يورو 2024 بين الاستدامة ورفع الوعي: تحدّيات بيئية ومناخية

06 يونيو 2024
صورة لتميمة البطولة في سكك الحديد يوم 14 يونيو 2024 (كيريل كوردريافتسيف/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- يورو 2024 يسلط الضوء على التحديات البيئية في كرة القدم، مع تركيز يويفا والاتحاد الألماني لكرة القدم على جعلها البطولة الأوروبية الأكثر استدامة عبر تقليل الانبعاثات الكربونية وتشجيع النقل المستدام.
- الجهود تشمل خصومات لتذاكر القطار للمشجعين، تشجيع إعادة استخدام الأكواب البلاستيكية، وتقليل النفايات، مع تطبيق معايير الاستدامة في لوائح الترخيص للأندية.
- نقاد يرون أن هذه الجهود تتطلب إعادة التواصل مع قيم اللعب النظيف والاستدامة طويلة الأمد في ظل تجارية اللعبة المتزايدة، مع الإشارة إلى أندية مثل فرايبورغ التي بدأت بالفعل في تطبيق ممارسات مستدامة.

تغيّر تأثير كرة القدم على العالم بشكلٍ كبيرٍ في السنوات الأخيرة، لم يعُد الأمرُ مُقتصراً فقط على المباريات والمنافسة ومستقبل اللعبة بشكلٍ عام، إذ هناك العديد من التهديدات والتحدّيات الأخرى بعيداً عن المستطيل الأخضر، ولعلّ أبرزها تلك التي تؤثّر على المناخ والبيئة، ومنها ما هو متعلّق ببطولة يورو 2024 التي تنطلق يوم 14 يونيو/حزيران الجاري، وتستمرّ حتى 14 يوليو/تموز المقبل.

ويعمل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) على كبح التأثير المناخي لبطولة أمم أوروبا 2024 من خلال تمويل رحلات السكك الحديدية المدعومة للجماهير، والمبادرات لجعل مشهد كرة القدم في ألمانيا أكثر خُضرة، لكن النّقاد يقولون بحسب ما ذكر موقع "cleanenergywire" في شهر مارس/آذار الماضي، إنّه من أجل الاستدامة على المدى الطويل، فإن اللاعبين الكبار في كرة القدم التي باتت تتسم بالتجارية، عليهم إعادة التواصل مع قيّم اللعب النظيف في هذه الرياضة.

وباتت كرة القدم مُنتجاً تجارياً إلى أبعد الحدود، إذ تُساهم في رفع نسبة الكربون بشكلٍ ملحوظ عالمياً وفقاً للمصدر عينه، إن كان بسبب الملاعب المُتعطشة للطاقة أو حتى تدفئتها وتبريدها، كما أنّ العُشب الذي يبقى دائماً جاهزاً لاستقبال المباريات، يأتي على حساب صرف كمّيات هائلة من المياه، في حين تشهد البطولات قاطبة سفر الكثير من المشجعين لدعم فرقهم ومنتخباتهم، وهذه المنافسات عادةً تستمرُّ لبضعة أسابيع، مما يؤدي إلى إحداث تأثيرٍ كبيرٍ في ميزانية الكربون العالمية، وهو الذي يُعد أمراً مهماً في علوم وسياسات المناخ، التي تهدف إلى الإبقاء على الالتزام بأهداف محددة للاحتباس الحراري، وسط جهود حثيثة للحفاظ على احترار الكوكب عند مستوياتٍ آمنة.

وعلى غرار دول العالم، وعدت الهيئات الكروية بحسب المصدر عينه، بوضع سياساتٍ جديدة وترتيب أمورها الداخلية، فخلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قدّم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم استراتيجيّته البيئية والاجتماعية والإدارية، والتي بلغت 32 مليون يورو خلال بطولة يورو 2024، إلى جانب التنسيق والعمل مع الاتحاد الألماني، بهدف جعل هذه النسخة "البطولة الأوروبية الأكثر استدامةً على الإطلاق".

