بعد التهميش... اليمن ينتظر خبراءه الجدد

25 يناير 2016
خلال تظاهرات إسقاط النظام (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
+ الخط -
لم يعرف اليمن منذ ما يزيد على خمسة عقود طريقاً يسلكه نحو النهوض الاقتصادي والتنموي. وذلك ليس بسبب غياب الكفاءات الاقتصادية، وإنما بسبب السياسات والمشاريع الاقتصادية التي تتخذ معظمها طابعاً سياسياً. الآن يؤكد خبراء الاقتصاد الشباب أنهم أمام مرحلة مهمة تستدعي منهم تجاوز التهميش الذي طاول من سبقهم، ونجم عنه اقتصاد هش وأزمات اقتصادية تهدد أجيال المستقبل. هؤلاء الخبراء الجدد لهم فلسفتهم الخاصة لتجاوز إخفاقات الماضي.

يقول الباحث الاقتصادي الشاب، مطهر الفلاحي، أن الحكم الرشيد من أبرز المفاهيم والأسس التي يمكن للاقتصاديين الجدد من خلاله تطوير أداء الاقتصاد، فهو يساعد على تفعيل وتشجيع وتطوير كفاءات ومهارات المواطنين في جميع ميادين الحياة. ويشير الفلاحي لـ "العربي الجديد" إلى أن الحكم الرشيد يسعى إلى بناء مجتمع أخلاقي عادل راشد تتجلى به قدسية حياة الإنسان وتصان سلامة البيئة ويتحقق التعايش الآمن بين المجتمعات والتمتع بخيرات الأرض من غير احتكار ولا هيمنة.
بدورها، تقول الباحثة الاقتصادية الشابة، إيمان عبد الرحمن، لـ "العربي الجديد" إنه يجب المزاوجة ما بين أكثر من نظام اقتصادي للوصول إلى تحقيق العدالة والنمو في آن، وتشرح أن "اقتصاد السوق الاجتماعية هو الخيار الأكثر ملائمة لوضع الدول النامية عموماً واليمن خاصة والتي تُعد الأقل نمواً عربياً". وتضيف: "يجب تحقيق التوسع التدريجي لنطاق الخصخصة وتحرير التجارة مع تأكيد استمرار دور الدولة في تحسين بيئة الاستثمار وحماية الصناعات المحلية الاستراتيجية وتنويع مصادر الدخل القومي في إطار مدروس". وتشير إيمان إلى أن "هذه العملية تتطلب أيضاً توجيه الأولويات الوطنية نحو تقديم الخدمات العامة من تعليم وصحة وبنية تحتية بالشراكة مع القطاع الخاص وصولاً إلى تحقيق تنمية بشرية تساهم بالدفع بعجلة النمو الاقتصادي".

ومن أجل الوصول إلى تنمية متوازنة ومستدامة يرى خبراء الاقتصاد الشباب أن ذلك يفرض على الدولة الأخذ بالاعتبار قضايا العدالة الاجتماعية وأهمية دور الدولة في رعاية الفئات الفقيرة والمهمشة في ظل تفاقم معدلات الفقر. وترى إيمان أن هذا النهج سيتيح للاقتصاد الاستفادة من مزايا كلا المدرستين الرأسمالية والاشتراكية ودمجهما بما يتوافق مع الوضع التنموي لكل دولة. وتتابع: "بالحديث عن مدارس الفكر التنموي يجب الإشارة إلى أن الإخفاق الإداري المتمثل في الفساد وسوء الإدارة العامة سوف يحد من فعالية أية جهود تنموية مهما كانت مناسبة وكفؤة".
اليمن بحاجة إلى نظام اقتصادي يضمن تحقيق "تنمية اقتصادية شاملة في ظل العدالة الاجتماعية"، وفقاً لما يراه الباحث الاقتصادي الشاب، محمد القاضي، خاصة بعد أن عجز النظامان الاشتراكي والرأسمالي عن تحقيق تنمية شاملة، وبعد أن عجزت الاشتراكية عن تحقيق شعارها "العدالة والدفاع عن الطبقة الكادحة"، جاءت الرأسمالية بشعارات منمقة عن حقوق الإنسان والحقوق المتساوية للجميع وتكافؤ الفرص ومبدأ الصوت الواحد للشخص الواحد وغيرها، لينتج عن ذلك اليوم من لا يجد ما يأكل وآخر لم يعد يعرف ماذا يأكل، وحين يعاني الأول من أسقام الجوع، يعاني الثاني من التخمة، واليوم يقع قرابة ثلث سكان العالم تحت خط الفقر.
بعد أن عجزت الاشتراكية والرأسمالية عن تحقيق الرفاهية الاقتصادية للشعوب تولدت الأسباب التي تقود إلى إعادة النظر في الأنظمة الاقتصادية، وصياغة نظام اقتصادي جديد يسعى لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة في ظل مفهوم العدالة الاجتماعية، وفقاً لما يراه محمد القاضي، ويشير إلى أن هناك محاولات متعددة في هذا الصدد، منها اقتصاد السوق الاجتماعي، كذلك ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي، إلا أن هذين النظامين تشوبهما جوانب قصور كبيرة، أهمها اعتمادهما على النظام الرأسمالي وأسسه وقواعده.

اقرأ أيضاً: ثلاثة عقود لكي تتحرّر اليمن من القروض
المساهمون