قالها يورغن كلوب: "سأترك النادي في نهاية الموسم، أستطيع أن أفهم أنها صدمة لكثير من الناس في هذه اللحظة، لكنني مقتنع بأنه قرار يجب أن أتخذه. أنا بخير تماماً الآن، لكنني أعلم أنني لا أستطيع القيام بهذه المهمة مراراً وتكراراً. استنفدت طاقتي"، بهذه الكلمات ختم المدرب الألماني لنادي ليفربول الإنكليزي مؤتمره الصحافي الأخير الذي أعلن فيه رحيله عن النادي نهاية الموسم بعد 9 سنوات قضاها في أحد أعرق الأندية الإنكليزية وأكبرها، مؤكداً أنه لن يدرب أيّ نادٍ إنكليزي آخر، حتى وإن لم يكن لديه ما يأكله.
وأضاف كلوب أنه لن يدرب أي فريق الموسم المقبل، في إشارة إلى أنه سيقضي سنة بيضاء بعد أن "استنفد طاقته" على حد تعبيره، يهتم فيها بنفسه وأسرته، ويُعيد ترتيب أوراقه، بل خوض تجربة أخرى، لم تتضح معالمها تكون خارج إنكلترا، لن تكون بالضرورة مع فريق ألماني أو أوروبي كبير، بل مع منتخب يمنحه الوقت للاستمتاع بحياته العائلية التي ضاعت وسط زحمة التدريبات اليومية، والمباريات الأسبوعية، والضغوط الإعلامية، والجماهيرية.
بعض الملاحظين ثمّنوا قراره واعتبروه منسجماً مع نهاية مرحلة في نادي ليفربول بدأت معالمه تقترب منذ الموسم الماضي عندما فشل الفريق في احتلال مركز يسمح له بالمشاركة في دوري أبطال أوروبا، ورحل عنه ساديو ماني وفيرمينو، وجرودان هندرسون وجيمس ميلنر، ومع اقتراب رحيل محمد صلاح عن النادي، ما يقتضي رحيل المدرب بغضّ النظر عن نتائجه، ومدى قدرته على مواكبة التحولات وإعادة صناعة فريق تنافسي جديد بجيل جديد يحتل اليوم ريادة الترتيب، وأيضاً تراجع قدرة المنافسة على لقب الدوري الأوروبي، وبلوغ نهائي كأس الرابطة الإنكليزية المحترفة، وهي كلها تحديات لم تعد حاضرة الآن، وبالتالي لن يكون هناك ضغوط نفسية ولا جماهيرية وإعلامية بعد إعلانه الرحيل، الذي شكّل صدمة كبيرة لجماهير النادي التي وقفت إلى جانبه وساندته في كل الظروف.
البعض الآخر ممن ثمّنوا القرار، تحفظوا على توقيت إعلانه، خصوصاً أن فريقه يحتل ريادة الترتيب وينافس على لقب الدوري، ما قد يؤثر بمعنويات لاعبيه ويفقدهم تركيزهم، وينعكس سلباً على مردودهم ونتائجهم، ويضيع على الفريق لقب في المتناول، بينما اعتبره البعض الآخر محفزاً للاعبين حتى يلعبوا ويبذلوا جهداً إضافياً من أجل مدربهم الذي ينافس على 4 بطولات هذا الموسم.
والأمر الآن يسمح لإدارة النادي بالبحث عن البديل، ويرسخ ثقافة متجذرة عند الألمان الذين كانوا يعلنون دوماً أسماء مدربيهم الجدد أشهراً قبل انتهاء عقود السابقين، حتى يواصل من يرحل مهامه بأريحية، ويجهز البديل نفسه لتسلّم المشعل والاستمرار في التخطيط وتحديد الأهداف.
"استنفدت طاقتي وأشعر بالراحة اليوم بعد توصلي إلى هذا القرار"، هي كلمات قالها كلوب، وبدت غامضة للبعض، لكنها معبّرة عن قرب نهاية الشغف مع فريق فاز معه في كأس العالم للأندية ودوري الأبطال، والدوري الإنكليزي وكأس الاتحاد وكأس الرابطة.
أما الرئيس التنفيذي لليفربول، فقد عبّر عن تفاجئه وحزنه، وفي الوقت نفسه تفهمه لقرار كلوب الذي سيترك النادي في مكان أفضل مما وجده عليه عام 2015. أما جماهير النادي، فكانت صدمتها أكبر من قرار غير متوقع، لكن كان يجب أن يحدث يوماً ما مثلما حدث مع غيره من المدربين واللاعبين، طال الزمن أو قصر، وهي سنّة الحياة، وسنّة كرة القدم التي تكون أحياناً بحاجة إلى نفَس جديد، حتى ولو كان النفَس القديم فريداً من نوعه.
سيرحل كلوب نهاية الموسم، لكن ليفربول باقٍ، ومن كان يشجع كلوب فليرحل معه، أما من يُشجع فريق ليفربول، فهو باقٍ، ولن يتركه عشاقه يسير وحده كما تقول كلمات شعاره الأبدي الذي لا يتغير بتغير الأسماء والأزمنة.