شيخوخة الفلسطينيّين أيضاً غير مضمونة

19 اغسطس 2015
كبار السن ضحية إهمال حقوقهم (فرانس برس)
+ الخط -
انعدام الضمان الاجتماعي في فلسطين لفئة المسنّين، تلخصها دموع المسنّة أم محمد بسردها تفاصيل معاناتها، بعد أن تخلى عنها أبناؤها، كما تقول. الحاجة أم محمد نموذج من ضحايا عقوق الأولاد وضعف أجهزة الدولة الاجتماعية في الشارع الفلسطيني. بقيت المسنّة على حالها حتى دب بها المرض وتراجعت حالتها الصحية بشكل ملحوظ. وباتت تعيش على المساعدات التي يقدّمها الجيران وأهل الخير لها. نموذج يكشف حاجة الفلسطينيين الماسة لقانون ضمان الشيخوخة، حتى لا يُهان الكبير بعد أن يبلغ من العمر عتياً.

فبحسب إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تبلغ نسبة المسنين في المجتمع الفلسطيني نحو 4.4% حتى منتصف عام 2013. كما أشارت بيانات مسح الأسرة الفلسطينية للعام 2010 إلى أن 70.7% من كبار السن (60 سنة فأكثر) في فلسطين مصابون بمرض مزمن واحد على الأقل.

وتشير البيانات الاحصائية أيضاً إلى أن نسبة كبار السن الذين يعيشون في أسر فقيرة العام 2011 بلغت 22.2% من إجمالي كبار السن.

من هنا، يغدو غياب الضمان الصحي والضمان الاجتماعي لدى المسن من أهم مشاكل المسنين في الأراضي الفلسطينية، وذلك لأن الترهل الذي أصاب القطاع الصحي والاقتصادي جعل المسن بلا سند أو ظهير.

كما أن قلة المراكز التي تعنى بالمسنين وقلة المشاريع التي تهتم بشأن هذه الشريحة والتي تكاد تكون معدومة، شكّلت عقبة كبيرة أمام هؤلاء الكبار كي يجدوا مساحة لهم في مجتمعهم.
يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي والمالي د. عاطف علاونة لـ"العربي الجديد" "إن العمل جارٍ على وضع خطط استراتيجية لقانون الضمان الاجتماعي للمتقاعدين وأصحاب إصابات العمل والحوادث في القطاع الخاص، إلى جانب تأمين العمال وتأمين الحوامل، عبر اشتراكات مدفوعة، أمّا فئة المسنين فإنه يجب على الحكومة توفير ضمانات لها من خلال المساعدات المادية والعينية، مشيرا إلى أن المشروع وصل إلى مراحل متقدمة وسيتم المصادقة عليه من قبل الحكومة الفلسطينية قريباً".

أمّا وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية داوود الديك فيكتفي بالقول لـ"العربي الجديد" أنه لا يوجد أي بند في القانون يُجبر وزارة الشؤون الاجتماعية على ضمان الشيخوخة لغير الموظفين المتقاعدين، سواء في الوظيفة الحكومية أو القطاع الخاص، مشيراً إلى أن الشؤون الاجتماعية تعمل على توفير مساعدات للمسنين.

من جهته، يوضح الخبير الاقتصادي د. هيثم دراغمة لـ"العربي الجديد" أنه "لا يرى أي اهتمام من الحكومة الفلسطينية فيما يخص موضوع الضمان الاجتماعي، وهذا ساهم في زيادة الأعباء على أولياء الأمور المهتمين بكبار السن، من ناحية الضمان والذي من شأنه مضاعفة الأعباء الاقتصادية على المواطن الفلسطيني، نتيجة تكبد الأهل تكاليف كان من الأجدر أن تكون على عاتق الحكومات لا المواطن، ولكن غياب القوانين بهذا الشأن جعل المستوى الرسمي يتنصل من مسوؤلياته بشكل كامل تجاه هذه الفئة التي في أمس الحاجة إلى الرعاية الحكومية، نظراً لضعف ايرادات الأسر العربية". ويشير إلى أن "بعض الدول تعاملت مع القوانين بهذا الشأن من جانب نظري، من دون أن تطبقها".

ويرى دراغمة أن "تكلفة الضمان في الأراضي الفلسطينة لن تكون كبيرة، ويمكن توفيرها من بعض النفقات الجانبية، نظراً لكونها لن تزيد عن 300-400 مليون دولار سنوياً". ويدعو إلى إعادة النظر في إصدار بعض القوانين التي تضمن مثل هذه الحقوق لكل الفئات العمرية، وعلى الخصوص كبار السن، على أن تعتمد المبالغ المطلوبة في موازنة الحكومة.
المساهمون