نثني على سيتي أم ننتقد ريال؟

20 مايو 2023
يُقدم مانشستر سيتي أفضل كرة قدم في السنوات الأخيرة (أليكس ليفيزي/Getty)
+ الخط -

أجمعت التعليقات الفنية على اعتبار ما حدث في نصف نهائي دوري الأبطال بين مانشستر سيتي وريال مدريد بمثابة حدث استثنائي، يستدعي الوقوف عند خصوصياته وتداعياته على الفريقين وعلى توجهات الكرة الحديثة التي يؤسس لها بيب غوارديولا منذ سنوات، فلقيَ الثناء الكبير على المستوى الذي بلغه فريقه.

في المقابل، تعرض كارلو أنشيلوتي لانتقادات كبيرة على خياراته الفنية والوجه التعيس الذي ظهر به الريال، خاصة في الشوط الأول، وتعرض بالمناسبة رئيس النادي فلورنتينو بيريز لانتقادات أخرى بسبب عدم إنفاقه مزيداً من الأموال على فريق بلغت مداخيله أرقاما قياسية في السنوات الماضية، في حين اعتبر البعض الآخر أن ما حدث هو أمر عادي وطبيعي لا يحمل من الاستثناء شيئاً، ما دام سيتي أقوى فريق أوروبي في الوقت الحالي، ولا يصمد أمامه سوى القليل.

واعتبر البعض خروج ريال مدريد من الدور نصف النهائي عادياً وطبيعياً لفريق لعب أكثر من 50 مباراة هذا الموسم على جبهات عديدة، فاز فيه بكأس السوبر الأوروبي وكأس الملك وكأس العالم للأندية، لكن الخسارة بالأربعة كانت ثقيلة لا تليق بحامل اللقب، وبمدرب يحمل أكبر عدد من التتويجات بدوري الأبطال، لم يصر على تعاقدات نوعية في بداية الموسم، ما اضطره إلى تدوير بعض اللاعبين على مختلف المواقع لتعويض نقص البدائل.

فالمدرب استعمل كامافينغا ظهيراً تارة ووسطَ ميدان تارة أخرى، واستعمل فالفيردي لاعبً خط وسط تارةً ولاعبَ رواق تارةً أخرى، لكنه لم يجد الحلول أمام ماكينة مانشستر سيتي، وبقي عاجزاً عن الرد خلال الشوط الثاني، الذي تلقى فيه هدفين آخرين عندما حاول الخروج.

وتجاوز البعض الآخر من المحللين الحديث عن نقائص رياض مدريد وعجز أنشيلوتي عن إيجاد الحلول، وركز على قوة سيتي والريتم العالي الذي فرضه في الشوط الأول، بنمط لعب حديث يعتمد على جناحين يصنعان الفارق في صورة برناردو سيلفا وجاك غريليش، ومدافع يتحول إلى وسط ميدان إضافي عند الاستحواذ لمرافقة رودري وغوندوغان ودي بروين.

ويتحول بسرعة إلى منصبه للقيام بواجبه الدفاعي بمجرد تضييع الكرة، في فريق شرس عند استرجاع الكرة الضائعة، وقوي في الاستحواذ والبناء والضغط العالي الذي مكنه من تسجيل 4 أهداف من دون أن يكون لمهاجمه هالاند نصيب فيها وهو صاحب 52 هدفاً في جميع المسابقات هذا الموسم، من دون أن ننسى نوعية اللاعبين التي يتوفر عليها كرسي احتياط الفريق.

فوز مانشستر سيتي لا يحتاج إلى تفسيرات وتبريرات كثيرة، لأنه تحصيل حاصل لمستوى فريق قادر على دهس كل منافسيه عندما يتخلى غوارديولا عن فلسفته الزائدة، أما خسارة الريال فلم تكن أبداً لأسباب ذاتية تتعلق بخيارات المدرب أو مستوى ومردود اللاعبين الذين فازوا بثلاثة كؤوس هذا الموسم، لكن سببها سيتي وغوارديولا وبرناردو سيلفا ومنظومة لعب تصعب مواجهتها حالياً.

 لكن هذا لا يعني أنه هذه المنظومة لا تقهر ولا تخسر ولا تتعثر، خصوصاً في النهائي أمام فريق إيطالي بامكانه الفوز حتى ولو كانت كل المعطيات ترشح مانشستر سيتي لذلك، خاصة إذا تمكن من اللعب على قدراته الدفاعية القوية والاستثمار في أدنى الفرص التي تتاح للثنائي دزيكو - لاوتارو مارتينيز، ما يعني أن وصفة مواجهة سيتي والحد من قوته يمكن أن يجدها إنتر ميلان أو غيره.

الثناء على ما فعله مانشستر سيتي أمام ريال مدريد فيه تقدير للكرة الجميلة، وتنبيه لبقية الأندية والمدربين بأن الكرة الحديثة تتطلب توفر المال والوقت واللاعبين المتميزين فنياً وبدنياً، والمدرب الملائم صاحب الخيارات الفنية والتكتيكية اللازمة لبناء فريق مبدع وممتع ورائع مثل سيتي. 

المساهمون