لبنان المهاجر: غياب السياسات الاقتصادية

15 فبراير 2016
غياب السياسات المالية تهجر اللبنانيين(جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -

يعتمد الاقتصاد اللبناني بشكل كبير على تحويلات المغتربين. وبرغم وجود أرقام تحدد حجم هذه التحويلات، إلا أن عدداً من خبراء الاقتصاد يعتبرون هذه الأرقام خاطئة وأقل من الحجم الفعلي للتحويلات، وخصوصاً أن عدداً كبيراً من اللبنانيين يقومون بالتحويل من خارج قنوات المصارف والشركات العاملة في قطاع تبادل الأموال. وبالتالي، يقول هؤلاء إن احتساب انخفاض حجم التحويلات وارتفاعها لا يعكس الواقع الفعلي، في ظل نقص الإحصاءات والأرقام الدقيقة المرتبطة بهذه العمليات. وفي حين تعرض عدد كبير من اللبنانيين خلال السنوات العشر الماضية إلى عمليات صرف من دول عربية متعددة، يرشّح ارتفاع عدد اللبنانيين الذين يخسرون وظائفهم، خاصة في دول الخليج العربي، بسبب المشكلات السياسية.

البنك الدولي قدر في تقريره الأخير تحويلات المغتربين إلى لبنان بـ 7,5 مليارات دولار في 2015، ولفت إلى ارتفاع حجمها بنسبة 0,7%، حيث قدرت في عام 2014 بحوالي 7,45 مليارات دولار. منخفضة حوالي 400 مليون دولار عن عام 2013، حين سجلت حوالي 7,86 مليارات دولار. إلا أن البنك نفسه يلفت إلى أن لبنان سجل أبطأ نسبة نمو للتحويلات بين الاقتصادات النامية الـ 15 الأكثر تلقّياً لتحويلات المغتربين في العام الماضي.
ووفق المسح الذي أوردته النشرة الأسبوعية لبنك بيبلوس، حلّ لبنان في المرتبة 16 عالمياً والمرتبة 11 بين الاقتصادات النامية في ما يتعلق بتحويلات المغتربين في عام 2015. كذلك، تم تصنيف لبنان كثاني أكبر متلقٍ لتحويلات المغتربين بين 16 دولة عربية وكثالث أكبر متلق لها بين 49 دولة مصنفة ذات دخل متوسط إلى مرتفع.
وكذلك، شكلت تحويلات المغتربين إلى لبنان 1,3% من الحجم الإجمالي لتحويلات المغتربين عالمياً في 2015؛ أي النسبة ذاتها المسجلة في 2014. وقُدّرت تحويلات المغتربين إلى لبنان بما يوازي 14,9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015، وهي النسبة الـ 18 الأعلى عالمياً وفي المرتبة الثانية إقليمياً، بعد الضفة الغربية وقطاع غزة.

هذه الأرقام لا تشير إلى وضع اقتصادي واجتماعي سليم في لبنان، برغم الغزل الدائم الذي ترفقه السلطات السياسية والنقدية بعبارة "نمو تحويلات المغتربين". فالأخيرة هي فعلياً نتاج فشل المنظومة الاقتصادية اللبنانية التي توقفت عن خلق وظائف جديدة آمنة ومستمرة للشباب، دافعة إياهم للهجرة بحثاً عن وظائف تعمل على تنمية الاقتصادات المضيفة مقابل تدعيم المنظومة اللبنانية بتحويلات معرضة دوماً لخطر التراجع.
وهذا الخطر بدأ يرتفع منذ انطلاق الثورات العربية، وتراجع حجم الوظائف في غالبية البلدان، إلا أن المنظومة السياسية اللبنانية الطاردة للشباب، بسبب الفساد والترهل المؤسساتي والمحاصصات وضعف السياسات الاقتصادية والاجتماعية التنموية، تلاحقهم أيضاً إلى بلدان الاغتراب. بحيث أصبح هؤلاء ضحية المناكفات السياسية التي طاولت بلداناً خليجية خلال السنوات الماضية، هذه البلدان التي تضم أكثر من 40% من عدد المهاجرين اللبنانيين الإجمالي. ويرشّح عدد من الخبراء أن يرتفع عدد اللبنانيين الذين يجبرون على ترك وظائفهم خلال الفترة المقبلة.

اقرأ أيضاً:اللبنانيات يدفعن أولادهن للسفر: هذا ليس بلداً
المساهمون