نجوم الجزائر في الموعد.. رياض آخر يخطف الأضواء هذا الموسم

17 مايو 2017
بودبوز من مواهب الكرة الجزائرية (Getty)
+ الخط -


 

أثبت النجوم العرب علو كعبهم على أقرانهم عندما يحصلون على الفرصة الكاملة، وبعد قيادة محرز فريقه ليستر إلى لقب البريميرليغ، ووصول أياكس مع حكيم زياش إلى نهائي الدوري الأوروبي، هذا الموسم، يقدم لاعب آخر غير متوقع مستوى أكثر من رائع أخيراً، إنه النجم الجزائري رياض بودبوز الذي نافس عمالقة الدوري الفرنسي على جائزة الأفضل، رغم لعبه في نادٍ متواضع مقارنة بالآخرين.

محارب الصحراء
هدف واحد فقط ينقص، رياض بودبوز، كي يصنع 10 أهداف ويصل إلى معدل "Double" على طريقة كرة السلة، بتسجيله 10 أهداف وصناعته مثلها، في ظاهرة كروية يشهدها الدوري الفرنسي هذا الموسم. ونجح مونبلييه في البقاء بالبطولة بسبب المجهود المضاعف للنجم الجزائري الذي خطف الأضواء من الجميع أخيراً، بأداء استثنائي ومستوى ثابت لا يتغير نحو الأفضل دائماً، ليستحق أن يكون ضمن نجوم البطولة في مراحلها الحاسمة.

وإذا كان رياض محرز هو أفضل محترف جزائري وعربي بالسنة الماضية، فإن هذا الموسم شهد تراجعاً غير متوقع لساحر ليستر، بسبب انخفاض مستوى فريقه ككل وتغيير المدرب بعد منتصف الموسم، لتقل أرقامه التهديفية على مستوى التسجيل والصناعة، ويبتعد ليستر سيتي كثيراً عن المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية، وبالتالي من الصعب وضع محرز ضمن قائمة الشرف رغم كل ما يمتلكه من قدرات فردية فذة سواء بالمراوغة أو بالتسديد من كافة المسافات.

سجل رياض الآخر 10 أهداف في الدوري الفرنسي وصنع 112 فرصة للتسجيل خلال 31 مباراة، وأثر اللاعب بالإيجاب على فريقه بالكامل، نظراً لانخفاض مستوى معظم المجموعة حوله، لدرجة أن مدرب مونبلييه، جان لويس غاسيت، مدحه كثيراً ووصفه بأنه النجم الأنسب لقيادة الفريق في المباريات الحاسمة، بسبب قدرته على الحسم وترجيح الكفة أمام المرمى، وهذا حدث في أكثر من مناسبة بالعام الحالي.

خطة 4-2-3-1
مع تغير خطط اللعب، اتجهت معظم الفرق إلى اللعب بمهاجم وحيد، وخماسي في خط الوسط. تعددت الطرق والنهاية واحدة، 4-3-3 أو 4-5-1 أو 4-2-3-1، وعودة مرة أخرى خلال الفترة الأخيرة إلى 3-5-2 ومشتقاتها، وهي الأشكال التي يلعب بها معظم الفرق الأوروبية والعالمية خلال السنوات الأخيرة. ومن بين كل الخطط، تبقى 4-2-3-1 هي الأساس لتألق ما يعرف بصانع اللعب الحديث، أي اللاعب الذي يتمركز أمام الوسط وخلف المهاجم في المركز 10 بالثلث الأخير.

ينطلق لاعب الجناح في الملعب باتجاهات أقل من لاعب الوسط المركزي، لأنه يتحرك في الأمام والخلف وعلى طرف واحد، بسبب محاصرته بالخط الجانبي، عكس لاعب المنتصف الصريح الذي يتحرك في كل اتجاهات الملعب. لذلك يمتاز لاعب الجناح بمهارات كبيرة وقدرة واضحة على التعامل مع الكرة خلال أضيق المساحات، وعندما تأتي الفرصة ويلعب بالمنتصف خلف الهجوم، يكون في وضعية مريحة لإحراز الأهداف وصناعتها.

ويلعب مونبلييه دائماً بخطة 4-2-3-1، مع تواجد رباعي دفاعي صريح أمام المرمى، رفقة ثنائي محوري بقيادة سيسينيون وإلياس صخيري، رفقة إيكوني ومبينزا على الطرفين، بينما في قلب الهجوم ينطلق المهاجم الرئيسي ستيف موني ومن خلفه رياض بودبوز، لتتحول الخطة إلى 4-4-2 بصعود نجم الجزائر إلى منطقة الجزاء، وقيامه بتبادل مركزه مع رأس الحربة بالمركز 9، ليناسب هذا التكتيك قدراته وإمكاناته سواء بالكرة أو من دونها.

