تُثير قضية الغرامات المالية التي تشهدها بطولة ويمبلدون للتنس، ثالث دورات الغراند سلام في الموسم الحالي، جدلاً كبيراً في الأوساط الرياضية وبين اللاعبين الحاليين، مع وصول الرقم إلى 106.400 دولار أميركي في الأسبوع الأول، الذي يُعتبر الأعلى في آخر خمس سنوات.
قضية توميتش والبقية
غُرّم اللاعب برنارد توميش خلال بطولة ويمبلدون الحالية بمبلغ 46,300 جنيه إسترليني (58,5 ألف دولار أميركي) وهو رقمٌ يفوق بألف و300 جنيه إسترليني المكافأة التي حصل عليها مقابل مشاركته في النسخة الحالية (45 ألف جنيه إسترليني).
هذا القرار جاء بعد تأكيد منظمي البطولة عدم لعبه ضمن المعايير المطلوبة في الدور الأول، بعد الهزيمة أمام الفرنسي جو ويلفريد تسونغا خلال 58 دقيقة.
توميتش برر ذلك "شعرت بالجهد الزائد"، لكن خسائره في هذه البطولة لم تقتصر على الغرامة المالية التي يعتزم استئنافها، إذ قررت شركة "هيد" المنتجة لمضارب التنس إنهاء عقد رعايتها للاعب الأسترالي، خاصة بعد تصريحاته عن إحساسه بالملل عقب الخروج من الدور الأول، مؤكدة أن ما تفوّه به لا يعكس نهج الشركة تجاه رياضة التنس وشغفها واحترامها لهذه الرياضة.
وبعدما باتت مباراة توميتش الأقصر في آخر 15 عاماً بمنافسات الرجال إذ استمرت لحوالي 58 دقيقة، أكد المصنف الـ96 عالمياً أن خصمه كان قوياً وإرسالاته رائعة، فلم يقدر على المتابعة لشعوره بالتعب، لتأتي الغرامة المالية، التي دفعت تسونغا للتصريح: "شعرت بالتقليل من قيمة انتصاري بعد الغرامة المالية، خصمي كان نداً قوياً في المجموعة الثالثة".
من جانب آخر، فُرضت غرامة مالية من مسؤولي نادي عموم لندن على النجمة الأميركية سيرينا ويليامز، وصلت إلى 10 آلاف دولار، وذلك لتسببها في إلحاق ضررٍ بمضربها بأحد ملاعب البطولة العريقة.
وكان اللاعب الإيطالي فابيو فونيني قد أثار جدلاً بسبب مشادة في مباراته أمام الأميركي تينيس ساندغرين في الدور الثالث، بعد تصرفٍ غير رياضي، ليخرج ويقول إنه يتمنى انفجار قنبلة في نادي عموم إنكلترا.
بدوره تعرّض اللاعب المثير للجدل نيك كيريوس لغرامة وصلت إلى 8 آلاف دولار أميركي، بسبب ما حصل في مباراتيه بالدورين الأول والثاني، الذي خسره أمام الماتادور الإسباني رفائيل نادال.
قصة كاسل
يُعتبر أندرو كاسل، المصنف الأول في المنتخب البريطاني سابقاً، واحداً من أكثر لاعبي التنس تعرضاً للغرامات المالية في عالم التنس، بسبب استخدامه المباريات كمنصة للاحتجاج على ضريبة الرؤوس التي فرضتها في عام 1989 حكومة مارغريت تاتشر.
كاسل، خلال ظهور إعلامي على راديو "LBC" البريطاني، قال إنه لا يعتقد أن السلوك في الرياضة يزداد سوءاً، وأضاف: "كنت ذات يومٍ أكثر اللاعبين تغريماً في عالم التنس، لقد فعلت ذلك لوضع علامة فارقة والتأكيد على رفضي ضريبة الرؤوس"، التي شهدت معارضة كبيرة في عام 1990. وتابع كاسل حديثه: "لقد تم تغريمي وحُظرت بعد ذلك، ربما لم تكن تلك أفضل لحظاتي، لكنني أعتقد أنني ربما سأفعلها مرة أخرى".
وفي خضم عدم ندمه، ما زال كاسل يشعر بالضيق من تغريم أندريه أغاسي بمبلغ أقل منه، رغم أن فعلة الأخير تُعتبر أكبر من الاحتجاج على قضية الضرائب "ما زلت أنظر إلى الوراء وأفكر، كيف حدث ذلك؟".
ولم يُبدِ كاسل اضطرابه أو ارتباكه من قضية الغرامات التي بات الجميع يتحدث عنها، سيما أنه عاش تحت وطأتها فترة من الزمن.
غياب العدل
قد يظن البعض أن كلّ لاعبي التنس يعيشون في رفاهية وبذخٍ منقطع النظير، إذ تلجأ العديد من العائلات لدفع أبنائهم نحو هذه الرياضة نظراً لبعدها عن العنف والاحتكاكات الجسدية.
خلف هذا القناع "المزيف" حقيقة أخرى، فالعديد من اللاعبين يشتكون من قيمة الجوائز المالية وطريقة توزيعها التي تُعتبر غير عادلة، وهذا الأمر كان قد اشتكى منه المصنف أول عالمياً، نوفاك ديوكوفيتش في وقت سابق، وهو الذي يُحاول باستمرار الدفاع عن حقوق زملائه، إذ يحصل اللاعبون على نسبة 7% من أرباح البطولات الكبرى.
ويتلقى الفائز في بطولة ويمبلدون مبلغاً قدره 2,350 مليون إسترليني، فيما تبلغ القيمة المالية التي يتقاضاها جميع اللاعبين 38 مليون جنيه إسترليني، مع العلم أن الرقم ارتفع من العام الماضي بنحو 11,8% بعدما كان 34 مليون جنيه إسترليني في النسخة الماضية.
الأمر غير العادل في القضية هنا، خاصة أن أصحاب المراكز المتقدمة يحصلون على أرقام كبيرة، وهذا الأمر أكده المصنف الثاني عالمياً نادال في وقتٍ سابق من العام الماضي بشهر مارس/ آذار حين قال: "أفهم معاناتهم، أصحاب التصنيف المتقدم يحصلون على الملايين، ومتوسطو التصنيف يكسبون جيداً، أما الأقل تصنيفاً فوضعهم مختلف، يعيشون على ما يربحون من البطولات، ومسيرتهم لا تستمر 30 عاماً".
وبحسب نادال، يحتاج السفر بشكل أسبوعي لتكلفة قد لا تغطيها مكافأة المشاركة بالنسبة للاعبين العاديين، إذ يحصل اللاعب الذي يخرج من الدور الأول على مبلغ 45 ألف جنيه إسترليني.
في إحصائية سابقة لجامعة فكتوريا الأسترالية العام الماضي، كشفت أن نسبة 1,8% فقط من اللاعبين حققوا مكاسب مالية، بينما الآخرون ينفقون ما يكسبون فقط، إضافة أن الجميع يتوجب عليه الدفع للمدرب والمعد البدني.
ويمتلك أصحاب التصنيف المتقدم مدخولاً آخر، على غرار الإعلانات والترويج، وهذا الأمر ينطبق على السيدات والرجال في الوقت عينه.