وحاولت ألمانيا منذ تقديم ملفّها لاستضافة يورو 2024 أن تُساهم في إقامة النسخة الأوروبية الكروية الأكثر استدامة، خاصة أنّ موقعها الجغرافي في قلب أوروبا يُساهم في ذلك، بعدما شهدت بطولة يورو 2020 التي جرى تأجيلها إلى عام 2021 بسبب وباء كورونا، والتي أقيمت في 11 دولة مختلفة، انتقاداتٍ واسعة النطاق بسبب السفر الكثيف والتأثير المناخي المرتبط بها.

وبحسب موقع "cleanenergywire"، من المتوقع أن يأتي حوالي 80% من الانبعاثات الكربونية بسبب وسائل النقل، رغم أن البطولة تقام في مدن ألمانية، إذ سيتوافد المشجعون من جميع أنحاء القارة وحتى من خارجها، مع العلم أن مجلس السياحة الوطني الألماني، يتوقع وصول سبعة ملايين زائر إلى مناطق المشجعين، ولذلك قرر الاتحاد الأوروبي تقديم خصم بنسبة 25% على تذاكر "Interrail" (بطاقة قطار متاحة للمواطنين والمقيمين الأوروبيين وتسمح لهم بالسفر غير المحدود على السكك الحديدية)، والهدف إغراء حاملي تذاكر يورو 2024، للابتعاد عن رحلات شركات الطيران، في حين وعدت شركة "Deutsche Bahn" للسكك الحديدية بتوفير عشر آلاف مقعد إضافي في يوم المباراة على قطارات "ICE" عالية السرعة، فيما سيتم تقييد مواقف السيارات بشكلٍ كبير. وكان الاتحاد الألماني قد طلب من المنتخبات المشاركة وضع خطط خاصة بها، بما في ذلك استخدام المركبات منخفضة الانبعاثات، وهذا ما دعت إليه منظمات بيئية غير حكومية مثل "Germanwatch" و"Transport & Environment"، حين طالبت منتخب الماكينات الألمانية، السفر بطريقة تُحافظ على الاستدامة خلال البطولة، حتى يكونوا قدوة جيدة للآخرين، وهذا بالفعل ما حصل مؤخراً، إذ يستخدم اللاعبون قطارات السكك الحديدية.

وكانت بطولة كأس العالم 2022 النسخة الأكثر استدامة تاريخياً، بعدما تركت إرثاً كبيراً على كافة المستويات، إذ جرى على سبيل المثال الالتزام بمراعاة جوانب الاستدامة وحماية البيئة، من خلال إعادة التدوير التي حققت نتائج مُبهرة، وأهمها على صعيد عدم تحويل أي من مخلّفات ملاعب البطولة إلى مدافن للنفايات، ناهيك عن عمليات تبريد الملاعب بطرق غير مضرّة واستخدام وسائل النقل العام بشكل كبير.

بعيدا عن الملاعب
التحديثات الحية

وتهدف بطولة يورو 2024 إلى جعل ألمانيا أكثر خضرة في هذه النسخة، أو على الأقل ترك مشاهدي كرة القدم أكثر وعياً فيما يخصّ القضايا المناخية، رغم أن الهدف لن يكون فقط تقليل معدلات ثاني أكسيد الكربون، ولكن أيضاً مجالات بيئية أخرى، على غرار حثّ الجماهير على إعادة أكواب المشروبات البلاستيكية الخاصة بهم، وعدم رميها في أماكن مختلفة إن كان في الطرقات أو الساحات وحتى الأنهر والبحيرات (الصورة لتجمعٍ للمشجعين خلال نهائي أبطال أوروبا بين ريال مدريد ودورتموند 2024، وتُظهر بالعين المجردة كمّية النفايات في الأرض)، وكلّ هذه الجهود المبذولة تسعى لتغيير العادات، وتعزيز الوعي المُناخي لدى مشجعي الرياضة الشعبية الأولى عالمياً.

وكانت رابطة كرة القدم الألمانية، قد أعلنت في عام 2021 أن دوري الدرجة الأولى والثانية سيكونان أول بطولة تُدرج معايير الاستدامة الإلزامية في لوائح الترخيص الخاصة بها، لكن العديد من الفرق لم تستوفي الشروط المطلوبة، والتي تشمل استخدام الطاقة واستهلاك المياه والأسمدة، في حين أن نادي فرايبورغ مثلاً يُغطي جميع احتياجات الطاقة في ملعبه من خلال ألواح الطاقة الشمسية الضخمة.

المساهمون