استأثرت أفغانستان بأنظار العالم خلال الأيام الأخيرة، وتحديدا منذ دخول حركة "طالبان" إلى العاصمة كابول إثر سيطرتها على معظم مناطق البلادن بينما تتواصل عمليات الإجلاء من مطار كابول.
ومع عودة "طالبان"، تشغل الوسط الرياضي الأفغاني أسئلة كثيرة بشأن مستقبل الرياضة، بما في ذلك كرة القدم، مستحضرا معاناة القطاع عندما كانت أفغانستان تحت سيطرة الحركة بين عامي 1996 و2001.
لمحة تاريخية
تأسس اتحاد أفغانستان لكرة القدم عام 1922، وانتسب إلى فيفا عام 1948، وكان أحد الأعضاء المؤسسين للاتحاد الآسيوي لكرة القدم في عام 1954.
تأسس أول نادٍ لكرة القدم في البلاد (فريق المحمودية)، في عام 1934، بعد 3 سنوات سافر الفريق إلى الهند وشارك في 18 مباراة، فاز في 8 منها وخسر في 9 وتعادل في واحدة.
شارك منتخب أفغانستان في دورة الألعاب الأولمبية عام 1948 عندما لعب ضد لوكسمبورغ وخسر بنتيجة 6-0، ثم لم تلعب أفغانستان أي مباراة دولية من الفترة الممتدة من 1984 حتى 2002، بسبب الغزو السوفييتي ثم الحرب الأهلية وسيطرة "طالبان" على الحكم.
صحيفة "ماركا" الإسبانية وصلت إلى أحد اللاعبين الأفغان المقيمين في العاصمة كابول، ووسط الحالة الضبابية عن خطط "طالبان" التي لم تكن تجيز النشاط الرياضي في السابق، قد يكون هذه المرة الحال مختلفاً نظراً للحديث عن أن الحركة تبدو أقل تشدداً مما كانت عليه في التسعينيات.
وتحدث لاعب أفغاني واصفاً الوضع حاليا: "أعتقد أننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو السلام، الآن في مدينتي كلّ شيء على ما يرام تحت سيطرة طالبان، ولا عقبات في طريق الحياة الطبيعية حتى الآن"، لكنه أعرب عن قلقه مما يمكن أن تفعله الحركة فيما يتعلّق بالرياضة في البلاد.
ومضى قائلا: "آمل ألا تتدخل حركة "طالبان" في شؤون الاتحاد الأفغاني لكرة القدم، لأن ذلك سيعني عقوبة من الفيفا ونحن لا نريد ذلك". ومعروف أن التدخل السياسي بالاتحاد المحلي للعبة يؤدي إلى عقوبات بالإيقاف على المنتخب الأفغاني، على مبدأ فصل السلطات والمنظمات الحكومية عن اتحاد كرة القدم.
ويرى اللاعب نفسه أن كلّ شيء يبدو جيداً في أفغانستان الآن على الرغم من الاضطرابات الأخيرة، لكنه استدرك قائلا: "أنا وعائلتي نريد فقط أن نعيش في مكانٍ مسالم وهادئ، للأسف لا يمكننا العثور عليه إلا في الخارج".
وتابع اللاعب ذاته: "لا يمكن لأحد أن يعدنا بهذه الشروط البسيطة، أنا لا أريد سيارة ليموزين، لدي زوجة وقبل 15 يوماً رزقت بابنتي ومستقبلها الأهم بالنسبة لي".
ومضى قائلا: "الحقيقة أن كلّ شيء هادئ والحياة مستمرة في الوقت الحالي، لكن مشاعرنا ليست جيدة وهناك خوف دائم، الأسبوع الماضي لم يخرج أحد إلى الشارع، لكن الناس سيستأنفون حياتهم الطبيعية الآن إلى حدٍ ما".
ضبابية يبددها بصيص أمل
في عام 2003، لعب منتخب أفغانستان في كابول مباراة شهدت الخسارة التاريخية الأكبر على مستوى المنتخب، بعد السقوط بنتيجة 11-0، ثم تطورت الكرة نسبياً هناك حتى 2021.
التحول الحاصل هناك قد يستغرق وقتاً حتى تصل البلاد إلى فترة الاستقرار على كافة الصعد، لكن هناك بعض الإشارات التي قد تعطي دلالات مبشرة وإيجابية للرياضيين.
البداية مع ظهور مقاتلي "طالبان" في النادي الرياضي بالقصر الرئاسي بعد دخول الحركة إلى كابول، خاصة أن الوصول إلى هناك جاء بدون إراقة الدماء.
وبدا مقاتلو الحركة سعداء باللهو على الآلات الرياضية وحمل بعض الأثقال، في مشهد ربطه البعض بأن الحال لن يكون سوداوياً.
دليل آخر قد يثبت أن القطاع الرياضي لن يحذف بالكامل من قاموس البلاد، وهو تصريح ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حركة "طالبان"، الذي قال في أول مؤتمر صحافي "نتعهد السماح للنساء بالعمل في إطار احترام مبادئ الإسلام" أي بارتداء الحجاب أو غطاء على الرأس.
ما يؤكد أن "طالبان" هذه المرة قد تعطي حرية ممارسة الرياضة هو تركيز مجاهد على نقطة مهمة "العقيدة والمعتقدات لم تختلف عن الماضي، لكن إذ كنا نتحدث عن الخبرة والنضج والبصيرة فمن دون شك هناك اختلاف كبير، الخطوات اليوم ستكون مختلفة بشكلٍ إيجابي عن الخطوات الماضية".
بين عامي 1996 حتى 2001، تم حظر كلّ وسائل الإعلام باستثناء محطة "صوت الشريعة" التي كانت مرتبطة بحركة "طالبان"، لكن في الوقت الحالي، فإن "الصحافيين العاملين لصالح الدولة أو مؤسسات إعلامية خاصة ليسوا مجرمين ولن يحاكم أي أحد منهم، هم مدنيون وهم شبان موهوبون يشكلون مصدر غنى لنا".
بدوره، قال المتحدث باسم "طالبان"، قبل أيام، سهيل شاهين "إن ارتداء المرأة للبرقع بات اختيارياً، مع وجوب ارتداء الحجاب على الأقل"، لكن السؤال هنا ماذا عن الرياضة النسوية؟ الإجابة حقيقة مبهمة وصعبة حالياً.