اليمنيون ينفقون مداخيلهم على مياه ملوثة بالصدأ

27 مايو 2015
فتاة تنتظر للحصول على المياه في صنعاء(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
تستهلك الأسرة اليمنية المكونة من تسعة أفراد، نحو 7200 ليتر شهرياً من المياه المستخدمة للاستحمام والطهي وغسيل الملابس، بحيث يتم ضخها من الآبار ولا تخضع للتنقية. ويصل سعر الليتر الواحد حالياً إلى 2.5 ريال يمني، أي أن قيمة استهلاك المياه غير الصالحة للشرب تصل في الشهر إلى 18 ألف ريال (حوالى 84 دولاراً)، وفي الأيام العادية، أي قبل أزمة المشتقات النفطية، يصل سعر الليتر إلى 1.25 ريال، وتصل القيمة الاستهلاكية في الشهر إلى 9 آلاف ريال يمني.

وتستهلك الأسرة ذاتها حوالى 900 ليتر شهرياً من المياه الصالحة للشرب والتي تتم معالجتها في المنشآت الخاصة بتنقية المياه، وسعر الليتر الواحد عشرة ريالات يمنية، أي بمعدل 9000 ريال يمني (حوالى 42 دولاراً) شهرياً، وفقاً للشركات الخاصة بتنقية المياه... بذا، تنفق الأسرة المكونة من تسعة أفراد على مياه الشرب والاستخدام نحو 126 دولاراً شهرياً، أي ما يقارب 1500 دولار سنوياً.


نصيب قليل من المياه
وتُعد مشكلة المياه في اليمن من أبرز قضايا الموارد الطبيعية الحرجة والمثيرة للقلق، حيث تؤكد الدراسات المتخصصة أن نصيب الفرد اليمني من إمدادات المياه من بين أدنى المعدلات في العالم. وتشهد كمية المياه تراجعاً بالتزامن مع الازدياد السكاني في اليمن، وهو الأمر الذي يهدد هذا البلد الفقير بالدخول في كارثة مائية وإنسانية حقيقية، في ظل نمو سكاني يصل إلى 3.5% سنوياً.

يقول المهندس عبد الله الشغدري، لـ"العربي الجديد": "إن مشكلة المياه في اليمن ليست ندرتها بقدر ما تتعلق بإدارتها، حيث يُدار هذا المورد بشكل سيئ، ويعاني البلد من عمليات سحب للمياه تتجاوز إعادة تغذية المياه الجوفية". الشغدري يشرح أنه أجرى دراسة حول أزمة المياه في اليمن وأظهرت نتائجها أن هذا المورد المهم بحاجة إلى إدارة فعالة لتنظيم عمليات سحب المياه والسماح بتغذية المياه الجوفية، إضافة إلى تحسين استخدامها في القطاع الزراعي.

يواجه اليمن اليوم عجزاً مائياً يقدّر بمليار متر مكعب سنوياً، وهو ما لا يمكن تجاوزه، بحسب الباحث الاقتصادي رشاد عبدالرحمن، إلا بتحسين استثمار المياه ووجود دولة قادرة على إدارة كافة الموارد الطبيعية. ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أن نسبة كبيرة من مياه اليمن تستخدم في الزراعة على الرغم من أنها لا تساهم سوى بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعطي فكرة عن أن التوازن المائي في اليمن سلبي ويهدد مستقبل البلاد.

مياه ملوثة

واقع يضع المواطن اليمني في مواجهة تحديات كثيرة، منها ما يتعلق بتلوث المياه. ويؤكد المواطن عبدالله الريمي، لـ"العربي الجديد"، أنه في معظم الأيام يكون لون المياه أصفر، كونها تحتوي الكثير من الصدأ الناجم عن غياب صيانة أنابيب نقل المياه. مؤسسة المياه والصرف الصحي رفضت التعليق على التلوث الحاصل في المياه التي عادة ما تستخدمها الكثير من الأسر للغسيل فقط، في حين أن الأسر الفقيرة تجد نفسها مضطرة للشرب منها. وفي محافظة عدن، شهد حي البساتين خلال الأسبوع الماضي حالات تسمم بالمياه، في ظل الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثي وصالح على عدن والذي أجبر سكان الحي على الشرب من المياه التي توفرها الدولة.

ويقول الطبيب نور الدين يعقوب، لـ"العربي الجديد"، إن تلوث المياه في اليمن يُعد السبب الرئيس في انتشار الأمراض المعوية، حيث يرتفع انتشار مرض الإسهال خاصة بين الأطفال، ما يرفع من كلفة الإنفاق الصحي لدى الأسر اليمنية.

وترتفع أسعار المياه المعدنية في اليمن، حيث يصل سعر الليتر الواحد من المياه المعدنية إلى 80 ريالاً يمنياً، وهو رقم كبير أمام 80% من الأسر اليمنية، خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية. ووفقاً لتقرير مصلحة الجمارك، فإن قيمة واردات اليمن سنوياً من المياه المعدنية تصل إلى 20 مليون ريال يمني (سعر الصرف للدولار الواحد 215 ريالاً يمنياً).


بلا رقابة
يلجأ اليمنيون إلى منشآت تنقية المياه التابعة للقطاع الخاص، والأخيرة لا تخضع لأي رقابة صحية من قبل الإدارات المعنية. ويعترف أبو مهند الصلوي، وهو مالك مؤسسة لتنقية المياه في العاصمة صنعاء، لـ"العربي الجديد"، بأن عمل هذه المنشآت لا يخضع للرقابة الكاملة ولا يتم فحص المياه بالمرة، وتتم التنقية بمعامل لا تتمتع بالقدرة الكافية على تقديم مياه نقية بنسبة 100%.

ويقول إن مصادر المياه التي يتم جلبها من الآبار المنتشرة في العاصمة صنعاء ليست نقية ومعظمها مياه تختلط بالصرف الصحي، مطالباً الدولة بالقيام بدورها، وفحص مختلف مياه الآبار وردم الآبار الملوثة من أجل مساعدة المنشآت التي تقوم بمعالجة المياه على تقديم مياه نقية تخدم صحة المستهلك.

المساهمون