الخطأ العنصري...ترامب هاجم الـ"NFL" معقل الأقليات والمهاجرين

24 سبتمبر 2017
ترامب يُهاجم رياضة تضم نسبة مرتفعة من المهاجرين (Getty)
+ الخط -

فتح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبواب الجحيم على نفسه، عندما قرر مهاجمة كرة القدم الأميركية والرابطة التي تدير هذه الرياضة، وذلك بتغريدات متتالية عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، انتقد من خلالها احتجاج بعض اللاعبين على قراراته عبر الركوع على الأرض خلال عزف النشيد الوطني الأميركي.

يبدو أن دونالد ترامب ارتكب خطأً كبيراً بمهاجمة منظمة رياضية بحجم الـ"NFL"، وخصوصاً أن الأمر يتعلق بلاعبين ونجوم يقف وراءهم جمهور ضخم يُساندهم في كل المباريات. ترامب لم يعرف أن مهاجمة هذه الرياضة سيكون لها مفعول سلبي عليه أولاً ثم على أميركا، لأنه لم يُدرك أهمية هذه الرياضة اقتصادياً في الولايات المتحدة الأميركية وأغفل نسبة المهاجرين والأقلية المُدمنة على هذه اللعبة.

70% من ذوي البشرة السمراء
كشفت دراسات أميركية مؤخراً نُشرت في الصحف والمجلات الرياضية الأميركية أن ذوي البشرة السمراء يشكلون حوالي 6% من الشعب الأميركي، لكن المثير أن هذه النسبة تُشكل 70% من نسبة اللاعبين في بطولة الدوري الأميركي لكرة القدم. هذا بالإضافة إلى أن اللاعبين ذوي البشرة السمراء يشكلون نسبة 57 إلى 70 من هذه الرياضة في الجامعات أيضاً، وهذا رقم مُرتفع يعني أن ترامب هاجم معقل البشرة السمراء والمهاجرين.

في المقابل فإن رئيس الـ "NFL"، روجيه غوديل حقق في عام 2015 أرباحاً مالية وصلت إلى حوالي 31.7 مليون دولار، أي أن نسبة 70% من اللاعبين ذوي البشرة السمراء يساهمون بنسبة كبيرة في تأمين مدخول مالي ضخم للرئيس غوديل.

وربما هذه الأرقام تؤكد وقوف غوديل إلى جانب اللاعبين مهما كان انتماؤهم، حيث ندد غوديل بترامب ورد على تصريحاته، وقال: "الـ "NFL" ولاعبوه هم الأفضل في خلق جو من الوحدة لبلدنا وثقافته، تعليقات مثل هذه تبدي عدم احترام لرابطة كرة القدم الأميركية الممثلة باللعبة واللاعبين، وهو فشل في إظهار الاحترام للتنوع الثقافي الموجود في هذه الرياضة".

وبحسب موقع "تايدز" الأميركي المختص في إحصاءات الجنس والعرق البشري، فإن 12.5% فقط من الأظهرة الدفاعية في كرة القدم الأميركية هم من أصحاب البشرة البيضاء، أي أن حوالي 87.5% من ذوي البشرة السمراء، ويُعتبر هذا المركز من الأهم في هذه الرياضة، لأن الكرة دائماً ترسل إلى هؤلاء اللاعبين من أجل الانطلاق بسرعة وتسجيل النقاط.

في المقابل يُشكل اللاعبون ذوو البشرة السمراء نسبة 80% من لاعبي خط الدفاع، أما لاعبو الأجنحة فهم من أصحاب البشرة السمراء بنسبة 99.4%، في وقت يُشكل المسددون أصحاب البشرة البيضاء حوالي 97.8%. والمثير أنه في عام 2016، لم يظهر أي عداء ذي بشرة بيضاء مع 32 فريقاً، وهو الإحصاء الذي يؤكد أن أصحاب البشرة السوداء لهم نسبة حضور كبيرة في هذه الرياضة.

أكبر منظمة رياضية متحدة
باستثناء قضية ضربات الرأس والمرض المُزمن الناتج عنه، وهي القضية المشتعلة منذ عام 2014 بين اللاعبين ورابطة الدوري الأميركي، يُعتبر الـ"NFL" من أقوى المنظمات الرياضية الأميركية وفي العالم. رياضة يتحد حولها اللاعبون ورؤساء الأندية لأنها تدرُ أموالا طائلة سنوياً وتملك شعبية كبيرة في الولايات المتحدة الأميركية.

ولهذا السبب ارتكب ترامب خطأ ثانيا في الهجوم على منظمة رياضية بحجم الـ"NFL"، وهو الأمر الذي بدا واضحاً من خلال التضامن والاتحاد ضد تصريحات الرئيس الأميركي من اللاعبين ورؤساء الأندية ومسؤولين في الـ"NFL" وغيرهم.

بدايةً من رئيس فريق نيو إنغلند باتريوتس، روبيرت كرافت الذي كان من أبرز المساندين لترامب في الانتخابات والذي رد على ترامب: "خاب أملي من تعليقات الرئيس الأخيرة، لاعبونا أذكياء وأقوياء ويهتمون كثيراً بالمجتمع وثقافة البلاد، أنا أساند حرية تعبيرهم في أي تصرف يقومون به".

في المقابل أصدرت إدارة فريق "بافولو بيلز" بياناً رسمياً أعلنت فيه: "تعليقات الرئيس الأميركي الأخيرة لا تحترم كل مجتمع الـ"NFL" بل تدعو إلى التقسيم، وسنحاول استغلال هذه التعليقات للتوحد أكثر كفريق وإدارة. وقال رئيس مجلس إدارة فريق غرين باي بايكرز، مارك مورفي: "أعتقد أنه يجب مساندة اللاعبين الذين اختاروا التعبير عن رأيهم بكل سلام من أجل التغيير للأفضل، كأميركيين يجب أن نعبر بكل حرية وانفتاح".

كما عبر لاعب فريق تامبا باي، ديسين جاكسون: "أنا أعرف لاعبين احتجوا وركعوا على الأرض خلال عزف النشيد الوطني، هؤلاء لاعبون أذكياء، ومن الأشخاص الذين يحاولون صناعة مستقبل أفضل للجميع، يمكننا الاستفادة في هذه البلاد من السماع واحترام الآخر أولاً".

وأخيراً لا يمكن الهجوم على منظمة رياضية مبنية على أساس التنوع، مهما كان لون البشرة أو الجنسية في المجتمع، خصوصاً أن الـ"NFL" يُصدر سنوياً كُتاباً خاصاً بعنوان "تقرير التنوع والشمولية"، ويقول نائب اللجنة التنفيذية في رابطة كرة القدم الأميركية، تروي فينسنت: "نحن نتعلم من تقدمنا، ونحاول بناء نظام لتطوير الاستمرارية في التنوع الثقافي".

ويضيف في الكُتيب: "هذا التقرير السنوي يمثل كل مساعينا لتطوير العمل الإداري في هذه الرياضة، ونحاول الوصول إلى مستقبل يضمن التنوع الثقافي بين الجميع وعدم التفرقة بين أي لاعب أو مسؤول يمارس عمله تحت لواء الـ"NFL".

المساهمون