الاقتصاد التونسي في العشرية المقبلة: مكانك سر

17 يونيو 2015
التونسيون يبحثون عن مطالب ثورتهم (فرانس برس)
+ الخط -
يسعى الخبراء الاقتصاديّون ومراكز البحوث إلى استشراف الوضع الاقتصاديّ للبلدان على المدى القريب والمتوسّط في محاولة لتفادي المزيد من التدهور ومعالجة مكامن النقص والقصور واستشراف مدى ديناميكيّة الاقتصاد المستهدف بالبحث. ووسط هذا المفهوم، لا يبدو مستقبل المشهد الاقتصاديّ التونسي خلال السنوات العشر المقبلة متفائلاً، فلنحاول اكتشاف نقاط ضعف الاقتصاد التونسيّ وبعض أسباب تدهوره كخطوة أولى لبدأ الإصلاحات وتكذيب التوقّعات.

فقد أثبتت المؤشرات القطاعيّة خلال السنوات الأخيرة عجز الاقتصاد التونسيّ حتى هذه اللحظة عن الخروج من الأزمة الخانقة التي يمرّ بها. حيث تناول التقرير الصادر عن البنك الدوليّ خلال سنة 2014 رؤية متشائمة بخصوص مستقبل الاقتصاد المحليّ، متوقعاً بقاء نسبة النمو في حدود 1% سنويّا خلال السنوات المقبلة.


تقرير وزارة الفلاحة اعتمد استشراقاً للوضع الغذائي وإنتاج الحبوب والأعلاف في تونس إلى أفق 2025. وقد بينت الدراسة أن تونس ستستورد سنوياً 54% من حاجاتها من الحبوب التي تبلغ معدل 2.7 مليون طن لعدد سكان يناهز 12 مليون ساكن في الوقت الحاضر ومن المتوقع حسب معطيات الدراسة المذكورة ارتفاع احتياجات تونس السنوية من الحبوب إلى 4.3 ملايين طن سنة 2025 يقابلها ارتفاع في نسبة الاستيراد إلى 65% خلال العام ذاته.

القطاع الصناعي بدوره لم يشذ عن مناخ التشاؤم والنسب السلبيّة، فقد أكّدت دراسة أنجزتها الوكالة التونسيّة للنهوض بالصناعة إلى تراجع مؤشّرات القطاع ب 1.8% رغم الجهود الحكوميّة للنهوض بالصناعات التونسيّة.

اقرأ أيضا: عبد الرحمان الهذيلي: المؤشرات الاجتماعية في تونس توحي بالانفجار

هذه المعطيات السلبيّة دعمتها أرقام المعهد الوطني للإحصاء من خلال دراسة مشتركة مع البنك الدوليّ حول ديناميكية المؤسسة التونسية، والتي أكدّت على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة. إذ أن مواصلة الوضع الحالي في القطاع قد يجعل 92% من المؤسسات غير مشغّلة بحلول سنة 2025.


أمّا بالنسبة للقطاع السياحيّ، فشدّد عضو الجامعة التونسيّة للنزل معزّ بودالي في حديث مع "العربي الجديد" على أنّ مستقبل السياحة التونسيّة خلال العشريّة المقبلة لا يبشّر بخير نظراً لاستمرار نفس السياسات القديمة وعجز السلطة عن اتخاذ قرارات رائدة وجريئة للنهوض بالقطاع. وتوقع ألا يتجاوز عدد السياح بعد عشر سنوات من الآن سقف الأربعة ملايين سائح مع تفاقم الصعوبات التي يعاني منها أهل القطاع وتواصل عمليات الإغلاق والإفلاس في الفنادق. هذه الوضعيّة الصعبة التي ستستمرّ طيلة العقد المقبل، وفق بودالي، ستجعل القطاع غير قادر على لعب دوره الأساسي في توفير العملة الصعبة للبلاد وسط تدهور سعر صرف الدينار وعجز الميزان التجاريّ.

في ذات السياق، علّق الخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي حول مستقبل الوضع الاقتصاديّ التونسيّ خلال العشريّة المقبلة قائلاً إنّ "نسبة الفقر التي ناهزت 16% هذا العام ستتفاقم خلال السنوات المقبلة. والمتوقّع أن تشمل نسبة الفقر سنة 2025 ربع السكان خصوصاً مع تباطؤ نسق الترفيع في الأجور وزيادة التضخم".

وأضاف ياسين أنّ "معدّلات البطالة بدورها مرشّحة لتتضاعف، ربطاً بتباطؤ نسق الاستثمار المحليّ والأجنبيّ. ومع تزايد الاضطرابات الاجتماعيّة والسياسيّة وتأزّم الوضع العسكريّ في ليبيا، فإنّ هذه النسبة مؤهّلة للتفاقم.

اقرأ أيضا: الشعب التونسي يتقشف والمسؤولون "يفلتون" الحزام

وقالت الخبيرة الماليّة نجوى الهمّامي أنّ التقارير المتشائمة لهيئات النقد الدوليّ بخصوص مستقبل الاقتصاد التونسيّ خلال العشريّة المقبلة مردّه حجم المديونيّة التي تثقل كاهل الاقتصاد وتعيق أيّ جهود للنهوض به. حيث بلغت الديون التونسيّة تقريبا 15 مليار دولار مستنزفة 50% من الناتج المحليّ الخام. وهو ما يعني أنّ تونس ستظلّ خلال العشريّة المقبلة محرومة من نصف عائداتها ومن تآكل احتياطاتها من العملة الصعبة.
المساهمون