيث أوقفت موسكو استيراد الخضر والفواكه من أنقرة، وتحاول التعويض عن ذلك، عن طريق القطاع الزراعي السوري.
بحسب نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك، تقدر قيمة الصادرات التركية إلى روسيا قبل أن تفرض الأخيرة عقوبات اقتصادية وتمنع دخول البضائع التركية، بأكثر من 3 مليارات دولار، تتركز معظمها في القطاع الزراعي. فيما تشير "جمعية بائعي الخضر والفاكهة التركية" إلى أن نحو 60 في المائة من مجمل الصادرات الزراعية التركية تذهب إلى روسيا.
ومن أجل تعويض تلك الكميات الضخمة من الإنتاج الزراعي، برز القطاع الزراعي السوري كبديل مفضل لموسكو، وخصوصاً أنها باتت تتمتع بنفوذ سياسي وعسكري هائل في سورية.
بعد إقرار العقوبات الاقتصادية الروسية على تركيا بنحو أسبوعين، افتتح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري همام جزائري ما يدعى بـ "قرية الصادرات والواردات الروسية -السورية" في مدينة اللاذقية، معقل النظام السوري، حيث تتواجد القاعدة العسكرية الروسية. وقد كان الوزير واضحاً في حديثه لإحدى الصحف الحكومية، إن الهدف من المشروع هو "تطوير الصادرات السورية بشكل عام والبدء بالمنتجات الزراعية بشكل خاص". أما مدير عام القرية أصلان بانييش، ووفق حديثه إلى صحيفة حكومية " فإن المشروع سيعمل على إقامة منطقة كاملة تحتوي مصانع تعبئة وتغليف، إضافة لإحداث مراكز دراسات وتطوير للمنتج السوري، وبعد ثلاثة أشهر سيفتتح فرع آخر للمشروع في مدينة طرطوس".

عقبات عديدة

يقول الباحث الاقتصادي زاهر جميل في حديث لـ "العربي الجديد":" هنالك عدة عقبات تواجه نجاح هذا المشروع، ذلك أن إنتاج الفاكهة والخضر في سورية أصغر حجماً منه في تركيا، وخصوصاً في ظل الأوضاع الحالية التي شهدت تراجعاً بالإنتاج الزراعي". ويبدو ذلك واضحاً من البيانات المتاحة، إذ بلغت صادرات مدينة أنطاليا التركية وحدها من الفاكهة والخضر إلى روسيا نحو 350 مليون دولار في العام 2014، فيما بلغت مجمل الصادرات السورية إلى روسيا في العام 2011، أي قبل انهيار القطاع الزراعي، 30 مليون دولار فقط. ويشير جميل إلى أن العقبة الثانية، تتعلق بارتفاع تكلفة الإنتاج في سورية بشكل كبير في ظل المصاعب الاقتصادية والأمنية، وهو ما يجعل البضائع السورية ضعيفة التنافسية ويقلل من فرص نجاحها في الأسواق الروسية.

رغم تضرر القطاع الزراعي السوري، فإن "لجنة تسيير سوق الهال"، تؤكد وجود فائض من المنتجات الزراعية لا يجد طريقه إلى التصدير. وتشير اللجنة إلى أن الصادرات من الخضر الفواكه انخفضت في العام 2015 مقارنة بالسنوات السابقة بمقدار النصف. يفسر المهندس الزراعي كايد الشيخ ذلك في حديث لـ "العربي الجديد" بـ "فقدان الحكومة السورية السيطرة على المعابر البرية وارتفاع تكلفة التصدير عبر البحر أو الجو"، ويضيف: "أن الخشية من تأخر وصول البضائع، قد يؤدي إلى تلفها، وهو ما لا يشجع بعض التجار على الدخول في مغامرات التصدير وتكبد خسائر إضافية".
ومن ضمن أهداف مشروع "قرية الصادرات والواردات" بحسب القائمين عليه، تحسين جودة المنتجات وتطوير عمليات التغليف والمظهر الخارجي، بحيث يسهل ذلك دخول البضائع للأسواق الروسية. ويضاف إلى ذلك بحسب الشيخ "تقصير مدة الرحلة التي يطلبها شحن المنتجات الزراعية من سورية إلى روسيا. إذ كان التجار السوريون يقومون بالتصدير بأنفسهم إلى روسيا ودول أوروبا الشرقية، وتستغرق مثل تلك الرحلات أكثر من أسبوعين، بينما من المقرر أن تستغرق عبر قرية الصادرات نحو خمسة أيام فقط". ولتسريع وصول البضائع، افتتح الجانبان السوري والروسي في منتصف شهر فبراير/ شباط الماضي "الخط المباشر السريع" الخاص بالقرية والذي سيسير رحلات أسبوعية من ميناء اللاذقية إلى ميناء نوفوروسيسك الروسي. وسوف تحمل كل رحلة ما بين 4 و10 آلاف طن أسبوعياً بما يعادل 40 ألف طن شهرياً.
في حال نجاح المشروع الروسي-السوري في رفع قيمة الصادرات الزراعية السورية بصورة ملموسة فقد يساهم ذلك في "ارتفاع أسعار الخضر والفواكه في السوق المحلية، حيث ساهم ضعف التصدير في كبح ارتفاع أسعارها خلال الأعوام الماضية واقتصر الارتفاع على تدهور قيمة العملة المحلية"، وفق الخبير الاقتصادي زاهر جميل.

اقرأ أيضاً:الواقع يكذّب النظام: احتضار الصناعة السورية
المساهمون