قبل بداية الموسم الكروي كان الرهان حول ليفربول والسيتي والبارسا والريال واليوفي للمنافسة على دوري الأبطال، لكن بعد فترة التوقف بسبب جائحة كورونا والاستئناف المبكر للدوري الألماني راح الكثير يراهن على البايرن كمرشح أساسي، ليزداد الرهان أكثر بعد الأداء الخرافي أمام البرسا في ربع النهائي، في وقت لم يراهن أحد على النوادي الفرنسية خاصة بعد قرار السلطات بإيقاف الدوري في شهر مارس/آذار لنجد أنفسنا أمام مفارقة عجيبة في النهائي يصعب تفسيرها بوصول فريق من دوري توقف بداية مارس وفريق آخر من دوري استؤنف مبكرا قبل كل الدوريات وانتهى شهرا ونصف شهر قبل عودة مسابقة دوري الأبطال، وهو سيناريو لم يكن يراهن عليه أحد ولو في المنام في وجود اليوفي والسيتي والريال والبرسا في الدور الثاني.
البعض كان يعتقد بأن الـ"بي أس جي" وليون سيخرجان مبكرا بسبب نقص المنافسة حيث لم يلعبا سوى مباراتين رسميتين وحوالي ست مباريات ودية تحضيرية، والبعض الآخر كان يعتقد بأن انتهاء الدوري الألماني مبكرا، قبل شهر ونصف الشهر من عودة مسابقة دوري الأبطال سيدخل البايرن في دوامة نقص المنافسة وينعكس عليه بالسلب في مواجهة البرسا في ربع النهائي، لكن الــ"بي أس جي" وصل إلى النهائي عكس كل التوقعات، وليون أطاح اليوفي والسيتي باستحقاق، والبايرن أدخل البرسا في أزمة غير مسبوقة بعد الفوز عليه بالثمانية في مباراة تاريخية ثم إطاحة ليون بالثلاثة، ليكون المرشح رقم واحد للتتويج للمرة السادسة باللقب في موسم حقق فيه الفوز في كل مبارياته العشر في دوري الأبطال لهذا الموسم.
لو توج الفريق الباريسي سيكون إنجازا كبيرا في الذكرى الخمسين لتأسيس النادي يحقق فيه ما عجزت عنه فرق تفوق أعمارهم المائة عام، ليكون الإنجاز استثنائيا في موسم استثنائي
يبدو أن خصوصية مسابقة هذا الموسم بصيغتها الفريدة من نوعها كان لها تأثير كبير على نتائج المسابقة من خلال إجراء مباراة واحدة في كل دور على أرض محايدة بدون جمهور في شهر أغسطس/آب، وفي ظرف زمني قصير كانت فيه الغلبة لصاحب الصلابة الدفاعية والذهنية و اللياقة البدنية القوية ولصاحب الخيار التكتيكي اللازم، إضافة إلى البراعة الفردية التي صنعت الفارق دون الحاجة إلى الاستحواذ والسيطرة ولا لخلق أكبر فرص للتهديف مثلما فعل ليون والـ"بي أس جي"، امتدادا لما فعله منتخب فرنسا في نهائيات كأس العالم في روسيا عندما توج باللقب العالمي دون أن يكون الأحسن فنيا، ودون أن يكون من بين المرشحين للفوز، لكنه كان في المستوى تكتيكيا وبدنيا وذهنيا مقارنة بمنتخبات أخرى.
يوم الأحد في لشبونة سينسى الجميع المعطيات الاستثنائية التي أدت إلى وصول البايرن والـ"بي أس جي" إلى النهائي، ويركز المتابعون على المردود الذي يقدمه الفريقان في ذات اليوم حيث ستكون الغلبة للأفضل في المباراة وليس للأكثر تتويجا عبر التاريخ، أو حتى لمن يملك أفضل اللاعبين لأن البايرن في هذه الحالة هو الأحسن والأقوى والمرشح الأول خاصة عندما نتذكر تلك الشراسة وذلك الريتم الذي لعب به أمام البارسا، لكن هل بإمكانه تكرار نفس سيناريو مباراة البرسا؟ هل تتشابه المباريات؟ هل يضيع الباريسي الفرصة التي ينتظرها منذ 2011 موعد استحواذ قطر للاستثمار على النادي الباريسي الذي توج معه باللقب المحلي سبع مرات، وبكأس فرنسا خمس مرات إضافة إلى كأس الرابطة ست مرات، في ظرف تسعة أعوام ليصل إلى مشارف تحقيق الحلم الذي قادهم إلى باريس.
لو توج البايرن سيكون الأمر عاديا، بل منطقيا لفريق يملك ثقافة وتقاليد وعراقة ورصيد وتشكيلة قوية جدا يحقق بها الثلاثية للمرة الثانية بعد تلك التي حققها سنة 2013، أما لو سقط وتوج البي أس جي فسيكون مفاجئة كبيرة، لكنها أيضا تحصيل حاصل لمردود جيد ظهر به هذا الموسم ولمجهودات وتجارب ومحاولات سابقة كان يصل فيها لربع النهائي قبل أن يسقط فيها الريمونتادا أمام البرسا سنة 2017 ويسقط على ميدانه أمام المان يونايتد الموسم الماضي في سيناريو غريب بعد فوزه في الذهاب. كل شيء بالنسبة للبي أس جي لو خسر النهائي سيتوقف على كيفية الخسارة لأن فرق كبيرة قبله لم تحقق اللقب من أول محاولة، حتى أن ليفربول يورغن كلوب انتظر أربعة مواسم قبل أن يتوج سنة 2019، وتشلسي أنفق واستثمر الكثير قبل تتويجه الوحيد سنة 2012، وحتى البايرن خسر نهائيين في 2010 و2012 قبل أن يحقق الخامسة عام 2013.
إذا توج الفريق الباريسي سيكون إنجازا كبيرا في الذكرى الخمسين لتأسيس النادي يحقق فيه ما عجزت عنه فرق تفوق أعمارها المائة عام، ليكون الإنجاز استثنائيا في موسم استثنائي كان يهدف فيه إلى الوصول للنهائي وها هو يلعب من أجل التتويج باللقب والاستثمار في فرصة قد لا تتكرر قريبا للارتقاء إلى مصاف الكبار لأن وباء كورونا قد يختفي عندما يحين موعد النسخة القادمة التي تعود فيها صيغة المسابقة إلى ما كانت عليه سابقا، ويعود كل فريق إلى موقعه السابق في سلم الكبار.
البايرن باريس سان جيرمان... هو النهائي الذي لم يراهن عليه أحد قبل بداية الموسم، وحتى بعد كورونا لم يكن يتوقعه الكثير، ليصبح حقيقة في انتظار حقيقة الميدان التي ستفصل ليلة الأحد في هوية البطل بين نيمار و ليفاندوفسكي من أجل السادسة أو الأولى في التاريخ.