صانع اللعب
يعتبر رياض من أفضل صناع اللعب الجدد وفق رسم 4-2-3-1، صاحب المركز رقم 10 الذي ينطلق بحرية في الثلث الهجومي الأخير. يستلم الكرة ويمررها الى المهاجمين، ويصنع الأهداف ويسجلها إذا سنحت الفرصة، ويستفيد من الفراغ الذي يصنعه المهاجم المتقدم، بمزاحمة الدفاع وفتح زوايا التمرير أمامه. إنه يملك أيضاً قيمة تبادل الأماكن مع الأطراف وملء الفراغات داخل نصف ملعب فريقه، بدخول الجناح الأيمن في العمق وتحول الجزائري مكانه، كذلك ينطلق اللاعب الأيسر على الخط ليتمركز العقل المفكر في المنطقة الشاغرة بين الجناح والظهير.

بودبوز مهاري ممتاز، يراوغ أي مدافع بخفته وحركته المستمرة، مع صعوبة توقع قراره داخل الملعب، لذلك قام بعمل 76 مراوغة سليمة بالدوري. رقم يؤكد تفوقه على أقرانه وتمتعه بالجانب التقني اللازم للتعامل مع الكرات في أضيق المساحات الممكنة، مع وجود عيب واحد فقط يؤثر عليه، ألا وهو ضعف الشق الدفاعي وعدم عودته إلى الخلف أثناء المرتدات، لذلك يلعب فريقه بثنائي محوري من أجل التغطية، وإبقاء نجم الفريق الأول بمراكز الهجوم طوال مجريات اللعب.

ويُحسب للاعب الشمال أفريقي أيضاً قدرته على التسديد من بعيد، حيث إنه سجل هذا الموسم 5 أهداف من خارج منطقة الجزاء بنسبة تصل إلى 50% من إجمالي ما سجله. ينقص بودبوز فقط التألق مع منتخب بلاده خلال المرحلة المقبلة بشكل أكبر، فالجزائر في أشد الحاجة إلى هذه النوعية من المهارات، ورغم أنه يشارك مع الخضر، منذ سنوات طويلة، إلا أنه يحتاج لمزيد من الحسم على الصعيد الدولي ليصبح أقرب إلى النسخة المكتملة للاعب الأفريقي الناجح قارياً ودولياً.

الخطوة المقبلة
وضع المتابعون بودبوز ضمن قائمة أفضل اللاعبين في الليغا1، ونتيجة ضعف مستوى مونبلييه وابتعاده تماماً عن المنافسة، فإن الشكوك تحوم حول مستقبل اللاعب الدولي، وتؤكد تقارير عديدة إمكانية رحيله إلى دوري آخر. ويأتي الدوري الإنكليزي في مقدمة البطولات التي يذهب إليها نجوم الكرة الأوروبية، مع وجود اهتمام ومراقبة فعلية من بعض أنديتها كويستهام وساوثهامبتون وحتى بورنموث الذي يحتاج إلى صانع لعب إضافي بالقرب من خط الهجوم.

ضم ويستهام أكثر من لاعب أخيراً، لكنه عانى من تراجع النتائج طوال المنافسة، بسبب صعوبة اندماج الجدد وانخفاض مستوى النجوم الكبار، لذلك سيكون بودبوز أفضل دعم ممكن لربط خطوط الفريق، ومضاعفة عدد الفرص التي تصل إلى المهاجمين داخل منطقة الجزاء، خصوصاً مع ظهور الدولي الغاني أندريا أيو بشكل سيئ، واقترابه من العودة مرة أخرى إلى فرنسا. يبقى فقط استمرار بيليتش على رأس الإدارة الفنية وتأكيده ضرورة الاستفادة من خدمات رياض بفترة الانتقالات الصيفية.

أثبت نجم الجزائر، أن الدوري الفرنسي بمثابة الكنز للباحثين عن المواهب، ويأمل الخبراء في تكراره تجربة ديمتري باييه في البريميرليغ، بعد خطفه الأضواء سريعاً ونجاحه في التكيف مع الأجواء، ويملك رياض كافة المقومات لإعادة هذه القصة، ومنافسة زميله ومواطنه محرز. يحتاج الأمر فقط إلى التأني والصبر في الاختيار، حتى تكون المرحلة المقبلة على قدر التطلعات والأمنيات بعد موسم رائع على المستوى الفردي والجماعي لصانع اللعب رقم 10.

المساهمون