كثُرت الأخبار في الفترة الأخيرة التي تُشير إلى إمكانية توقف بطولة الدوري اللبناني لكرة القدم لموسم (2019-2020) بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان والانتفاضة الشعبية المُستمرة منذ 40 يوماً. وفي وقت لم يؤكد الاتحاد اللبناني هذه الأخبار بشكل رسمي، سيكشفُ التقرير بالأرقام حجم الكارثة في حال توقف بطولة الدوري.
وفي هذا الإطار يتعين على الاتحاد اللبناني لكرة القدم قبل أي شيء التمعن جيداً بكل الأرقام وعدد اللاعبين الذين يعتمدون على راتب كرة القدم فقط لإعالة عائلاتهم، ومن دون هذا الراتب قد يُقتل اللاعب اللبناني مرة ثانية وهو الذي يُقتل كل يوم بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها هذه الرياضة منذ سنوات.
وتكشف دراسة "ماجيستير" في الإدارة الرياضية، خاصة عن وضع كرة القدم اللبنانية، تم إعدادها في عام 2017 على حوالي 100 لاعب، وأجراها كاتب هذه السطور (الصحافي في القسم الرياضي لموقع وصحيفة "العربي الجديد")، عن الفروق الكبيرة في رواتب اللاعبين وعدد اللاعبين الذي يُعولون على كرة القدم كمصدر رزق (عينة مؤلفة من 100 لاعب).
رواتب اللاعبين
وكشفت الدراسة الخاصة عن وجود ثلاث فئات من الرواتب في كرة القدم اللبنانية: الأولى بين 500 و1000 دولار أميركي، الثانية بين 1000 و1500 دولار أميركي والثالثة 1500$ وما فوق. وهذه الأرقام كشف عنها حوالي 100 لاعب عبر مكالمة هاتفية وإحصاء بيانات خاص وسري، ولن يتم ذكر أسماء اللاعبين حفاظاً على سرية المعلومات.
وتبين من خلال عملية الإحصاء الخاصة بالرواتب في كرة القدم والتي طُبقت بشكل متساو على 100 لاعب، أن نحو 57 لاعباً يلعبون في مختلف الأندية اللبنانية يتقاضون رواتب تراوح بين (500 و1000 دولار)، بينما يتقاضى 36 لاعباً (1000 - 1500 دولار)، وسبعة لاعبين فقط من "العينة المدروسة" (1500 دولار وما فوق).
وعليه، فإن نسبة 57% من العينة المدروسة في الإحصاء تعيش على مبلغ 1.500.000 ليرة لبنانية شهرياً كحد أقصى، بينما نسبة 36% على مبلغ يُناهز الـ2.225.000 ليرة لبنانية كحد أقصى، و7% فقط على 2.225.000 ليرة لبنانية وأكثر.
ولو طُبق هذا الإحصاء مثلاً على نحو 1000 لاعب وفقاً للأرقام المذكورة في الأعلى، سيكشف الإحصاء أن حوالي 570 لاعباً سيتقاضون راتباً يراوح بين 750.000 و1.500.000 ليرة لبنانية.
الكرة مصدر رزق وحيد
في لبنان لا يمكن للاعب كرة القدم أن يُعول على الرياضة فقط، وفقاً للمقولة الشهيرة "الفوتبول ما بطعمي خبز في لبنان". وعليه يلجأ الكثير من اللاعبين لشغل وظيفة ثانية إلى جانب كرة القدم تُعيل عائلاتهم وتُساعدهم على تأمين المستلزمات المعيشية طيلة الشهر، لكن ماذا عن اللاعبين الذين يعتمدون على كرة القدم فقط كوظيفة وليس هناك وظيفة ثانية؟
تُشير الدراسة التي أجريت على الـ100 لاعب من العينة المختارة إلى أن حوالي 32 منهم فقط يعملون في وظيفة ثانية ولديهم دخل شهري ثان، بينما هناك 68 لاعباً لا يملكون وظيفة ثانية ويعتمدون على اللعبة فقط كمورد رزق مُباشر، أي أن نسبتهم هي 68% من أصل 100 لاعب فقط.
وهنا يجب الإشارة إلى أنه لو تم تطبيق هذه الدراسة على عينة أكبر مؤلفة من حوالي 1000 لاعب (درجة أولى، ثانية، ثالثة ورابعة)، فإن النسبة المتوقعة كارثية، إذ إن الإحصاء سيكشف عن اعتماد نحو 680 لاعباً على راتب الفريق الذي يلعب معه، بينما 320 لاعباً فقط يعتمدون على مدخولين (كرة القدم ووظيفة أخرى) خلال الشهر.
أمام هذه الأرقام الصادمة، على الاتحاد اللبناني وإن كان يُفكر في قرار إلغاء الدوري هذا الموسم التمعن جيداً ودراسة أحوال اللاعبين، لأن الأمور قد تتجه إلى كارثة معيشية. فهناك نحو 680 لاعباً وربما أكثر مُهددين بفقدان رواتبهم الشهرية و680 عائلة مُهددة بفقدان دخلها الشهري، وهذه بحد ذاتها جريمة كروية اجتماعية بحق لاعبين مشكلتهم الوحيدة أنهم عشقوا لعبة الفقراء.