هل يكون الاقتصاد التضامني حلاً لأزمة تونس؟

24 يونيو 2015
ضائقة اقتصادية يعانيها الشعب التونسي(Getty)
+ الخط -
مع تزايد التدهور الاقتصادي في تونس، يتواصل بحث مختلف الفاعلين عن حلول لتجنب أزمة اقتصادية خانقة يحذر الكثيرون من انعكاساتها الاجتماعية. ووفق إحصاءات المعهد الوطني للإحصاء الشهر الماضي بلغت نسبة النمو خلال الربع الأول من السنة الحالية 1.7%، كما تشهد مختلف المؤشرات الاقتصادية تدهوراً يثير المخاوف. في هذا الإطار، تجدّد الحديث عن الاقتصاد التضامني والاجتماعي كرافد ثالث يضاف إلى الاقتصادين الخاص والعام، ويكون محرّكاً للتنمية والتشغيل خلال الفترة المقبلة.


يقدّم الاتحاد العام التونسي للشغل هذا النمط الاقتصادي ضمن إعلان المبادئ حول الاقتصاد التضامني والاجتماعي الصادر عنه في يناير/كانون الثاني 2015 كـ"مبادرات جماعية في الاستثمار والإنتاج والاستهلاك تقوم على احترام الإنسان والبيئة وخدمة المجموعة الوطنية والمحلية وأساسها مبادئ التآزر والتضامن وترسيخ روح المسؤولية والتسيير الديمقراطي والتشاركي الطوعي". يقول الخبير الاقتصادي الصادق جبنون لـ"العربي الجديد": "ظهر هذا النمط الاقتصادي في أوروبا عندما كانت دول عديدة تعاني صعوبات اقتصادية كبيرة، ومكّن من تخفيف التداعيات السلبية للأزمة العالمية في عدد من البلدان المتقدمة، وينشط الاقتصاد الاجتماعي ليشمل قطاعات الصحة والتعليم والترفيه والتأمين والزراعة والتجارة والصناعة".

كانت معظم الأحزاب في تونس قد أشارت خلال حملاتها الانتخابية في تشرين الأول/أكتوبر من السنة الماضية إلى أهمية الاقتصاد التضامني ووعدت بتطويره، لكن حجم مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد الوطني لا يزال ضعيفاً ولا يتجاوز 0.5 % من الناتج الداخلي الخام، حسب منسق برنامج الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالاتحاد العام التونسي للشغل عبد الرحمن عزيّز.

إلا أن الاقتصاد التضامني يواجه معوّقات عديدة، أبرزها غياب الإطار التشريعي الملائم، والذي من شأنه أن يؤطر بعث المؤسسات وأشكال التعامل مع المنظمات ذات الصلة، بالإضافة إلى التوجس والتردّد من تجربة التعاضد السابقة وأخطائها.

استراتيجية جديدة

عرفت تونس خلال الستينات من القرن الماضي تطبيق نظام اقتصادي اشتراكي عرف بـ"التعاضد"، لكن التجربة فشلت وأدت إلى عجز مالي وتدهور المستوى المعيشي، وألغي سنة 1969 تحت ضغط وغضب شعبي.

في ضوء ما تقدّم، يوضح جبنون نقاط اختلاف التجربتين وأبرزها "عدم الالزامية في مشاريع الاقتصاد التضامني على عكس تجربة التعاضد"، مضيفاً أنه "خيار يقدم لضعاف المنتجين والعاطلين من العمل للانخراط في الدورة الاقتصادية ولتقليص مسالك التوزيع".

اقرأ أيضا: الاقتصاد التونسي في العشرية المقبلة: مكانك سر

إلى ذلك، يقول رئيس الحكومة الحبيب الصيد في تصريح أن "دعم هذا التوجه الاقتصادي يأتي في إطار منوال تنموي جديد سيعطي الأولوية لمثل هذه الأنماط الاقتصادية"، موضحاً أن "حكومته بصدد وضع استراتيجية لتنظيم قطاع الاقتصاد التضامني وهيكلته وإعداد إطاره التشريعي".

وينص العقد الاجتماعي الموقّع خلال الذكرى الثانية للثورة بين رئيس الحكومة آنذاك حمادي الجبالي ومنظمتي الأعراف والعمال على أن البديل التنموي الجديد لتونس لابد أن ينبني على قيم التضامن والتكافل.

ويرجح متابعون للشأن الاقتصادي في تونس أن غاية الحكومة من التوجه نحو الاقتصاد التضامني تكمن في خلق فرص عمل جديدة، خاصة وأن نسبة البطالة وصلت إلى 15%.

تجارب ناجحة
في جهة القصرين، وهي من المحافظات الأكثر فقراً والأعلى بطالة في تونس، حيث تقدّر نسبة الفقر بنحو 39%، بدأت تنتشر خلال السنوات الأخيرة بعض مشاريع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ومنها مشروع "دارنا" وهو فضاء لأصحاب المشاريع وحرفيي الجهة يقومون خلاله بعرض وتسويق منتجاتهم.

تقول منسقة مشروع "دارنا" للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، صفاء خيّو، "إن المشروع بادرة من جمعية "مبادرات بلا حدود" الفرنسية انطلق منذ نيسان/ أبريل 2014 في إطار شراكة بين منطقة باكا الفرنسية ومحافظة القصرين، وهو واحد من ضمن مشاريع عديدة ستنفذ في إطار هذه الشراكة". تقول خيّو لـ"العربي الجديد"، بحثنا في حاجات نحو 40 حرفياً بالجهة، وتبين أن لديهم إشكالاً في توفير نقطة بيع لمنتجاتهم، بالإضافة إلى مشاكل في كيفية التعريف بالمنتج والتسويق له، ومن هناك انطلقت فكرة فضاء "العدالة والتضامن" الذي افتتح في الشهر الماضي، وهو منطلق لمحلات أخرى، ويعتبر نقطة البيع الأولى في تونس المعتمدة على الاقتصاد التضامني".
المساهمون