تقع مدينة روزاريو، مسقط رأس ليونيل ميسي، في مقاطعة سانتا في، وهي منطقة خرج منها العديد من لاعبي كرة القدم. على سبيل المثال، نشأ غابرييل باتيستوتا وخيراردو مارتينو وأنخيل دي ماريا وخافيير ماسكيرانو، هي مدينة تعيش وتتنفس عشق وحبّ كرة القدم، بسبب التنافس الكبير بين الناديين الغريمين نيولز أولد بويز وروزاريو سنترال.
من هناك جاء ليونيل ميسي، الذي يُعتبر بالنسبة للكثيرين أعظم نجم كرة قدم في العالم، نشأ في حي لا باغادا، جنوب شرق المدينة، وهو مكان حيث لا يزال يعيش الناس بمنازل غير مكتملة أو شبه مطلية، هو حيّ للعمال، ويسمى أيضاً بـ"لاس هيراس".
كانت بداية ليو في عالم كرة القدم من خلال جدته لأمه، التي طلبت منه بعد ظهر أحد أيام عام 1992، عندما كان في الخامسة من عمره، مرافقة شقيقيه، ماتياس ورودريغو، إلى نادي غراندولي، كان هناك المدرب سلفادور أباريسيو، الذي لم يكن يعلم أنّه سيُشرف على أول مباراة للطفل العبقري.
وضعه على الرواق الأيمن، بحيث يكون قريباً من والدته على المدرجات. على أي حال لعب ميسي أول مباراة بناءً على طلب جدته، لأن والدته كانت تخشى عليه من لعب كرة القدم. وليو قال عن ذلك لاحقاً: "لولا جدتي، لكنت بدأت في سنٍ متأخر بعد ذلك بكثير"، لكن بطبيعة الحال منذ البداية فوجئ أباريسيو بالطفل الصغير "بدا كأنّه لعب كرة القدم طوال حياته".
توفيت جدّة ليو في عام 1998، لكن ليو احتفظ بعادة النظر إلى السماء في كلّ احتفال بالأهداف لسنواتٍ عديدة، تخليداً لذكراها، وهو الذي سرعان ما وقع في حبّ الكرة في غراندولي ثم في نيويلز، فتميز في المباريات التي لعبها حتى بدأت جميع الأندية تتحدث عنه، كان لديه خصائص لا تصدق، تألق في سن التاسعة في بطولة أقيمت في بيرو، بالإضافة إلى أهدافه المفاجئة، لكن رغم كلّ الاهتمام بقي في بيت العائلة، قريباً من المنزل الذي ولد فيه.
كان ميسي يركل الكرة في الشارع مع أشقائه، ركلوها في الحواري وبين المجاري، كان يسجل الأهداف على مرمى مصنوع من الحجارة والصناديق الخشبية، لقد حاول دائماً تطوير شغفه التنافسي، لم يكن يحب أن يخسر أبداً، كان يبكي إذا خسر مباراة واحدة.
كطالب في المدرسة رقم 66 بحي لاس هيراس، كان ذلك الطفل كثير الخجل، أدلت مدرسته الأولى، مونيكا دومينا، بشهادة مثيرة: "ذات يوم فتحت التلفزيون ورأيت أنهم يجرون مقابلة معه. سأله الصحافي عما إذا كان يتذكر معلمه الأول، قال، نعم مونيكا دومينا، لم أصدق أنه يتذكرني. يترك المعلمون آثراً في الأشخاص، لكن ميسي كان يتذكرني، كان ذلك مذهلاً. آخر اتصال كان لي معه في سن التاسعة".
أما أندريا سوزا، الذي كان معلمه قبل انتقال ليو إلى برشلونة، يقول عن طفولة ليو: "لقد كان طالباً هادئاً: في فترة الاستراحة كان زملاؤه في الفصل يبحثون عنه ليلعب كرة القدم. كان يلعب دائماً في الملعب، كطالب كان يواظب على علمه وواجباته المدرسة، وكانت والدته منتبهة جداً لهذا الجانب، لقد فعل ما يكفي لتحقيق أهدافه، اعتقدنا أنه سيصبح لاعب كرة قدم جيداً، وليس نجماً إلى هذا الحدّ".
المعلم الذي كان يشرف عليه قال له في إحدى المناسبات بعدما كان ليو يريد متابعة الكرة إثر انتهاء الاستراحة: "هل تعتقد أنك ستكون مارادونا؟ جئت للدراسة". في عام 2005، وبعد فوزه بلقب كأس العالم تحت 20 عاماً في هولندا، فاجأ ليو الطلاب في المدرسة وتنقّل من غرفة لأخرى ليلقي عليهم التحية، في تلك المدرسة هناك جداريات عملاقة لليونيل، بالنسبة لهم هناك مثال باقٍ أبد الدهر.