المرأة اليمنية في معركة صعبة أمام الرجل

11 مايو 2015
المجتمع اليمني يهمش حقوق المرأة ويحرمها من المساواة (Getty)
+ الخط -
لم يشفع لـ"منى الكميم" امتلاكها شهادة الماجستير من الخارج في الاقتصاد وإتقانها اللغة الإنجليزية، أن تنال درجة "مدير عام" في أكبر المصارف الحكومية اليمنية، بسبب دعم جميع مسؤوليها زميلها في المنافسة على المنصب وتجاوزها في الحقوق المالية، بالرغم أن مؤهله فقط إجازة في الحقوق. تقدمت منى باستقالتها لتمضي ما يقارب 18 عاماً بحثاً عن فرصة أخرى قد تكون أفضل في مصرف تجاري في العاصمة.

لا تعبر قصة "منى" عن أسوأ أحوال المرأة اليمنية العاملة، وقد وصلت منصباً قيادياً لا تحصل على مثله سوى امرأتين من كل 100 رجل في اليمن، لكنها تصور وضعاً سيئاً لإحدى أرفع العاملات مرتبة.


عدم إنصاف المرأة
تقف العديد من التحديات أمام إنصاف المرأة اليمنية في مجالات العمل، أولها الالتحاق بالتعليم، حيث يصل معدل الأمية إلى 60%، وتصل الأمية القرائية عند النساء إلى 70% في الأرياف، و38% في الحضر، مما يقلل فرصها في العمل.

تتجسد أولى براهين عدم إنصاف المرأة في مجال العمل، في عمق الفجوة بين الجنسين. فقد انخفض حجم المرأة من 25% من مجموع القوة العاملة، بحسب مسح القوى العاملة للعام 2006، إلى 13% فقط في مسح عام 2013، معظمهن في مجالات عمل متدنية الدرجة أو عديمة الأجر، ليستأثر الرجل بالحصة الأكبر 87%، بالرغم من تزايد أعداد الإناث في التعليم أكثر من أي وقت مضى، ومن وعود الحكومة بزيادة مشاركتها كماً وكيفاً في قطاع العمل.

تقول المتخصصة في شؤون المرأة العاملة في الاتحاد الدولي لنقابات العمال، رضى قرحَش، لـ"العربي الجديد" نشأ عدم الإنصاف في العمل بين الرجال والنساء عن تحيزات واعتقادات تؤمن باختلاف دور كل منهما. وهي أدوار تعكس واقع المجتمع ضمن بيئته الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية، حيث يحدد الرجل نوعية النشاط الاقتصادي المناسب للنساء، مع شروط إضافية تعمل جميعها على انحسار مشاركتها الاقتصادية والاجتماعية".


وتضيف: "يتخذ الرجل قرار عمل المرأة داخل الأسرة أو يحدد مصير أجرها كشرط للسماح لها بالعمل من أجل ضمان تبعيتها لقراره واستمرار اعتمادها عليه".

وتتابع: "نتيجة هذه الظروف، نلاحظ أن المرأة اليمنية، سمح لها فقط بممارسة بعض المشاريع الصغيرة، إذ تحصل المرأة على نسبة 18% من إجمالي المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأما ضمن فئة القطاعين الخاص والعام فتعمل فيهما 8% فقط من النساء العاملات".

وبالنظر إلى اعتمادهن على الرجل، فإنهن يملن إلى العمل ضمن القطاع غير المنظم مثل الزراعة والرعي والمشاريع الصغيرة في المنازل، وهو قطاع منخفض النشاط اقتصادياً، ولا يتطلب مستويات تعليمية ومهارية بسيطة، ويحصلن منه على أجور أقل من الرجل. وتعمل 61% من إجمالي نسبة النساء العاملات دون أن يحصلن على أجورهن، وغالباً ما تتركز تلك الأعمال في النشاط الزراعي في الريف، حيث يعمل فيها الذكور بنسبة 56.8% والإناث بنسبة 43.2%، ويعمل في هذا النشاط 40% من اليمنيين.

الغبن الاجتماعي
تدفع الأجور في اليمن قانوناً بحسب المنصب وليس الجنس، لكن هناك وظائف تقوم أجورها على التفاوض، لا سيما في القطاع الخاص، وتتعمد هضم المرأة في تقرير راتبها، بسبب ضعف منافستها وتفضيل الرجال في الوظائف. ومع ذلك، فإن فارق الأجور لا يزال في حده الأدنى، مع اعتبار أن النساء بصفة عامة يعملن ساعات أقل من الرجال، خاصة في المهن الفنية والحرفية، حيث تحصل النساء على متوسط يعادل 0.42 دولار في الساعة، بينما يكسب الرجل ضعف ذلك 0.80 دولار.


إلى ذلك، تعاني نساء الريف بشكل أكبر من الغبن الاجتماعي لعدة أسباب ثقافية، مظاهرها شعورها بعدمية دورها في الإنتاج وحرمانها الأجر وتصديها لكامل الأعباء المنزلية. يقول أستاذ التنمية في جامعة صنعاء، عبدالملك الضِّرعي، إن المؤشرات الاقتصادية الخاصة بالمرأة العاملة، تغفل جزءا هاما من قوة العمل الريفية التي تقوم بها المرأة.

ويعزو الضرعي ذلك إلى قيام رب البيت المُدلي ببيانات الاستبيانات بتقديم بيانات عمل الذكور فقط، لأنه يعتقد أن عمل المرأة خارج أو داخل منزلها، ومن ذلك نشاطها الزراعي، جزء من مهامها اليومية الأسرية، ليتم بذلك حرمانها من أجر عملها غالباً، باستثناء بعض الأعمال التي تمارسها للغير بأجر.

إقرأ أيضا: عقيدة الهجرة: ضحايا الحرب والجوع "قرابين للبحر"
دلالات
المساهمون