بعد سيطرة 9 سنوات على الدوري الإيطالي بالطول والعرض، يبدو أن فريق يوفنتوس سيستسلم هذا الموسم لواحد من قطبي "ميلانو". ليكون السؤال: لماذا وصل يوفنتوس إلى هنا، وهل بيرلو فعل ما يجب أن يفعله حتى الآن؟
بيرلو وعالم التدريب
لم يخض بيرلو تجارب تدريبية كثيرة مع أندية من الصف الأول، وتجربة يوفنتوس هي الأولى في مسيرته، فهو قبل أيام من تعاقده مع "البيانكونيري" أنهى دراسته للتدريب وأصبح مدرباً رسمياً. ومن هنا أراد بيرلو تقديم أسلوب لعبه وفكره التكتيكي.
وفقاً لتقرير مرئي أعده موقع "تيفو فوتبول"، فإن بيرلو تأثر كثيراً بأسلوب لعب يوهان كرويف وغوارديولا في برشلونة، فان غال أياكس أمستردام، أنشيلوتي ميلان وكونتي يوفنتوس. بيرلو يريد لعب كرة قدم جماعية وشاملة.
أسلوب لعب بيرلو وأفكاره
بيرلو من المدرسة الكروية الحديثة التي لا تهدف فقط لتمركز اللاعبين وفقاً لرسم مُعين، بل مدى فعالية كل لاعب والمجموعة، وقدرتهم على التأقلم في كل المراكز. فبيرلو يريد السلاسة على أرض الملعب، تبادل المراكز والتحرك باستمرار في الملعب.
عندما يلعب بيرلو برسم (4-2-3-1)، الفريق يتحول إلى ما يُشبه (4-4-2) في الحالة الدفاعية و(3-2-5) في الحالة الهجومية، مع تراجع ظهير لتشكيل ثلاثي دفاعي، وتقدم الآخر للعب دور الجناح خصوصاً في الهجمات السريعة. ويسعى بيرلو دائماً لخلق كثافة عددية في كافة أرجاء الملعب.
ولأن بيرلو متأثر بطريقة لعب غوارديولا وكرويف، فهو يُحب الضغط العالي في الأمام لاسترجاع الكرة سريعاً، ومنع المنافس من البناء المُنظم من الخلف. هذا عدا عن هوسه بالـ"Build-up" من الخلف دائماً (توسيع الملعب، الاختراقات في الثلث الأخير، توسيع ملعب اللعب خلف ظهر المنافس...).
فكرة البناء من الخلف تتطلب تركيزاً عالياً وخيارات تمرير كثيرة، حرصاً على عدم خسارة الكرة في الخلف بسبب الضغط أو التشتيت السلبي. وعليه بيرلو، يُحاول دائماً استخدام حارس المرمى كلاعب رابع خلف المدافعين، ويؤمن له 3 خيارات للتمرير (يمين، يسار، وسط دفاعي متأخر، وسط مُتقدم للاستلام).
التحركات والـ"3rd Man Run"
يطلب بيرلو من لاعبيه الحركية الدائمة في الثلث الأخير أو منطقة العمليات الهجومية. جناح نحو الداخل، لاعب خط وسط يصعد نحو أعلى الخط أكثر، وكل هذا بهدف خلق مساحات عبر جذب المنافس وإخراج لاعبيه من تمركزهم الدفاعي.
وهنا ركز بيرلو كثيراً على فكرة الـ"3rd Man Run"، ولعب هذا الدور بامتياز، آرون رامسي. هو اللاعب الذي يبقى قريباً من اللعبة، لكنه يركض خلف المدافعين لاستلام تمريرة اللاعب الثاني في الوقت المناسب (A يُمرر لـB، والأخير إلى C المُنطلق سريعاً خلف المدافعين).
وبعيداً عن النظام والرسم التكتيكي، بيرلو يُحب الإبداع في الثلث الأخير، يريد من اللاعبين أن يكونوا خلاقين مُبدعين بعيداً عن النظام فقط. وعليه يطلب منهم أن يأخذوا حرية أكبر في صناعة ما هو جميل والابتكار في صناعة الخطورة.
حسناً، ماذا يحصل في يوفنتوس اليوم؟
بعد أن عرضنا أفكار بيرلو التدريبية والتكتيكية، يُمكن طرح سؤال لماذا لم ينجح كل هذا في يوفنتوس هذا الموسم؟ بدايةً شكل الفريق الهجومي لم يبدُ سيئاً حتى الآن، أقله وفقاً للأرقام والإحصاءات.
ففي معظم مباريات فريق يوفنتوس، كان فريق بيرلو هو الأكثر خطورة وفقاً للفرص المتوقعة والمُسجلة (XG)، أكثر من المنافسين. هذا الأمر يعني أن المدرب نجح في تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه في الثلث الأخير. لكن كُل هذا يحتاج لفعالية حقيقية أمام المرمى طبعاً.
رونالدو مثلاً سجل في الموسم الماضي 31 هدفاً من أصل 76 سجلها يوفنتوس محلياً، بينما سجل هذا الموسم 19 هدفاً من أصل 45 سجلها الفريق في الدوري حتى الآن. ما يعني أن نسبة مساهمة رونالدو لم تتغير كثيراً، إنما قدرة الفريق على الحسم انخفضت عن السابق.
مع الإشارة إلى أن بيرلو بدأ يستخدم الكثير من العناصر الشابة التي ستكون نواة مستقبل فريق يوفنتوس والأمثلة كثيرة. وجميعهم يحتاجون لوقت لكي ينضجوا ويقدموا أداءً ثابتاً، خصوصاً أن الفريق يُعتبر في مرحلة انتقالية.
إلا أن بعض الأرقام الدفاعية تُوضح جيداً ما يريده بيرلو في يوفنتوس. فالفريق الذي كان ثامناً في الموسم الماضي على صعيد أكثر الأندية استخداماً للضغط العالي، أمسى اليوم ثالث أفضل الأندية الإيطالية في عمليات الضغط على المنافس.
كما أن يوفنتوس تقدم من المركز الثامن إلى الثالث أيضاً، في قائمة الأندية القادرة على خلق تمريرات في منطقة المنافس خلال 90 دقيقة. ما يعني أن الفريق تحسن مع بيرلو على صعيد نسبة تواجد لاعبين في مناطق خطيرة قرب مرمى المنافس.
كل هذا العمل يحتاج لوقت، فبيرلو حتى الآن قدم المطلوب وأظهر للجميع أسلوبه التكتيكي الذي يريده مع يوفنتوس وأفكاره الفنية التي يُريد من فريقه تطبيقها. إلا أن كل هذا العمل يحتاج لنجاح ملموس يُختصر بالانتصارات والكؤوس طبعاً.
وعليه فإن كل الثقة بأندريا بيرلو لا تكفي، عليه أن يفوز.