حقق منتخب تونس، انتصاراً تاريخياً في بطولة العالم للشباب ضد العراق (3 مقابل لا شيء)، وانتظر سنوات طويلة من أجل تحقيق فوز في مونديال أقل من 20 سنة، وذلك في المشاركة الثالثة في رصيده، كما أنه بات على أعتاب التأهل إلى الدور الثاني، للمرة الأولى في مسابقة عالمية كبرى منذ عام 2007.
ويبدو أن الأراضي الأرجنتينية، ستشهد حدثاً ثانياً مميزاً في تاريخ كرة القدم التونسية بإنهاء عقدة الفشل في التأهل إلى الدور الثاني في المسابقات العالمية، حيث بات النسور قريبين من حجز تذكرة العبور إلى الدور القادم، وذلك بعدما حققوا أول انتصار عربي وأفريقي في المونديال عام 1978 بفضل منتخب "نسور قرطاج" الذين تغلبوا على منتخب المكسيك بنتيجة (3 - 1)، ثم انتظر التونسيون 40 سنة لتحقيق انتصار ثان، وذلك في مونديال روسيا 2018.
وكان الفوز على منتخب العراق صعباً ومثيراً في الآن نفسه، ذلك أن منتخب تونس اختار مجدداً أن يعتمد تكتيكاً مختلفاً عن المباريات السابقة، وتخلى عن اللعب بثلاثة لاعبين في محور الدفاع، واستغل حسن استعداد الحارس إدريس العرفاوي، لتفادي قبول أهداف في مرحلة أولى، ثم نجح في هز شباك "أسود الرافدين" في ثلاث مناسبات، ليتلقى منافسه صدمة قوية وغير متوقعة، خاصة أن منتخب تونس يُعاني هجومياً منذ بطولة أفريقيا الأخيرة، التي لم يسجل خلالها الكثير من الأهداف، كما أنه هُزم منذ فترة قصيرة أمام منتخب العراق ودياً، ولهذا كان الانتصار مفاجئاً، إضافة إلى أن فارق الأهداف كان مهماً، حيث انتهت المواجهة بنتيجة 3ـ0، والتي تعطي تونس أسبقية.
وشرع في الإعداد للمواجهة القوية التي ستضعه أمام منتخب أوروغواي، وخلالها سيكون الدفاع التونسي في اختبار قوي في مواجهة منتخب سجل 6 أهداف في مباراتين، ورغم أنه هزم 3ـ2 أمام إنكلترا في الجولة الثانية، فإنه يبقى منافساً قوياً للحصول على صدارة المجموعة، وبالتالي سيحاول التعويض أمام المنتخب التونسي.
كما أن فوز أوروغواي على العراق بنتيجة 4ـ0 يدفع مدرب تونس، منتصر الوحيشي، إلى الحذر الشديد حتى يتفادى مصيراً مشابهاً، باعتبار أن منتخب تونس نجح في كسب التحدي دفاعياً، بفضل حسن استعداد حارسه في المقام الأول، حيث كان المرمى التونسي عرضة لهجمات عديدة من قبل المنتخب الإنكليزي، وذلك في مواجهة العراق، لكن الحظ كان إلى جانب التونسيين خلال الشوط الأول وبداية الفترة الثانية.
وسيُحاول منتخب تونس، تكذيب التوقعات المسبقة، إذ لم يكن مرشحاً للتأهل إلى الدور الثاني، خاصة أن المجموعة الخامسة ضمّت أفضل المنتخبات بما أن إنكلترا تملك جيلاً مميزاً وتوج بكأس أوروبا، كما أن منتخب أوروغواي كان وصيفاً لبطل أميركا اللاتينية، وكذلك منتخب العراق.
ويوجد منتخب تونس أمام العديد من الخيارات، منها التأهل ضمن قائمة أفضل المنتخبات التي تحل في المركز الثالث، ولتحقيق هذه المهمة عليه أن يتفادى الخسارة في المواجهة الثالثة، بما يضمن له التأهل، كما أن النجاح الدفاعي أمام أوروغواي من شأنه أن يضمن للتونسيين التأهل، خاصة أن تسجيل 3 أهداف في مرمى العراق كان حاسماً، ويعطيه أفضلية في حال التساوي في النقاط مع منتخبات أخرى.
ويبدو من الصعب أن يحصل المنتخب التونسي على صدارة المجموعة الخامسة التي حجزها منتخب إنكلترا بعد انتصارين توالياً، ولكن التأهل في المركز الثاني سيكون أفضل لتفادي اللعب أمام منتخبات قوية في الدور القادم وهو الرهان الثاني الذي ينتظر "نسور قرطاج"، بعد أن شهد دفاعهم تحسناً كبيراً، إذ يملكون أفضل خط دفاع في مجموعتهم، رغم الخسارة في اللقاء الأول أمام منتخب إنكلترا 1ـ0.
كما يُواجه منتخب العراق مهمة صعبة بدوره عندما يلعب أمام منتخب إنكلترا الذي حصد العلامة الكاملة، وكان أول المتأهلين إلى الدور القادم، وسيُحاول العراقيون خلال هذه المواجهة تفادي هزيمة ثالثة ستكون صادمة قياساً بحجم الطموحات، قبل مشاركتهم في البطولة، بما أنهم كانوا مرشحين لتقديم مستويات جيدة، بفضل نتائجهم في بطولة آسيا، وكذلك نظراً لقوة التحضيرات التي قاموا بها، وماضيهم في البطولة، ولكنهم إلى حدّ الآن تعرضوا إلى صدمة قوية، بعد أن اهتزت شباكهم في 7 مناسبات دون أن ينجحوا في التسجيل.
وأهدر نجوم المنتخب العديد من الفرص التي كانت تبدو سهلة، لا سيما في مواجهة تونس، والمهمة تبدو أصعب أمام منتخب إنكليزي متحفز لا يريد أن يترك الفرصة لأي منتخب من أجل تقاسم النقاط معه، وأظهر أنه الأفضل بدنياً قياساً بكل المنتخبات التي واجهها في البطولة.
وهذا التفوق الإنكليزي، سيدفع العراقيين إلى مضاعفة المجهود من أجل تفادي خسارة ثالثة ستزيد من حدّة الصدمة التي تلقتها الجماهير العراقية، التي لم تكن تتوقع أن ينهار منتخبها سريعاً، ويفقد آمال التأهل سريعاً، خاصة أن سجله في البطولة قبل هذه المشاركة، يُعتبر ممتازاً وهو ما سيحفز العراقيين من أجل الدفاع عن فرصهم في الحصول على 3 نقاط، وهو أمر ممكن في حال حضر التركيز في إنهاء الهجومات، واستغلال غياب الحافز المعنوي لدى منافسهم بعد ضمانه التأهل.