حارس المرمى هو نصف الفريق، النصف الذي لو اهتز قليلاً وارتكب خطأ واحداً فقط فإنه سيكون كفيلاً بإسقاط فريق بأكمله وتكليفه خسارة غير مُبررة. هو اللاعب الأكثر تأثراً بأي شيء على أرض الملعب والأكثر حساسية في كل الظروف، فهو يحمل مسؤولية كبيرة وهي حماية مرمى من 7 أمتار.
في مباراة ليفربول ومانشستر سيتي، ارتكب الحارس البرازيلي أليسون خطأين متتاليين وغير متوقعين من حارس كان السبب في تتويج ليفربول بلقب دوري أبطال أوروبا والدوري الإنكليزي. هي أخطاء تحدث في كرة القدم وممكن أن يرتكبها أي حارس في العالم مهما كانت عظمته، لكن لماذا يرتكب حراس المرمى مثل هذه الأخطاء القاتلة؟
ضغط المباراة والمنافِس
من أكثر أخطاء حراس المرمى شيوعاً، تشتيت كرة خاطئة دون تركيز عندما يفرض الفريق المنافِس الضغط العالي داخل منطقة الجزاء، فإذا لم يكن الحارس ذا مهارة عالية بالقدمين فعندها سيكون أكثر عُرضة لارتكاب أخطاء من خلال تمريرة للمنافِس أو المحافظة عليها دون أي حساب ثم فقدانها أمام المهاجم الأخير.
بعيداً عما إذا كانت المباراة نهائية مثلاً أو قمة حاسمة في دوري الأبطال، حيثُ يرتفع الضغط عند حراس المرمى ومستوى التوتر أيضاً نظراً لأهمية المواجهة، إلا أن الضغط العالي من المنافِس هو من أكثر العوامل الفنية التي تُجبر حراس المرمى على ارتكاب الأخطاء من خلال سوء استخدام القدمين.
مثلاً، أمام مانشستر سيتي وبسبب ضغط اللاعبين العالي داخل منطقة جزاء ليفربول، تصرف الحارس أليسون بتسرع وبدون تركيز ومرر الكرة بطريقة خاطئة إلى المنافِس مرتين في 3 دقائق. الأمر ربما يتعلق بسوء تركيز من أليسون لا أكثر، لكن حتماً الضغط العالي الذي فرضه "سيتي" أربك الحارس وأثر على قراره الأخير.
السرعة والإيقاع
يُعتبر حارس المرمى عنصراً رئيسياً في عملية بناء الهجمات اليوم، فهو عليه أن يكون مهارياً بالقدمين وذا رؤية واضحة للملعب بأكمله وأيضاً عليه تنفيذ عملية تسليم الكرة بشكل صحيح (ركلة طويلة أو رمية بيده)، وفي ظل عامل السرعة المطلوب في كرة القدم الحديثة لتسريع إيقاع اللعب وكسب المرتدات، يقع الحارس في الفخ.
تؤثر عملية سرعة اتخاذ القرارات لبناء الهجمات بشكل أسرع على قرار حراس المرمى وأحياناً يجبرهم على ارتكاب أخطاء دون انتباه، وذلك لأن كل التركيز على إيصال الكرة لمهاجم في المقدمة أو إلى لاعب خط وسط لديه مساحة للتصرف والانطلاق في هجمة سريعة.
عامل السرعة سيُربك حارس المرمى أحياناً ويدفعه لتمرير كرة خاطئة نحو المنافِس أو حتى رمي الكرة دون انتباه إلى مساحة يستغلها المهاجم ويُسجل منها الأهداف. ويبرزُ إلى الواجهة هنا الخطأ القاتل الذي ارتكبه حارس ليفربول السابق لوريس كاريوس في نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ريال مدريد.
في تلك المباراة وبسبب تركيز كاريوس على بناء الهجمة بسرعة، رمى الكرة بين أقدام بنزيمة الذي كان يتمركز أمامه على حدود منطقة الجزاء، فخطفها المهاجم الفرنسي وسجل الهدف. طبعاً كان لهذا الهدف تأثير معنوي كبير على الحارس أولاً ثم على المجموعة بأكملها.
ضعف مهارة القدمين
يعتقد البعض أن حارس المرمى يستعمل يديه فقط وربما يعود الأمر لأجيال سابقة في عالم الساحرة المستديرة، لكن اليوم في الكرة الحديثة الأمر تغيّر كثيراً وأصبح التعامل بالقدمين له أهمية كبيرة لأي حارس مرمى، لا بل هو شيء أساسي لأي حارس شاب يريد تحقيق النجاح وإثبات نفسه في المستقبل.
وانطلاقاً من مقولة الأسطورة الهولندية، يوهان كرويف، التي قال فيها: "في فريقي الحارس هو أول مهاجم والمهاجم هو أول مدافع"، يُمكن استنتاج أهمية استخدام حارس المرمى لقدميه اليوم. والأمثلة كثيرة عن حراس مرمى يجيدون التعامل بالقدمين ويصنعون الفارق مع الأندية التي يلعبون معها.
وربما الحارسان الألمانيان مانويل نوير ومارك أندريه تير شتيغن، هما أفضل الأمثلة على المهارة في استخدام القدمين للتمرير وتزويد الفريق بالكرات الطويلة الصحيحة لبناء الهجمات على المنافِس. بينما الضعف في استخدام القدمين سيؤثر سلباً على حارس المرمى والفريق بشكل عام.
ضعف القدمين لا يقتصر على ارتكاب خطأ أو خطأين مثلاً كل موسم، ضعف القدمين عند حارس المرمى يتمثل في عدم قدرته على تزويد اللاعبين بالتمريرات الصحيحة باستمرار، وارتكاب أخطاء متكررة بين مباراة وأخرى أو حتى خطأ أو خطأين كل 5 مباريات، وهذا معدل مرتفع سيُكلف الفريق أهدافاً غير مبررة حتماً.
الحارس القوي والخبرة
في النهاية، لا يوجد حارس مثالي في كرة القدم فالأخطاء واردة وجزء من كرة القدم، لكن هناك حراس مرمى تعلموا كثيراً من الأخطاء. وهناك حراس لم يتغيروا وما زالوا يرتكبون نفس الأخطاء مع الأندية التي يلعبون معها. وهنا تأتي أهمية التدريب على كل الاحتمالات لكي لا يقع الحارس في فخ ارتكاب أخطاء قاتلة ومهينة.
وأفضل حارس مرمى اليوم هو الذي يتعامل مع ضغط المباريات وضغط المنافِس العالي عليه بهدوء ونضج وذكاء دون تهور وتسرع، وهو الذي يعرف متى يلعب كرة طويلة ومتى كرة قصيرة، ومتى يُسرع الإيقاع ومتى يبدأ الهجمة من الخلف، وهنا عامل الخبرة يلعب دوراً كبيراً في التعامل مع كل كرة.
وأخيراً طبعاً، مهارة القدمين التي تُميز حارساً عن آخر وتجعله محل ثقة من زملائه والمدرب والجماهير، لأنه لا يجيد فقط التصدي للكرات الخطيرة، بل هو جزء من اللعبة وجزء من عملية صناعة الأهداف.