ميسي في ميامي والصدمة في برشلونة والرياض

10 يونيو 2023
سيبدأ ميسي رحلة احترافية جديدة في الدوري الأميركي (تيم كلايتون/Getty)
+ الخط -

بعد أن كانت كل التوقعات تشير إلى عودته إلى فريق القلب برشلونة أو انتقاله إلى الهلال السعودي الذي عرض عليه جسراً من ذهب؛ حسم، ليونيل ميسي مستقبله الكروي بالإعلان عن انتقاله إلى فريق إنتر ميامي الأميركي لمدة 3 مواسم مقابل راتب لا يتجاوز 55 مليون دولار، في مفاجأة كانت مستبعدة بالنسبة لجماهير بطل العالم التي كانت تتمنى استمراره في أوروبا على الأقل.

وتركت هذه الصفقة انعكاسات وردود فعل متباينة، وخلّفت تداعيات مادية وفنية سلبية على النادي "الباريسي" والدوري الفرنسي، وبرشلونة والليغا الإسبانية، وأخرى إيجابية على الدوري الأميركي وفريق تأسس قبل 5 سنوات فقط، ارتفع فيه عدد المتابعين لحسابه على "إنستغرام" ثلاثة ملايين متابع في ظرف 12 ساعة، وارتفعت فيه أسعار تذاكر حضور مباريات بأكثر من 1000%، في انتظار تداعيات أخرى.

أول الخاسرين في صفقة ميسي هو الفريق الفرنسي باريس سان جيرمان الذي فقد أكثر من مليوني متابع على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي، التي بلغ عددها عند انضمامه إلى النادي أكثر من 25 مليون متابع، وخسر الملايين من أموال الإشهار والتسويق وعمليات بيع الأقمصة التي فاقت مليون قميص في السنة، ما خلّف خسائر مادية ضخمة، إضافة إلى الخسارة الفنية للاعب لا يزال بإمكانه تقديم الكثير لأي فريق في أوروبا.

لكن يبدو أن تجربته الفرنسية كانت فاشلة فنياً، ودفعت جماهير النادي الباريسي للتصفير عليه أثناء مباريات نهاية الموسم، والمطالبة برحيله بعد الخروج في ثمن نهائي دوري الأبطال، وكانت أيضاً فاشلة أسرياً لأن أفراد عائلته لم يتأقلموا مع أجواء الحياة الباريسية.

وبرشلونة كان ثاني الخاسرين من رحيل ميسي إلى أميركا، سواء تعلق الأمر بميسي اللاعب أو ميسي العلامة التجارية المسجلة، في ظرف يعاني فيه الفريق من صعوبات اقتصادية كبيرة، كان يمكن تخفيف وطأتها لو عاد الأرجنتيني إلى فريق برشلونة، خاصة أن رغبته في العودة كانت كبيرة، ورغبة الرئيس والمدرب والجماهير كانت أكبر للعودة الى الواجهة الأوروبية بدلاً من الانتقال إلى السعودية لمواصلة الصراع مع رونالدو بعد أن حسمه لصالحه منذ تتويجه بكأس العالم مع الأرجنتين، والعيش في محيط يصعب التأقلم معه، تحت ضغوطات من نوع آخر لم يعد باستطاعته تحملها رفقة أسرته الصغيرة التي يبدو أن خيارها كان حاسماً خاصة أن العرض المالي السعودي لا يقاوم.

وكان فريق الهلال السعودي في نظر البعض ثالث الخاسرين رغم الأموال الكبيرة والمزايا الكثيرة التي عرضها على النجم الأرجنتيني، لكن المفاوضين فشلوا في إقناعه بمشروع دوري "روشن" السعودي، مثل ما فعل ديفيد بيكهام الذي يملك ثلث أسهم الفريق الأميركي، وتربطه بميسي علاقات وطيدة صنعت الفارق وحسمت الصفقة، في وقت يعتقد الكثير من الملاحظين أن السعودية لم تخسر الصفقة، إذ ستستفيد من فشلها من خلال توفير 500 مليون دولار سنوياً للتعاقد مع عدد من النجوم الآخرين الذين بإمكانهم تقديم إضافة كبيرة للعديد من الأندية السعودية، والمساهمة في إنجاح مشروع رؤية السعودية 2030، الذي يشكل فيه استقطاب النجوم واحدا من أهم ركائزه رغم تكلفته الباهظة.

أما ميسي فيبدو أنه انتصر لنفسه وعائلته وتخلص من وجع رأس، مفضلاً الحياة الأسرية المريحة على ضغوطات البرسا وأموال الهلال، وفضل مشروعا اقتصاديا تسويقيا على المشروع الكروي، خاصة أن عقده مع فريق إنتر ميامي يسمح له بالحصول على نسبة من أسهم النادي، ونسبة أخرى من مداخيل بيع الأقمصة وحقوق بث مباريات الدوري، وعقود كل الرعاة الرسميين.

كما أنه خضع لضغوطات أفراد أسرته الذين يرغبون في الاستمتاع بحياتهم في عالم آخر بعيدا عن الضغوطات الجماهيرية والإعلامية التي عاشوها في برشلونة وباريس، في حين يبقى المستفيد الأكبر هو فريق إنتر ميامي والدوري الأميركي من كل الجوانب المادية والفنية والإعلامية والجماهيرية، خصوصاً أن الأمر لا يتعلق بمجرد صفقة كروية بين لاعب وفريق، بل أكثر بكثير من ذلك، لأن الأمر يتعلق بعلاقة بين أحد أساطير كرة القدم العالمية، وأقوى بلد في العالم، بغض النظر عن اسم النادي ومستوى وشعبية الدوري الأميركي.

المساهمون