الاقتصاديون العراقيون الشباب: ضد الإسقاطات النظرية

25 يناير 2016
خلال تحرك ضد الفساد (حيدر محمد علي/ فرانس برس)
+ الخط -
يشعر الاقتصاديون العراقيون الشباب بالضياع، وذلك بسبب التشوه الذي أصاب اقتصاد البلد بعد عام 2003، ويشدد هؤلاء في حديثهم لـ"العربي الجديد" عن رفضهم الإسقاطات النظرية الجاهزة. وينقسم الاقتصاديون العراقيون إلى فئتين؛ الأولى فضلت الانشغال بالعلم والتدريس وعدم تقديم مشورات إلى أصحاب القرار السياسي، بسبب عدم الأخذ بها، وذلك بسبب الصراع السياسي، والفئة الثانية؛ الاقتصاديون الضعفاء من الناحية العلمية الذين يتهافتون على السياسيين للحصول على مكاسب كبيرة وفق مبدأ المحاصصة، بعدما قدموا استشارات خاطئة أوصلت البلد إلى مرحلة الإفلاس.

وقال الخبير الاقتصادي عماد عبد اللطيف، لـ"العربي الجديد"، إن "تصنيف الاقتصاديين لم يعد موجوداً الآن، وأسباب ذلك كثيرة، منها أنّه لم يعد هناك نظام اشتراكي أصلاً ولا نظام رأسمالي صاف، فهناك تيارات ومدارس ورؤى مختلفة لإدارة الشأن الاقتصادي".
وأضاف أن "هذا لا يلغي ضرورة التوصيف الدقيق لطبيعة النظام الاقتصادي في كل بلد، فيوجد نظام اقتصاد حر، واقتصاد مختلط، وتوجد أشكال مستحدثة تقوم على شراكة حقيقية وجادة بين اقتصاد خاص قوي، ودولة قوية، يأخذان على عاتقهما معاً النهوض بعملية التنمية الشاملة، من خلال الإدارة الكفؤة للموارد، وتقاسم الصلاحيات والواجبات والوظائف، وتحديد المصالح الاقتصادية السيادية العليا للبلد، والتي ينبغي أن تكون منفصلة ومنزهّة تماماً عن الدوافع والممارسات والسلوكيات المرتبطة بالمصالح السياسية الضيّقة، والمحدودة الأفق، والقصيرة المدى".
بينما، قال الاقتصادي الشاب ليث محمد رضا لـ"العربي الجديد"، "نتطلع إلى نقلة جدية في مستقبل نظامنا الاقتصادي، وسط بيئتنا الراهنة المشوهة أيديولوجياً، بنظامنا الاقتصادي المركزي الذي أقحم بتسرع نحو الليبرالية الجديدة بعد 2003، فقد بقيت الدولة صاحبة رأس المال الأكبر، فضلاً عن تعطيل الإنتاج وإغراق السوق المحلية بالسلع المستوردة في عملية استنزاف متواصل للثروة الوطنية".
وأشار إلى أن "النظام الاقتصادي الذي أتبناه وأدعو لتطبيقه هو اقتصاد السوق الاجتماعي، والذي يختلف عن الرأسمالية المطلقة التي لا تسمح للدولة بأي تدخل في السوق والاقتصاد، وكذلك يختلف عن الاقتصاد الاشتراكي القائم على سيطرة الحكومة على كل وسائل الإنتاج"، مبينا أن "اقتصاد السوق الاجتماعي يجمع بين الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والشركات مع تدابير حكومية لضمان المنافسة العادلة وحفظ استقرار المؤشرات الاقتصادية العامة، مع خفض معدلات البطالة وتحسين ظروف العمل وتوفير الخدمات الاجتماعية".

لكن الاقتصادي الشاب، سلام عادل، تحدث لـ"العربي الجديد" عن أن "الاقتصاديين العراقيين يفتقدون لنهج محدد أو تكوين جماعات، وذلك بسبب العشوائية التي سيطرت على اقتصاد البلد وإدارته من قبل شخصيات غير مهنية، بالرغم من أن الدستور حدّد أن اقتصاد السوق هو النهج العام، بينما طبق السياسيون الاشتراكية"، مؤكدا أن "الجامعات العراقية ضعيفة جداً من الناحية العلمية؛ لم تساهم في تخريج طلاب يتمتعون بالكفاءة العلمية ومواكبة التطور الحاصل في الاقتصاد، مما ولّد ضعفاً كبيراً في خبراء الاقتصاد الشباب".
وأشار إلى أن "معظم الاقتصاديين الشباب تأثروا بالخبراء المخضرمين مثل مظهر محمد صالح وسنان الشبيبي اللذين حاربتهما الدولة وأصدرت بحقهما مذكرات اعتقال، وهذه جريمة كبيرة، إذ قتلت الطموح لدى الشباب عندما تتعامل الدولة مع العلماء هكذا".
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي فلاح الربيعي، لـ"العربي الجديد"، إن "نقطة الاختلاف تعود أساساً إلى تداخل علم الاقتصاد مع الفلسفة والعلوم الأخرى، وهذا ما جعل الاقتصادي يبدو في الماضي كمنظر أو عقائدي يدافع عن اتجاه أيديولوجي لمدرسة فكرية بعينها؛ كلاسيكية أو كينزية أو ماركسية".
ولفت إلى أنه "في ظل التطورات التي شهدها علم الاقتصاد بدأ يتخلص بشكل تدريجي من براثن الفلسفة وتحول إلى اقتصاد صرف، كما تحول الاقتصادي إلى تكنوقراط يتعامل بالأدوات والمؤشرات والمفاهيم التي تشخص الواقع الاقتصادي".
وأكد أن "المتابع للاقتصاد العراقي يواجه صعوبة في تصنيف الآراء والتحليلات التي تطرح من قبل الاقتصاديين أو نسبها إلى مدرسة فكرية معينة، فضلاً عن صعوبة توصيف الاقتصادي اليوم على أنه ليبرالي أو اشتراكي، فليس من السهل اليوم أن يجير رأي الاقتصادي لصالح جهة سياسية".

اقرأ أيضاً: القرار الاقتصادي العراقي للبيع: فُتح المزاد
المساهمون